in

فوز اللاجئات بفرص تدريب ثم توظيف.. إنجازات أم بديهيات؟

فوز اللاجئات بفرص تدريب ثم توظيف.. إنجازات أم بديهيات؟
فوز اللاجئات بفرص تدريب ثم توظيف.. إنجازات أم بديهيات؟

“عقد عمل دائم” حلمٌ يسعى لأجله معظم الشبان والشابات لسنوات بعد التخرج، اعتقدَ معظمنا أنه حلمٌ صعب لمن يعيش في بلادنا العربية فقط، لكن الكثير منا صُدم بذات الواقع في بلاد اللجوء وخاصة ألمانيا التي تشكل أكبر اقتصاد في أوروبا!

الغريب أن المشكلة تزداد تعقيداً عندما تكون من حَمَلة الشهادة الجامعية، حينها يتوجب عليك خوض مغامرة تعديلها وحجز مقعد في مدرسة أو شركة للتدريب كي تؤهلك لإثبات كفاءة ما درست سابقاً في بلدك، إن تم ذلك بنجاح ستعود من حيث بدأت مع اختلاف وجهة الرحلة وتكون البوصلة هذه المرة “وظيفة مناسبة”!

حفنة الصعوبات هذه يمر بها أغلب اللاجئين، أضف إليها تحديات أكثر إن كان الحديث عن “تاء التأنيث”، تُلزم معها بالضرورة جهداً أكبر حتى تستطيع اللاجئة شطب اسمها من قائمة العاطلين عن العمل ونَيْل مكان يناسب شهادتها الدراسيّة ويتماشى مع أسلوبها في الحياة.

التقيتُ بثلاث شابات خضن هذه المعركة وانتصرن عليها رغم صعوبتها، وكان لنا هذا الحوار:

“سلام محمود” أنهت الثانوية العامة بفرعها العلمي بمحافظة حماة، وحزمت أحلامها بالدراسة الجامعية مع حقائب سفرها باحثةً عن الأمان في رحلة إلى عدة دول انتهت على الأراضي الألمانية.

  • التدريب المهني كان وجهتكِ بعد اجتياز مستويات اللغة، هل كان الطريق إليه قريب المنال؟

قرابة العشرين شركة تقدّمت إليها بطلب تدريب مهني في مجال “الإدارة المكتبية” ولم أجد نتيجة إيجابية وأسباب الرفض شبه الموحدة باتت معروفة لدى الجميع، لم يكن أمامي سوى المواظبة بإجراء المزيد من المقابلات وقبل أن يتملكني اليأس حصلت على موافقة إحدى الشركات بعد خيبات أمل كثيرة..

  • ذكرتِ جملة خيبات أمل كثيرة، هل واجهتك عثرات أيضاً بعد حصولك على مقعد التدريب؟

بالطبع فالعقبات للأسف لا تنتهي ولعل أبرزها نظرة بعض الأشخاص لنا كأجانب في بلدهم وتحديداً كمحجبات ومعاملتنا بشكل مختلف عن بقية الزملاء أو حتى تجاهلنا تماماً، والأمر مرتبط أيضاً بعملاء الشركة فمهنتي تعتمد بشكل أساسي على التعامل مع الزبائن وهذا ما يعني تعرضي لأشخاص بأفكار وشخصيات مختلفة وربما بخلفيات لا تُحبّذ الغرباء، فقد تكون ردة فعل أحدهم سيئة فقط لأنني لاجئة أو لأن لغتي ليست ممتازة أو…. أي أنها أسباب كره مسبق لا ذنب لنا بها.

لكن كل هذا دفعني إلى الإيمان بقدراتي أكثر والسعي لإيجاد طريقة مُثلى كي أُحْسِنَ التعامل في مواقف كهذه والحفاظ على الود ولو بحده الأدنى.. وأنا اليوم في السنة الدراسية الأخيرة وعلى بعد خطوة واحدة من التخرج وإثبات نفسي..

مواجهات من نوع آخر خاضتها “صفاء الدالاتي” لتحقيق الإنصاف وتكافؤ كفتيّ الميزان بين تكوين أسرة ناجحة وبناء مستقبل مهني ضاع سابقاً في بلدها.

  • “شهادة جامعية في اللغة العربية” ربما تكون أهم عوائق صاحبها، كيف جعلتِ منها بدايةً لطريق جديد وأنتِ أم لطفلين؟

ليس من السهل البداية في بلد جديد بلغته وقوانينه وتحديات الاندماج به التي لا تعد ولا تحصى، قررت الدراسة بمفردي ضمن منزلي معتمدةً على ما يحضره زوجي من كتب ومراجع وأنهيت أساسيات اللغة من مفردات وجمل بسيطة وأكملت حتى عندما أنجبت طفلي الثاني ورغم المسؤوليات والمهام الكثيرة تمكنت من اجتياز الامتحانات لمستويات اللغة جميعها بنجاح دون الابتعاد عن عائلتي ثم اخترت مجال “المساعدة الاجتماعية التربوية فئة الأطفال الصغار” للبقاء في دائرة التدريس الذي عملت به سابقاً، وبسبب وجود شهادة جامعية تم اختصار نصف مدة التدريب لتصبح سنة واحدة لذا أنصح بعدم إهمال إرسال الشهادات لمكتب الاعتراف بها لإيجاز مدة الدراسة.. 

