in ,

هل المرأة العربية بخير؟ الإجابة من خلال ثلاث حكايات نسوية…

اللوحة للفنانة العظيمة فريدا كالو Frida Kahlo
ريما القاق: ماجستير في إدارة النزاعات بين الثقافات المختلفة

ما بين الإدعاء أن المرأة العربية بألف خير و“معززة مكرمة“ وبين الزعم بأن الوقت الآن ليس مناسباً لهذه القضية بوجود قضايا أهم، تتنوع الأصوات التي تحاول إحباط الحركة النسوية في العالم العربي.

يمكن قراءة أبرز أحداث العام 2019 المتعلقة بالمرأة العربية كمؤشرات هامة على وضعها اليوم. 

المرأة العربية ضحية ”جرائم الشرف“ .. قضية إسراء الغريب 

أصبحنا في القرن الواحد والعشرين وما زلنا نشهد ما يسمى ”جرائم الشرف“ في كثير من البلاد العربية. فلا تدين القوانين في أكثر الدول العربية الفاعل ما دامت القصة متعلقة بنساء العائلة، فهي تعتبر قضية ”شرف“ عائلي. 

نالت قضية إسراء الغريب شهرة واسعة وتعاطفاً كبيراً من الجمهور العربي. فقد تم تعنيف وقتل الفتاة ذات الواحد والعشرين ربيعاً من قبل أفراد أسرتها بحجة ”الشرف“ إثر خروجها مع من سيصبح خطيبها ونشرها صورة لهما على الإنستغرام. 

ما زالت الذهنية العربية بشكل عام تعتبر جسد المرأة ملكية عائلية وللرجل الحق في حماية ”الشرف“ المتمثل في جسد المرأة، لولا وجود حاضن قانوني واجتماعي حامي للقتلة في حالة الشابة إسراء، لما تجرؤوا على القيام بفعلتهم المشينة.

لكن حملة الغضب التي تلت الحادثة في الشارع وعبر وسائل التواصل الاجتماعي حولت القضية إلى قضية رأي عام و ما زالت قيد القضاء بعد إدانة المدعي العام للقتلة. 

لن تكون المرأة العربية بخير إلا عندما يتم إلغاء تسمية ”جريمة الشرف“ والعذر المخفف لها وعدم السماح بإفلات القاتل من العقوبة. يبدو الحل سهلاً، لكنه ما يزال عصياً على المشرع العربي.

المرأة العربية ضحية التحرش …. حادثة تحرش المنصورة

ودعت مصر العام المنصرم بحادثة مرعبة في المنصورة، فقد تعرضت فتاتان للتحرش الجماعي عندما تجمهر العشرات تربصاً لهما، ولم تستطع الشرطة التصرف الفعال إزاء هذه الأعداد. ما تطلب عملية إخلاء للفتاتين اللتين اختبأتا في متجر موبايلات في البداية، ثم في مركز تجميل لخوف صاحب المتجر من تكسير الجموع لمتجره، لهذه الدرجة كانت الجموع هائجة ولهذه الدرجة لم يتمكن أحد من حماية الفتاتين. وقد تعرضت إحداهما بالفعل للتحرش الجسدي الجماعي أثناء خروجها مع أنها محمية من قبل مجموعة من الشبان. 

قد يظن المرء أن حادثة التحرش بحد ذاتها هي أبشع ما يمكن تصوره، لكن للمفاجأة كان هناك ما هو أكثر بشاعة وهو ردود فعل الكثيرين والقائمة على لوم الفتاتين اللتين كانتا خارجتين ليلاً ومرتديتين ما اعتبر ”لباساً مثيراً“. كل ما يتعلق في هذه القضية كارثي؛ من التحرش بحد ذاته،  إلى لوم الضحية، إلى اعتبار أي فتاة خارجة في الليل مستباحة للتحرش، إلى إعطاء مسوغ للشباب للتحرش.

ما يجدر بالذكر أن غضباً شعبياً أيضاً تصدر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي باعتبار التحرش الجماعي غير مقبول وغير مبرر. لكن وجود النقاش والجدل بحد ذاته يعتبر أمراً رجعياً ومؤسفاً. لوم الضحية وإعطاء مسوغ للرجل وعدم تجريمه من الأمور المكررة بوجود حاضنة شعبية في مجتمعنا العربي حتى اليوم. 

