in

العدوان التركي يقوض سلام وزيتون عفرين السورية

مظاهرة في عفرين ضد العملية العسكرية التركية. 19 كانون الثاني 2018

سردار ملا درويش*

تشتهر مدينة عفرين الواقعة بريف حلب في سوريا، بأشجار الزيتون التي تلف قراها ولا يخلو منها منزل، وبأرضها الخصبة وناسها الطيبين، ويعرف عن أهلهم طبيعتهم المنفتحة، ورفضهم لأي فكر متطرف بينهم. ويبلغ عدد سكانها نحو مليون ومئة وخمسين ألف نسمة منهم ٣٥٠ ألف نازح من محافظات أخرى.

ولطالما عرفت عفرين برمزية أغصان الزيتون التي ترتبط بمفهوم السلام، فأهلها يؤمنون بالسلام فعلًا، وبهذا استطاعوا تجنيب منطقتهم ويلات الحرب السورية لسنوات. وتابعوا الاهتمام بصناعة الزيوت والصابون والألبسة، حتى غطت حاجات المحافظات السورية، في حين توقفت معامل دمشق وحلب جراء الحرب.

ارتباط أهل عفرين بالصناعة والاقتصاد يعود لمجاورتهم لمدينة حلب (المدينة الصناعية الأهم في سوريا)، فأصبحت عفرين رائدة الصناعة في البلاد خلال السنوات الأخيرة، لاسيما بعد استقطابها لمئات آلاف النازحين والمعامل والمشاغل من محافظة حلب ومحافظات أخرى، بسبب أمانها وإنسانية أهلها.

تشهد عفرين منذ العشرين من شهر كانون الثاني \ يناير، اعتداءً تشنه الدولة التركية مع فصائل من المعارضة السورية المسلحة (درع الفرات)، في حملة حملت اسم “غضن الزيتون”، بحجة تطهير المنطقة من “وحدات حماية الشعب” التي تقول أنقرة إنها تتبع “حزب العمال الكردستاني” وتصفهم بــ “الإرهاب”. كما تسيطر على المدينة قوات سوريا الديمقراطية التي تعتبر وحدات حماية الشعب عمودها الفقري.

يعتقد محللون أن الهدف من الاعتداء التركي هو إيقاف أي مشروع كردي في سوريا، ويدعم تقدمَ الأتراك صمتٌ أمريكي تجاه حلفائهم الكرد، وعقد صفقة سياسية بين تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري، تتغاضى بموجبها روسيا والنظام السوري عن عفرين، مقابل أن تتغاضى تركيا عن تقدم النظام في إدلب شمال سوريا.

وكان مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية قد استولوا على مناطق عدة في شمال شرق سوريا من يد تنظيم داعش.

واعتبر الكثير من السوريين أن التدخل التركي في سوريا، خرقٌ للأعراف والقوانين، مؤكدين على أن تجربة تحالف المعارضة مع تركيا هي لصالح الأتراك فقط كما حصل في مناطق درع الفرات، فهي اليوم أشبه بمحمية تركية وجميع الأمور تدار من قبل تركيا وتركمان سوريا الموالين للحكومة التركية. إلا أن جزءاً من المعارضة السورية متمثلاً بالائتلاف الوطني السوري والحكومة السورية المؤقتة والأخوان المسلمين، عبروا عن تضامنهم مع التدخل التركي في سوريا.

ميدانيًا..

تشهد مدينة عفرين ونواحيها منذ بدء الاعتداء التركي، قصفاً يستهدف مواقع يتواجد فيها مدنيون، وتقوم الطائرات التركية باستطلاعات جوية تستهدف المنازل والمعامل ومحطات الوقود، إضافة إلى نقاط عسكرية. كما تشهد المناطق المتاخمة للحدود التركية معارك بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والقوات التركية والقوى السورية الحليفة لها، وأسفر القصف والمعارك عن فقدان مدنيين لحياتهم وإصابة العشرات. كما شهدت بلدات في مناطق الشهباء (حربل وأم حوش) اشتباكات بين قسد  وفصائل درع الفرات.

وتكثف القصف التركي على نواحي راجو وجنديرس وشيراوا وشران وبلبل وقراها الحدودية، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين كما شهدت قرية كفرصفرة سقوط قذائف من راجمات الصواريخ، أدت لتدمير ١٥ منزلًا لمدنيين.

إلى جانب الحملة العسكرية قامت تركيا بالتشويش على شبكات الاتصال، حيث يستخدم أهالي عفرين الاتصالات والإنترنت عبر الشبكات التركية، بحكم موقعها الحدودي. وبرغم اعتراف الإعلام الحربي من الطرفين بسقوط مقاتلين، لكن لم يُعلَن رصد دقيق لقتلى وجرحى وأسرى الصراع.

هدف تركيا بالتقدم الأولي هو السيطرة على بعض المناطق الاستراتيجية المطلة على عفرين، مثل “جبل برصاي” وجبل “gir”، بينما المحاولات الأولى فشلت.

إنسانيًا، التجأ الناس من بعض القرى إلى قرىً أكثر أمنًا أو إلى مركز المدينة، فيما التجأ البعض إلى الكهوف خشية سقوط القذائف من الجانب التركي على منازلهم. وقام الناس بملء المؤونة في المنازل خشية اشتداد المعارك، مع نزوح عوائل لخارج عفرين.

سردار ملا درويش

صحفي سوري كردي

 

اقرأ أبضاً

بالفيديو: اندلاع اشتباكات بين منظاهرين أكراد وأتراك في مطار هانوفر في ألمانيا

ألمانيا تتراجع عن تعهدها لتركيا بإدخال تحديثات على دبابات “ليوبارد”، والسبب عفرين

الحكومة الألمانية تواجه اتهامات بالفساد الأخلافي بسبب تصدير للأسلحة

الضياع بعيدًا عن حلب

تسوية مالية أعقبها إطلاق سراح الوليد بن طلال بعد أكثر من شهرين من الاحتجاز

خدمة جديدة من واتس آب.. تمكنك من تجاهل الرسائل غير المرغوبة