in

“ضع نفسك مكاني”: برأي الألماني كم تحتاج من الوقت لتستقر؟

تقرير وفيديو رشا الخضراء

إعلامية سورية مقيمة في ألمانيا

نتعرض بشكل دائم لتصرفات وانطباعات وأحكام مسبقة تفسد جماليات الحياة من حولنا، نشعر جرائها بالظلم وتعكر المزاج، مما يجعلنا نقوم نحن أيضاً من حيث لا نشعر بنفس التصرفات التي تؤذي مشاعر غيرنا، ونطلق أحكاماً جائرة ونرفع من سقف مطالبنا تجاه أشخاص لم نرى أو نشعر بتجربتهم!

ربما كان السبب من وراء حدوث هذه السلوكيات أننا لا نضع أنفسنا مكان الآخر، فإذا طلبت من موظف لديك ألا يأخذ إجازته رغم مرضه لأنك تظن أن العمل أهم هنا، فهل ترضى أن ينتظر أطفالك إجازتك دون جدوى لأن عليك أن تعمل حتى في العطل!

من المفيد كي نفهم معاناة الشخص أن نضع أنفسنا مكانه، أن نحاول فهم معاناته، وربما أن نخوض في تفاصيل تجربته. هناك حكمة تقول: ضع نفسك مكاني وأنظر إلى الأمور من منظوري الشخصي حتى تتمكن من الحُكْم على الأشياء من زاوية أخرى غير التي تُركّز عليها. وقد تكون هذه التجربة أو محاولة رؤية الأشياء من وجهة نظر الآخر كفيلة بأن تغيّر وجهة نظرنا الشخصيّة وتدفعنا للاعتراف بصحة الرأي الآخر، أو على أقل تقدير تفهّم وضعه أو معاناته.

إحدى التجارب الحياتية التي يصعب على بعض الناس استيعاب صعوباتها وحجم المعوقات التي تتخللها هي تجربة اللجوء بعد الحرب، يضاف إليها تجربة البدء بحياة جديدة من تحت الصفر. كلا التجربتين تحمل في تفاصيلها الكثير من الضغط النفسي والاجتماعي والجسدي، وقد يكون من الصعب على المراقب الخارجي أن يشعر بكل تلك التفاصيل، وقد يبدأ بإلقاء اللوم الشديد على اللاجئين عند مشاهدة الأخطاء أو البطء في تحقيق الإنجاز أو الاندماج في المجتمع الجديد.

يشبه ذلك معلّم اللغة غير المحترف، الذي لا يدرك صعوبة تعلم لغته الأم ويستغرب عدم قدرة المتعلم على تركيب جمل يعتبرها بديهية، ويبدأ بعملية المقارنة بين طلابه دون مراعاة التفاوتات الفردية والمقدرات المختلفة والحالة للنفسية للمتلقين!

لا بد للإنسان أن يتوقف قليلاً ويقوم بتغيير الزاوية التي ينظر إلى الأمور من خلالها، وأن يستمع بعناية إلى الآخر ويحاول أن يضع نفسه مكانه حتى يتمكن من فهم وجهة نظره، بدلاً من حالة الجمود في الرأي التي يعاني منها البعض.

قمت في هذا التقرير بالنزول إلى أحد الأسواق الأسبوعية “كولفتز بلاتز” في برلين وهي منطقة غالبية سكانها من الألمان والأجانب، وطرحت السؤال التالي، تخيّل نفسك هاجرت إلى بلد جديد، كم من الوقت تحتاج لتبدأ حياة جديدة بما في ذلك تعلم للغة والدخول في سوق العمل والشعور بالاستقرار. وذلك في محاولة مني لجعل من يشاهد الفيديو من الألمان يتفهم وضع عدد كبير من اللاجئين الذين يحاولون جاهدين أن يصبحوا مواطنين مساهمين في المجتمع الألماني.

بالصدفة كان هناك اثنان من الذين قابلتهم في التقرير وأجابوا عن الأسئلة قد مرّا فعلاً بتجربة الهجرة والبدء بحياة جديدة، أحدهما من ألمانيا الغربية كان قد هاجر إلى ألمانيا الشرقية، والآخر من أستراليا هاجر إلى ألمانيا. والجدير بالذكر أن كليهما أعطيا مدة متماثلة قد تصل إلى عشر سنوات للشعور بالاستقرار!

كما تم التفريق بين من هاجر طوعاً ومن أجبر على الهجرة نتيجة ظروف قاهرة كالحرب.

من المؤكد أننا لا نبحث عن مبررات للتقصير أو نستدر العطف والمشاعر، على العكس تماماً نحن نحاول أن نشحذ همة القادم الجديد ونطمئنه بأن شعور الاستقرار ممكن ولكنه يحتاج إلى الصبر والمثابرة. ولكي نكون موضوعيين فإن تقبل المجتمع المضيف للقادم الجديد هو عامل هام كما أشارت إحدى المتحدثات في الفيديو. لهذا على القادم الجديد البحث عن مجتمع داعم محب حوله حتى إذا اضطر إلى خلقه حتى يسّهل خطوات المقبلة في البلد الجديد.

ويمكنكم مشاهدة الفيديو: 

اقرأ/ي أيضاً:

الإيدز هل هو مرض أم وصمة عار!

المصطلحات العنصرية في الإعلام وعلى ألسنة بعض الألمان

هل هناك عنصرية في ألمانيا؟ داء العنصرية أسبابه ونتائجه وعلاجه

129 عام من الشقاء… يوم واحد من السعادة…

السكريات وخطورتها