in

المكتبات العامة في ألمانيا – الجزء الثاني

ياسمين عيّود – باحثة في مجال التربية وعلم الاجتماع

المكتبات العامة في ألمانيا – الجزء الثاني

أنت طالب جامعة تسكن مع أهلك، لكن الجو العام لا يسمح لك بالتركيز في الدراسة أو العمل؟

أنت طالبة تعيشين في سكن مشترك، الموسيقى فوق المستوى الطبيعي بشكل دائم؟

أنت طالبة أو طالب مرحلة إعدادية أو ثانوية، تعلمت اللغة حديثاً ربما ولا تستطيع إنجاز فروضك لوحدك؟

أنت أم او أب يتحمل مسؤولية أطفال عدة ذوي أعمار متفاوتة؟

أنت باحث أو باحثة في المجال الأكاديمي؟

جميعكم تبحثون عن مكان هادئ للدراسة، للمطالعة، للعمل، لحضور مجموعة نشاطات متنوعة وممتعة.. ليس لكم إذاً سوى زيارة مكتبة الحي الذي تقطنون فيه.

الرائع في الثقافة الألمانية هو ثقافة احترام الكتاب وقارئه، وفي سبيل ذلك تبذل الكثير من الجهود لاستمرار اجتذاب الناس من مختلف الثقافات واللغات للمكتبات في ظل الرقمنة التي تغزو عصرنا.

فزائر المكتبة يمكنه التمتع بجو مريح وهادئ للتركيز في دراسته أو عمله، على سبيل المثال يمكن لعشاق المكتبات الاستيقاظ في الساعة الثامنة صباحاً وشرب القهوة وتحضير الحقيبة بحاسوب وعلبة طعام وماء للتوجه مباشرة لأقرب مكتبة، حيث تفتح أبوابها الساعة التاسعة صباحاً لاختيار المكان المناسب، لأن الازدحام يبدأ من الساعة الحادية عشرة وما بعد.

هناك تستطيع الاستفادة من مجموعة خدمات أولها خزانة لأغراضك ثم البحث الإلكتروني عن الكتاب الذي تريده والاستفادة من الإنترنت المجاني، وشرب القهوة في الكافيه والأكل أيضاً، والاستعارة المجانية للكتب والوسائط المتعددة كالأقراص المدمجة لمدة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع والتي تستطيع تمديدها في حال الضرورة عبر حسابك المباشر في المكتبة دون أن تقع في عبء غرامات التأخير.

إذا كنت من محبي الموسيقى ولا تملك آلة للتدريب، ما عليك أيضاً سوى التوجه لمكتبة الحي حيث توجد صالة مخصصة للتدريب على العزف على آلات متنوعة، لربما شاهدت أحدهم أيضاً يضع سماعات ويعزف الأورغ أو البيانو بلا صوت ما بين رفوف الكتب.. نعم لا تتعجب إنه يتدرب على معزوفة أو يستمتع بتأليف موسيقاه الخاصة.

أنت من محبي المطالعة وقراءة الجرائد اليومية، أو أحدث الكتب، ليس عليك إلا التوجه إلى المكتبة بالوقت الذي تريده قبل الساعة الثامنة مساءً حيث تغلق المكتبات العامة أبوابها، باستثناء بعض المكتبات الملحقة بالجامعات حيث تغلق الساعة العاشرة مساءً.

والأجمل أن معظم المكتبات تفتح أيام الآحاد لتثبت مقولة أن المكتبة ليست مجرد مؤسسة ثقافية فحسب، بل هي ملجأ للعقول والأرواح التي تبحث عن المتعة عبر القراءة والتعلم في كل يوم، إضافة لذلك إذا كنت لا تملك جهاز كمبيوتر بعد، تتوفر أعداد كبيرة من أجهزة الكمبيوتر التي يمكن لكل مرتادي المكتبة العمل عليها.

وفي حال كنت بحاجة لتصوير كتاب معين يمكنك الاتجاه فوراً لآلة التصوير والدفع أيضاً يعد رمزياً لكل ورقة، وفي حال كنت تريد سحب الكتاب عن طريق السكنر أو الماسح الضوئي تستطيع ذلك أيضاً برسوم رمزية.

أنتما والدان ولربما يتحمل أحدكما مسؤولية الأطفال، لا خيار أفضل من زيارة المكتبة بشكل يومي بعد الحديقة مع طفلك الصغير لتقرأ له الكتب المصورة، أو لتحضر في الساعات المخصصة لقراءة القصة بشكل أسبوعي ولفئات عمرية مختلفة مع أنشطة لاحقة لها، كما يمكنك القدوم بالوقت الذي يناسبك للجلوس مع طفلك /أطفالك في مساحة غنية ومريحة مخصصة لكم مع مجموعة ألعاب وقصص معروضة متناسبة مع كل فصل أو مناسبة.

وهنا لا بد من التنويه أن هناك قسم مخصص في كل مكتبة حي للأطفال واليافعين، مزود بكتب غاية في التنوع والغنى بشكل غير متوقع حيث يوجد قسم مخصص لكل نوع من أنواع أدب الطفل كالقصص التي تهتم بالناحية النفسية أو الاجتماعية وحتى الفلسفية، والكتب المصورة للصغار جداً حتى عمر الثالثة، وقسم التاريخ والجغرافيا والعلوم لكل ما هو موجود على سطح الكوكب ومكتشف حتى الآن، وقسم الاختراعات والمخترعين، قسم الكون والطبيعة، قسم الكوميك للأطفال، كذلك قسم غني جداً بالقصص الموسيقية والنوتات بالإضافة لمجموعة ضخمة من الأقراص المسموعة.

هذا بالإضافة إلى قسم مخصص لراحة الأطفال واليافعين حيث يمكنهم القراءة على الطاولات أو الكراسي وحتى على الأرض بوجود وسائد مختلفة الأحجام والأشكال، ولمواكبة العصر الرقمي هناك قسم مخصص أيضاً للألعاب الإلكترونية الفردية أو الجماعية.

للأطفال اليافعين قسمٌ خاصٌ كذلك يشمل كل ما يمكن لليافع أو اليافعة التساؤل عنه بدءاً من التغيرات الجسدية وحتى الأسئلة الكبرى في الحياة عبر كتب مصورة، كوميكس، سيديهات، روايات غاية في التنوع، كتب علمية وتاريخية وأدبية.

هذا بالإضافة لطاولات مخصصة للطلاب تحت سن ال18 والذين يحملون البطاقة المدرسية ولا يسمح للبالغين الجلوس فيها لضمان راحة الطلاب والطالبات خاصة وأن أغلبهم يأتي للعمل على شكل مجموعات لحل الفروض أو المشاريع المطلوبة في المدارس.

أما بالنسبة لطلاب الماستر والدكتوراه أو الباحثين بشكل عام فيمكنهم أيضاً حجز غرفة تخصص لهم بشكل دائم حتى الانتهاء من بحثهم وهذه الخدمة تتوفر في المكتبات الملحقة بالجامعات خاصة أو المكتبات المركزية، هذا بالإضافة لتوفر خدمات الاستعارة الرقمية لأي كتاب والتي تكون في غالبية الأحيان مجانية للطلاب وبأسعار مناسبة للعموم.

كذلك تقدم كثير من المكتبات عروضاً مميزة لبيع بعض الكتب المكررة بأسعار زهيدة يمكنكم ترقبها من خلال متابعة صفحة مكتبة حيكم أو السؤال. بالإضافة للأمسيات الثقافية التي تقيمها كتوقيع كتاب أو عزف موسيقى أو استقبال المعارض الفنية المتنقلة.

كل ما سبق ذكره من خدمات لا يكلف المقيم في ألمانيا سوى بطاقة مكتبة مجانية للطلاب ودفع مبلغ رمزي سنوي للبالغين يمكنهم من استخدام جميع عروض المكتبة من سن 16 عاماً وما فوق، أما إذا كنت تحت سن الرشد، فأنت بحاجة إلى موافقة ولي أمرك القانوني للتسجيل.

اقرأ/ي أيضاً:

المكتبات العامة في ألمانيا – الجزء الأول

المتاحف والمكتبات في ألمانيا: مكتبة لكل 9,000 شخص ومتحف لكل 12,500

كم تبلغ الكلفة التقديرية للدراسة في ألمانيا، وبماذا تختلف عن باقي الدول الأوروبية؟

من “فيسبوك” إلى “فيسبوك”!.. تغيير شعار أشهر شركة لمواقع التواصل الاجتماعي

المحاكم في ألمانيا.. أنواعها من حيث الدرجة والاختصاص