  • العنصرية أم البيروقراطية، أيهما حَالَ دون هدفك أو أدّى لتأخيره؟

 للأسف تعثرت بكليهما.. لأن الفرع الذي اخترته يُلزمني بتدريب عملي مع الأطفال ودراسة نظرية في إحدى المدارس. أعتقد أن مواقف العنصرية تموت بوقتها على الرغم من تكرارها المستمر كوني محجبة وأسكن في منطقة تضم عدداً قليلاً من اللاجئين فقد أتعرّض للرفض بأشياء مضحكة بداية من شراء أثاثٍ مستعمل حتى طلبات الدراسة أو العمل! كما حصل معي لأكثر من عامين وأنا أتقدّم بمراسلة عشرات دور الحضانة إلى أن سنحت لي الفرصة بوجود مكان خالٍ للتدريب العملي ضمن روضة ابنتي حيث يعرفني معظم الكادر هناك، الأمر الذي ألغى أي سبب للرفض.

أما بالنسبة للروتين المتعب فقد واجهته في مشوار البحث عن مقعد لدراسة المواد النظرية وعدم القبول أتى بهيئات مختلفة وطلبات كثيرة تأخذ وقتاً كي تنجز وبالتالي تُلغى حظوظ الحصول عليه حتى الموعد القادم، لم أجد أمامي سوى الانضمام لمدرسة في منطقة بعيدة عني،  أقضي ساعات في الذهاب والإياب ثلاث مرات أسبوعياً، لكني راضية تماماً وأسعى للنجاح والتخرج ثم معاودة البحث على وظيفة برفقة شهادة ألمانية.

“جمانة الملّاح” شابة سورّية شقّت طريق الغربة الوعر وحدها حتى حظيت بما حلمت معتمدة على نفسها.. منذ أربع سنوات اختارت أن تكون وجهتها ألمانيا حاملة بيدها شهادة تخرج من معهد الكيمياء الحيوية بدمشق.

  • بعد اكتساب اللغة والاندماج، كيف ظفرتِ بعقد العمل؟

أنهيتُ مراحل متقدمة من دراسة اللغة ثم أرسلتُ الثبوتيات لمكتب تعديل الشهادات وبعد عدة مقابلات طُلب مني الدراسة لمدة سنة في أحد المخابر الطبية، في الحقيقة لم يكن من اليسير إطلاقاً إيجاد شاغر وخاصة لشخص جديد في ألمانيا والرد المتوقع هو الرفض أو تجاهل الطلب، بحثت مطوّلاً دون جدوى حتى أخبرتني صديقتي بوجود فرصة ضمن مخبر تابع لأحد المشافي الكبرى في منطقتي، قدّمت أوراقي وبعد عدة محاولات تم قبولي بعقد تدريب لمدة سنة.. عشت خلالها تجارب كان أصعبها اكتساب اللغة مهنيّاً سواء في المصطلحات الطبية أو أسماء الأدوات والأجهزة المستخدمة، لذا حاولت أن أضاعف جهودي بعدد ساعات دراسة أكثر لتخطي هذه العقبة.

  • قد يعتقد البعض أن تعديل الشهادة وفوزك لاحقاً بوظيفة أمر عادي ولا يُعتبر إنجاز حقيقي، هل تتفقين مع هذا الرأي؟

الحصول على عمل أمر شاق حتى على الخريجين الألمان أنفسهم!! لذا حرصتُ أن أكون سريعة التعلم من خلال القراءة والدراسة والمتابعة كي أكسب ثقة المشرفين عليّ وبالفعل استطعتُ أن أطوّر مهاراتي خلال سنة التدريب، الأمر الذي لفت انتباه المديرة المسؤولة التي كانت تثني على التزامي الدائم وتنفيذ ما يُطلب مني بدقة وسرعة ولعل هذا ما شجّعني فتقدّمت بطلب عمل فور حصولي على التعديل تم الرفض ببداية الأمر ثم وافقوا على توظيفي في مخبر تابع لهم. بالنسبة إلي هو إنجاز على الصعيد الشخصي وبالطبع هناك الكثيرات مثلي استطعن بمعطيات ضئيلة وظروف صعبة في بلد لا يعترف بشهادة وخبرة ولغة أخرى أن يكسرن حواجز الغربة ويحققن أحلامهن.

خاص أبواب
ألمى حلواني. كاتبة وصحفية سورية مقيمة في ألمانيا

ألمانيا: محاكمة أنور رسلان ضابط سابق في المخابرات السورية

ألمانيا: المدعي العام يطلب السجن مدى الحياة لـ ضابط سابق في المخابرات السورية

الاستخدام الآمن التواصل الاجتماعي

الاستخدام الآمن لوسائل التواصل الاجتماعي: نصائح وإرشادات