لن تكون المرأة العربية بخير إلا عندما تحميها السلطة التشريعية والتنفيذية من التحرش من خلال تجريم المتحرش بغض النظر عن لباسها وتوقيت خروجها.

المرأة العربية الأم .. هروب الأميرة هيا إلى بريطانيا

من منا لم يسمع بقصة هروب الأميرة هيا بنت الحسين مع أولادها إلى بريطانيا؟ لن أغوص هنا بأسباب وتفاصيل هروبها، بل بأسباب  عدم لجوئها إلى أي بلد عربي مع العلم أنها بنت ملك راحل وأخت ملك حالي. هل من المعقول ألا يوجد بلد عربي، بما في ذلك بلدها، يمكن أن يكون ملجأ لأميرة عربية، ألهذه الدرجة يوجد اعتبارات فوق القانون مثل السلطة والنفوذ والفساد والقبيلة؟ ألهذه الدرجة لا يوجد قانون ينصف المرأة وحقها بحضانة أطفالها؟ وهنا يبرز السؤال الأهم، ما حال المرأة العادية إذاً؟ أي حيف وظلم تتعرض له المرأة في الوطن العربي ليكون أي بلد أوروبي ملجأ وملاذاً لها؟

ما يزال موضوعا السفر والحضانة من الأمور المستلبة من المرأة العربية، فلا يمكن لها السفر مع أبنائها دون تصريح الزوج مع إمكانية سفر الأب مع الأبناء دون إذن الأم وذلك في كافة بلدان عربية،  بل لا يحق لها استحصال جواز سفر دون موافقة الولي في بلدان أخرى.

حضانة الأطفال سلاح يلوح به الزوج وخصوصاً في حال قررت المرأة الزواج أو السفر. محمياً من القانون والعادات والتقاليد يستطيع الرجل أن يحرم الزوجة من الأطفال بسهولة. وللمفارقة، فقد توفيت الناشطة النسوية اللبنانية نادين جوني دون أن تتمكن من  الحصول على حق حضانة ابنها بعد طلاقها.

لن تكون المرأة العربية بخير إلا عندما تحمي السلطة التشريعية والتنفيذية حقها الطبيعي والغريزي باحتضان أطفالها مهما كان مركز زوجها.

حقوق المرأة في الدول العربية

تبقى حقوق المرأة متفاوتة بين بلد عربي وآخر، فتونس على سبيل المثال  تقدم النموذج الأكثر تقدماً عربياً في حصول المرأة على حقوق ما تزال حلماً نسوياً في بلاد أخرى. في حين تشترك كافة الدول العربية بعدم وجود حماية حقيقية للمرأة في بيتها أو في الشارع، فهي معرضة للعنف الأسري، القتل باسم ”الشرف“، التحرش اللفظي والجسدي، الحرمان من الأولاد وفي النهاية اللوم. 

تعود هذه المشاكل إلى التشريعات والقوانين التي لا تنصف المرأة من جهة، وإلى تنفيذ بعض القوانين الموجودة من جهة أخرى. فمع وجود قوانين تجرم التحرش مثلاً، قد تمنع العادات والتقاليد والخوف من الفضيحة واللوم وإساءة السمعة قيام النساء بالادعاءات ومتابعة القضية. 

يكمن جزء كبير من الحل بمشاركة نسائية في السلطة التشريعية واللجان الدستورية، إضافة إلى تكثيف عمل المنظمات المدنية والمشاركة في حملات الدعم الالكترونية. 

يشكل ما نشهده اليوم من حراك شعبي ضد ظلم المرأة، حضور المرأة في الشارع الثائر واستخدام الانترنت لنشر الوعي والتضامن دعامات متينة في أرضية الحركة النسوية العربية  يمكن أن يبنى عليها غداً أفضل للمرأة العربية.

اقرأ/ي أيضاً:

شجون نسوية في ذكرى الثورة السورية

في اليوم العالمي للمرأة.. طريق الحرية ما يزال طويلاً

الأدب النَّسوي في المشهد الثقافي العربي بين القبول والرَّفض

بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – الإعلامية عبير قبطي

ألمانيا: تقدم ملموس في عملية تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا