in

في حرية ممارسة الشعائر ما بين الشرق والغرب

رشا الخضراء*

لعل من أوضح الفروق بين المجتمع الشرقي والغربي هو الدائرة المجتمعية المحيطة بالفرد، حيث يعيش الفرد في العالم العربي ضمن جو عائلي بين أهله وسكان حيه ومحيط عمله، وبقدر ما يقدم هذا المجتمع من دفء، فإنه يمارس ضغوطاً تهدف إلى التحكم بالفرد وقولبته ضمن ضوابط المجتمع مهما كانت جائرة. بينما يتمحور المجتمع الغربي حول الفردانية، واحترام الحياة الخاصة للفرد وتمجيد استقلاليته، ولكن في نفس الوقت يفتقر هذا المجتمع إلى الدفء.

ولا يمكن التشكيك بالأهمية الكبرى لتمتع الإنسان بالحرية، وعلى رأسها حرية المعتقد وحرية التصرف، وأبرز ما يبدو لنا في شهر الصيام هو مدى الحرية التي يتمتع بها الفرد ليمارس طقس الصيام أم لا.

في مجتمعاتنا لا يمكن للفرد غير الصائم في حال كان مسلماً أن يجاهر بإفطاره أو أن يمارس حياته الطبيعية كما يختارها هنا وكما اعتادها، وفي بعض الدول حتى لو كان الشخص غير مسلم، فإنه مضطر تحت طائلة العقوبة لاتباع العرف العام بعدم المجاهرة بالإفطار “احتراماً أو مراعاةً” لمشاعر الصائمين.

فيمارس المجتمع في هذه الحالات دور الإله الحاكم الذي يفرض عقوبات صارمة على المفطر، في حين يستطيع هذا الشخص نفسه في ألمانيا أن يمارس قناعاته بأي أمرٍ كان دون أن يسأله المواطن الألماني لماذا! هنا تمارس قناعاتك لانها صادرة منك وليس لإرضاء المجتمع وهذا هو التصرف الذي يبنى عليه سواء كان بالفعل أم عدم الفعل.

حرية اتخاذ القرار في الأمور الدينية والمعتقد والطقوس دون أن يتم الحكم على الشخص إنسانياً هو أمر بالغ الأهمية بل هو مفيد للمتدينين أيضاً حيث يضمنون أن ما يظهره الشخص يتوافق مع ما يعتقده وهذه ظاهرة صحية جداً.

ما أود أن أعبر عنه هو أن أهم قيمة نخرج بها من عيشنا في الدول الأوروبية هي تقدير أهمية الحرية الشخصية في اتخاذ القرار وبالتالي تحمل تبعاته. وأيضاً تقدير أهمية فصل معتقد الشخص عن قيمته وأهميته وصلاحه في المجتمع.

وأخيرا عند حلول العيد لابد من اعتباره فرحاً للجميع مهما كان توجههم الديني أو فيما إذا قاموا بالصيام أم لا، فنحن نبحث عن ساعات الفرح التي توحد الأفراد دون أن نضعها ضمن قالب يخص مجموعة معينة من مكونات المجتمع.

*رشا الخضراء. إعلامية سورية مقيمة في ألمانيا

اقرأ/ي أيضاً:

“في حواليك بيت؟” دور السماسرة في أزمة السكن البرلينية

ملف العدد 40 عن التنمر.. وأطفالنا هم الضحية

مشكلة الارتباط في الغربة.. أمهات يبحثن عن عرائس على الفيسبوك، وفتيات يرفضن التسليع

“إعلان حماية حقوق الإنسان في البحر” وثيقة لمواجهة اليمين الإيطالي

فرانكي دي يونغ…. عندما تحتاج وسط متكامل