in

دمشق: دمى قماشية تلون حياة النساء في مراكز الإيواء

كيف كانت النساء في سوريا يتغلبن على القهر داخل مراكز الإيواء
كيف كانت النساء في سوريا يتغلبن على القهر داخل مراكز الإيواء

في ملجأ للنساء في دمشق، صنعت امرأة دمى من القماش، وغيّر وجودها الهادئ وتركيزها وتفانيها أجواء الملجأ بالكامل في مثل هذا الوقت الصعب. كثيرًا ما اجتمعت النساء معًا وتحدثن عن مشاكلهن وآلامهن ومخاوفهن وحياتهن وعائلاتهن.

أحلام محفوض

في كل مرة اجتاحتني مشاعر عارمة حاولت أن  أخط على الورق خطوطا لا على التعيين. أو أكتب كلمات أو أرسم صورا, أو ربما إن أسعفني الحظ أصنع لوحة أو مجسما من الورق. وفي كل ما كنت أصنع  كنت أخبئ في بعض تفاصيله شيئا مني، من أمنياتي وآمالي، وجزءا من تجاربي.

عام 2012 – وتحديدا بعد عام على انطلاق الثورة السورية – تأزمت الأوضاع في معظم مناطق ريف دمشق حينها، أُجبِر الكثير من العوائل في تلك المناطق على اللجوء مع أطفالهم الى مدينة دمشق.
بقي الرجال في مناطق الخطر بينما انتقلت النساء للعيش مع الأطفال في مراكز الإيواء المتواضعة الإمكانيات.
كانت النساء في حالة صدمه كبيرة جدا، وذلك إثر فراق الديار وعزوة الأهل، إضافة إلى واقع التشرد المفروض عليهم في مراكز الإيواء.

كانت النساء تسير في أرجاء مراكز الايواء هائمه على وجوهها، لا تعرف مخرجا لهذا الألم الكبير. تجلس جماعات وفرادى، تبكي إحداهن وتنوح أخرى من صميم القلب الموجوع. وأخريات شاردات لا يعرفن ماذا يفعلن، يترقبن أي خبر من الأهل في الريف المحاصر.

قصص من داخل الملجئ

انا تيماء، عمري ثلاثة وعشرون عاماً٬ أدرس اليوم بالجامعة وأعيش بمنطقة قريبة من الحي الذي تربيت فيه، بعد أن هجرت عنوة منه، وحل الغرباء فيه، وملأوه كآبة وقسوة. أشاهد بيتي كل يوم من سطح بعيد وأتحول لكومة حنين، أحلم أن أنهي دراستي وأعود لبيتي وحيي لأعيده ملونا بعد أن سرق الغرباء ألوانه.

انا عزّة عمري ١٩ عاماً، أعيش في إحدى المخيّمات المنسية، لا يسمح لي بأن أعيش  كحياة الإنسان الطبيعية. أعيش في مخيم تصطف خِيَّمه بشكل متلاصق، لا تبعد بين الخيمة عن الأخرى سوى سنتيمترات قليلة. لا جدران في مخيمنا لنعلق عليها ساعاتنا، نحن نربط الوقت الباكر بخروج أحد رعاة الأغنام  ووقت النوم بعودتهم. أعيش في خيم لاتسمح للأحلام بالدخول إلينا ورغم ذلك هناك حلم واحد يراودني بالخروج من هنا والعودة لبيتي ذو الحيطان دافئة. 

التغلب على القهر داخل مراكز الإيواء

في ممرات أحد هذه المراكز وضعت سيدة طاولة صغيرة، وبعض الصناديق الممتلئة بقصاصات الأقمشة المرتبة فوق بعضها البعض وبدأت تعمل بهدوء على صناعة دمى قماشيه, لفتت هذه المرأة وماتفعله أنظار النساء الأخريات في المركز، لكنهم في البداية لم يقتربوا منها، ولكن بعد بضعة أيام لم تتغلب النساعلى فضولهن وذهبن إلى طاولة سيدة الدمى. 

دون الكثير من الشرح قدمت السيدة للصبايا بعضا من القماش والقليل من الارشادات الأولية لصناعه الدمى القماشية, لم يطل الامر حتى بدأت النساء واحدة تلو الأخرى تقترب وتروي بمزيد من الحنين كيف صنعت مع أمها اول دمية قماشيه.   

ليتبين للجميع ان لصناعة الدمى القماشية تاريخ طويل لدى معظم العائلات السورية وخاصة في الريف. خلال وقت قصير غيرت سيدة الدمى الجو السائد في مركز الايواء. بدأت النساء مجددا بالاجتماعات ومناقشة مصابهن، أوجاعهن وهمومهن. ورواية القصص عن حياتهن أسرهن. غالبا ماتسرب بعض الضحك خلال الأحاديث. حاولت النساء التخفيف من الألم بالغناء الذي شاركت فيه معظم النساء المجتمعات، كان يتلوه صمت رهيب وتخبط في المشاعر.

في انتظار اللقاء مجددا

فضفضت النساء عن همومهن، بكين ضحكن وغنين صنعن دمى مختلفة غنية بتفاصيلها. للمفاجأة كانت  معظم هذه الدمى تعكس بشكل او بآخر ما لدى السيدات دونما عن قصد. مواهب كامنة ظهرت في صناعة دمية قماشيه. 

في النهاية حملت سيدة الدمى طاولتها وتركت خلفها صناديق الأقمشة وأدوات الخياطة، بعد أن حققت هدفها بالتخفيف عن هؤلاء النساء، بإخراجهن من كأبة لا مفر منها.
واليوم هذه الدمى تصل إليك  فإذا تفحصت إحداها بعينك أو أمسكتها بأصابعك, فنرجو منك أن تكون حذرا، إنها ليست قطعة من قماش بال ومستهلك. إنها قطعة من حياة احداهن،ولمسة من روحها!.

تود جمعية SyrienHilfe e.V. أن تدعوكم لحضور المعرض : قادمات من سوريا

من أجل دعم التلميذات والطلاب في سوريا، اللواتي تعرضن بعض الدمى للبيع.

يقام المعرض في der Statistik, Karl-Marx-Allee 1, 10178 Berlin

  • الجمعة: 02/11/2022 بين 5:00 مساءً – 7:00 مساءً
  • السبت: 02/12/2022 بين 1:00 م – 6:30 م
  • الأحد: 02/13/2022 بين 1:00 م – 6:30 م

محتوى مشابه:

المعاش التقاعدي في ألمانيا: كيف تحسب المبلغ الذي ستحصل عليه عندما تصل لسن التقاعد

المعاش التقاعدي في ألمانيا: كيف تحسب المبلغ الذي ستحصل عليه عندما تصل لسن التقاعد

الحكم بالسجن بحق زوجين بولنديين بتهمة الأتجار بالبشر

سجن زوجين بولنديين بتهمة الاتجار بالبشر في ألمانيا