in

إلى حين إتمام المفاوضات: حكومة تسيير أعمال في ألمانيا

دعا “فولفغانغ شويبله”، ” Wolfgang Schäuble”، رئيس البرلمان الألماني المنتخب حديثاً والمنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي (CDU) بزعامة المستشارة أنغيلا ميركل، الجميع إلى الرزانة في الممارسة الديمقراطية، بصرف النظر عن دخول حزب البديل من أجل ألمانيا (AFD) ِاليميني القومي للبرلمان.

وقال رئيس البرلمان إنه يعلم من تجربته الخاصة أن “الانفعال حين الإحساس بالأزمات ليس بالأمر الجديد”، وأضاف: “لذلك أتطلع بهدوء إلى المواجهات التي سنخوضها خلال الأعوام المقبلة”.

وتم انتخاب “شويبله” رئيساً للبرلمان من قبل غالبية عريضة من النواب، عقب انعقاد الجلسة التأسيسية للبرلمان الألماني الجديد (البوندستاغ)، فقد حصل على 501 صوت من أصل 704 أصوات صحيحة. وصوّت 173 نائباً ضده، بينما امتنع 30 نائباً عن التصويت.

“شويبله” البالغ من العمر 75 عاماً، يعد من السياسيين الأبرز في ألمانيا خلال مسيرته الحافلة والطويلة، وأقدم نائب في البرلمان الألماني حيث تم انتخابه لأول مرة كعضو في العام 1972. كما شغل مناصب عدة كوزير للمالية والداخلية لفترات طويلة، وترأس الحزب المسيحي الديمقراطي خلال الفترة الممتدة بين العام 1998 و2000. بالإضافة إلى ذلك شارك “شويبله” في العملية التفاوضية التاريخية التي أفضت إلى توحيد الألمانيتين العام 1990. ولعل المحطة الأبرز في حياته هي استمراره في العمل السياسي من دون تأثر يذكر بعد تعرضه لحادث إطلاق نار خلال إحدى الحملات الانتخابية مما أدّى إلى إصابته بشلل نصفي أجبره على استخدام الكرسي المتحرك منذ نهايات العام 1990 وحتى الآن.

يذكر أن انتخابات البرلمان التاسع عشر في جمهورية ألمانيا الاتحادية جرت في 24 أيلول/ سبتمبر الماضي، وتكبد فيها التحالف المسيحي المشكّل من الحزبين: الاجتماعي المسيحي، والمسيحي الديمقراطي، والحزب الاشتراكي الديمقراطي خسائر كبيرة في الأصوات. وعاد الحزب الديمقراطي الحر إلى البرلمان عقب خروجه منه في الدورة التشريعية السابقة. وتعدّ المرة الأولى التي يدخل فيها حزب “البديل من أجل ألمانيا” البرلمان الاتحادي الألماني.

كما زاد عدد نواب البرلمان بنسبة 12%، من 631 نائباً في الدورة التشريعية الماضية إلى 709 نائباً في الدورة الحالية. بهذا لا يعد البرلمان الحالي أكبر برلمان ألماني في التاريخ فحسب، بل وأكبر برلمان ديمقراطي في العالم أيضاً.

في المقابل انخفض متوسط أعمار أعضاء البرلمان من 49.7 سنة إلى 49.4 سنة. النائب الأصغر سناً، “رومان مولر بوم” 24 عاماً، ينتمي إلى الحزب الديمقراطي الحر. أما الأكبر سناً هو “فيلهم فون غوتبرغ” 77 عاماً المنتمي إلى حزب “البديل من أجل ألمانيا”.

وقد استاء كثير من المواطنين الألمان من نسبة النساء المتدنية في البرلمان، التي انخفضت إلى 30.7%. النسبة التي لم تكن منخفضةً إلى هذا الحد منذ الدورة الممتدة بين 1994 و1998. في ذات السياق تبين أن عدد النساء أكبر من عدد الرجال في كل من الكتلة البرلمانية لحزب الخضر (نسبة 58%) وللحزب اليساري (نسبة 54%). أما نسبة النساء لدى “حزب البديل من أجل ألمانيا” فلم تثر تساؤلات لدى الكثيرين رغم أنها لم تتجاوز 11%.

بالعودة إلى مجريات الجلسة التأسيسية للبرلمان الألماني، فقد فشل “ألبريشت غلازر”، مرشح حزب “البديل من أجل ألمانيا” لمنصب نائب رئيس البرلمان، في الحصول على الأصوات اللازمة لشغل المنصب خلال الجولة الثالثة للتصويت في البرلمان. فقد حصل “غلازر” خلال التصويت على 114 من إجمالي عدد الأصوات الصحيحة البالغ عددها 685. فيما رفض 545 نائباً التصويت له وامتنع 26 آخرون عن التصويت. وكان “غلازر”، العضو السابق بالحزب المسيحي الديمقراطي، بحاجة ل 355 صوتاً على الأقل من إجمالي 709.

وفي هذا السياق دعا الرئيس الجديد للبرلمان “فولفغانغ شويبله” إلى احترام قرارات الأغلبية في البرلمان، وقال في خطابه إنه لا ينبغي ازدراء هذه القرارات ونعتها بأوصاف مثل: غير شرعية أو خائنة، وإن هذه النبرة صارت مرتفعة مؤخراً، موضحاً أن ذلك لن يساهم في تحقيق تعايش متحضر.

كما أكد “شويبله” أنه يتعين البحث في الخلافات داخل البرلمان عن حلول وسط وقرارات مدعومة من الأغلبية، موضحاً أن الخلافات أمر وارد، لكن يتعين أن تخضع لقواعد محددة من بينها النزاهة.

الجدير بالذكر أن المفاوضات لتشكيل ائتلاف حاكم تجري الآن من قبل التحالف المسيحي مع الحزب الديمقراطي الحر وحزب الخضر، وما زال الحديث عن اتفاق بين هذه الأحزاب مبكراً، فالتوقعات تشير إلى أن تشكيل الحكومة المقبلة لن يتم قبل شهر أو شهرين. وأصبحت حكومة ميركل عقب الجلسة التأسيسية للبرلمان حكومة تسيير أعمال فقط إلى حين إتمام المفاوضات لتشكيل الحكومة القادمة.

تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الألمانية الحالية تضم التحالف المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي. ورغم أنه ثاني أكبر حزب في البرلمان، قرر الحزب الاشتراكي الديمقراطي عقب نتائجه المتدنية في الانتخابات عدم المشاركة في ائتلاف حاكم مع التحالف المسيحي والانضمام إلى صفوف المعارضة.

 

أحمد الرفاعي. صحفي سوري مقيم في ألمانيا

“الكاريكاتير ليس دائماً مضحكاً”.. في مهرجان الكاريكاتير العربي في بلجيكا

20 مليار يورو: الاحتياطي المخصص لأزمة اللاجئين على حاله