in

ما هو المسلسل الأكثر شهرة في ألمانيا؟

كريستينا هويشن | ترجمة رزان الصياصنة

“زوج من العيون رُصدا في مرمى الهدف” إنها عبارة مقتطفة من شارة بدء المسلسل الأكثر شهرة في ألمانيا -تات أورت (Tatort) ولكن، ماذا عن هذا المسلسل الذي استمر عرضه وبلا انقطاع منذ عام 1970؟

مساء كل يوم أحد، وفي الساعة الثامنة والربع، وبعد نشرة الأخبار، يتراءى لك بأن كل سكان ألمانيا جالسون أمام أجهزة التلفاز في غرف معيشتهم أو في المقاهي يتابعون المسلسل الشهير. وبصعوبة أشبه بالمستحيلة، يمكنك في هذه الأثناء إجراء أي نوع من الاتصال مع أحدهم. فالجميع في هذا الوقت يتابعون تات أورت: مسلسل الجرائم المفضل في ألمانيا.

وفقا لهيئة إدارة برامج قناة الـ ARD، فإن حوالي 9.02 مليون مشاهد تابعوا المسلسل عام 2016، وكانت قناة ARD قد بدأت عام 1970 بإنتاج مسلسل الجرائم تات أورت بالتعاون مع قناتي ORF النمساوية وSRF السويسرية. بدأ كل شيء بحلقة (سيارة أجرة إلى لايبزغ) والتي يقوم خلالها محقق من هامبورغ بإجراء تحقيق عابر للحدود الداخلية الألمانية. في حين تم في العام الماضي بث الحلقة رقم 1000 وبهذا العدد من الحلقات أصبح هذا المسلسل الأطول والأكثر شهرة في المانيا.

تدور حلقات المسلسل حول العديد من المواضيع مثل الفضائح البيئية، الاستغلال الجنسي، الإرهاب بكافة أشكاله، والاتجار بالبشر. تعتبر التطورات على الصعيد الاجتماعي والسياسي والفضائح ركائز لبناء حلقات المسلسل وبشكل مستمر، حيث يستخدم كتاب السيناريوهات مسلسل تات أورت في تكييف المواضيع الحساسة اجتماعيا وطرحها بطرق شعبوية.

الإسقاطات الإقليمية

منذ أن قام الرئيس السابق للأفلام المتلفزة “غونتر فيته”  بتقديم فكرة المسلسل عام 1969، أرفق معه الطرح التالي: “المحقق يجب أن يكون دائمًا محور الحلقة، وكل قصة يجب أن تمتلك جذورًا إقليمية بالإضافة إلى كونها قصة ممكنة الحدوث على أرض الواقع”. يستخدم الممثلون اللهجات المحلية والمصطلحات الإقليمية بالإضافة إلى تصوير الكثير من الأبنية المعروفة ضمن حلقات المسلسل. في الواقع، تمتلك جميع حلقات مسلسل “تات أورت” إسقاطات مناطقية وخصائص محلية ومستمرة بهذا النهج حتى يومنا هذا. وإن متل هذا النوع من الإسقاطات لم يقتصر فقط على المدن الكبيرة كهامبورغ، ميونخ، كولونيا وبرلين، إنما تعداها إلى المناطق الريفية.

وتجاوز الأمر ذلك، بحيث تم التركيز على كل محقق في المسلسل بشكل متفرد، بطريقته الخاصة في تنفيذ التحقيق وعلى مشاكله الشخصية أيضًا. فالمحقق بويرنه والمحقق تيل من مدينة مونستر، يقومان  باستفزاز بعضهما كل الوقت، بينما يتميز المحققان بالاوك وشينك من مدينة كولونيا بأكلهما للسجق في كل حلقة، في حين يقدم المحققان ليسنغ ودورن من مدينة فايمر شخصية المهرج في المسلسل. وفقا لقناة ARD فقد تم تقديم 22 فريق تحقيق مختلف على امتداد 20 منطقة مختلفة من ألمانيا، النمسا وسويسرا.

وفي حين يتفق معظم الألمان حول كون هذا المسلسل هو الأفضل على الإطلاق إلا أنهم يختلفون حين يتعلق الأمر بتحديد فريق التحقيق الأفضل من بين الجميع. أما بالنسبة للإحصائيات التي يجريها مكز ستاتيستا، فإن فريق مونستر هو الفريق الأفضل حيث أن 13.2 مليون مشاهد تابعوا حلقات المسلسل في الفترة الممتدة بين تشرين الأول 2014 وتشرين الاول 2016.

“تات أورت” وقصص من وحي الخيال

لا يعلم كثيرون حقيقة كون القصص في مثل هذه المسلسلات خيالية، وعلى ما يبدو، فلقد تحولت بعض شخصيات المسلسل وممثليها لوحدة غير قابلة للفصل بالنسبة لبعض المشاهدين، وخاصة الشخصيات المشهورة، لدرجة أصبح فيها الممثلون وفي حياتهم اليومية، يلقبون بأسماء أدوارهم في المسلسل.

والمزيد من ذلك، فقد شعرت شرطة ميونخ، خلال بث إحدى حلقات المسلسل، بالحاجة للتغريد على تويتر قائلة إن طرائق التحقيق المتبعة ليست دقيقة، وفي حادثة أخرى معلقة على موضوع البيرة قائلة إن شرب البيرة خلال أوقات الدوام غير مسموح، حتى ولو كانت خالية من الكحول. وفي وقت آخر غردت قائلة إن على الأطباء الشرعيين التقاط صور الأدلة وتأمينها قبل أن يقوم رجال فريق التحقيق بلمسها.

في نهاية المطاف، وسواء كان الناس يكرهون “تات أورت” أو يحبونه إلا أنه سيكون دومًا محورًا ثابتًا لنقاشاتهم تماما كحالة الطقس، و إن 162 جثة احتوتها حلقات المسلسل العام الماضي كافية لفتح الكثير والكثير من النقاشات.

المرأة اللاجئة بين الزواج الديني والزواج المدني

في دور الجندرة وطبخ المجدّرة: أدوار الرجل والمرأة في المطبخ وانعكاساتها في الغربة