in

شخصية العدد – عزرا باوند: الدقة الشعرية، الاقتصاد، وتكثيف المعنى

“من الأفضل تقديم صورة واحدة خلال عمر الشاعر على أن يُنتج أعمالاً غزيرة”، هذه المقولة تلخّص فلسفة الشاعر الأميركي “عزرا باوند” الذي ولد في “نورث ويست” العام 1885، والذي يُعتبر حتى اليوم من أهم شعراء “الحركة المعاصرة” في آداب القرن العشرين.

حيث بدأت مشاركاته الشعرية مع تطور مذهب التصويرية، وهي حركة مشتقة من شعر الهايكو الصيني والياباني، تشدّد على الوضوح والدقة مع الاقتصاد باللغة وتكثيف المعنى، وذلك من خلال تأثره بثقافات الشرق الأقصى، حين آمن بأن الشعر لا ينعزل بأي حال عن الفنون والعلوم والثقافات الأخرى.

تأثر عزرا باوند بالنحت والرسم والموسيقا، وكذلك بالشعر الإغريقي القديم والرمزية الفرنسية. ورغم أنه درس في جامعة بنسلفانيا الأميركية إلا أنه ذهب ليبحث عن ذاته الشعرية خارج البلاد، في أوروبا على وجه التحديد، وهو لم يبلغ الثانية والعشرين من عمره بعد. وصار على علاقة قوية مع الشعراء المعاصرين البارزين في زمنه.

عمل على مساعدة الشباب من الشعراء، وأقام علاقات قوية مع الشعراء القدامى ومن أهمهم ييتس. ومن خلال مركزه كمحرر أجنبي لمجلة “شعر” أصبح صديقاً لروبرت فروست، كما ساعد الشاعر الكبير “ت. س. إليوت” في مراجعة قصيدته الشهيرة “الأرض اليباب” قبل نشرها، وهو من اقترح عنوانها المعروف. فأطلق عليه “إليوت” لقبه: “الصانع الأمهر”. كما ساعد الكاتب جيمس جويس عبر إحساسة العملي في النشر، ووينهام لويس.

كتاباته هجمات مضادة(Ripostes)  نُشرت في العام 1912، وعام 1917 صدر ديوانه “الطاعة للصفات الجنسية” الذي لفت إليه أنظار العالم الشعري، وكتب قصيدته عن الاضطراب المعاصر بعنوان “هيوج سلوين موبرلي” العام 1920. وطيلة سنين عمل على كتابة مقطوعات شعرية غامضة تحتوي الكثير من الأساليب واللغات المتعددة، أشبه برحلة بحثية في ذهن الشاعر، عن معاني الحياة والثقافة والفكر في العالم المعاصر بشرقه وغربه. كما كتب الكثير من المقالات الأدبية البلاغية.

نشرت رسائل “عزرا باوند” عام 1950 وهي نصوص جياشة وحيوية، تظهر كم كان للشاعر عقل مغامر، وكم وجد نفسه دوماً على علاقة برعاية المواهب والبحث عن المثل الأعلى في الفن الشعري.

ينسب المحللون دفاعه عن الفاشية الإيطالية خلال الحرب إلى صحته العقلية غير السليمة في تلك الفترة، على الرغم من مواقفه المعلنة والمعادية للصهيونية والرأسمالية، التي اعتبرها أساس الحروب والكوارث. وقد حوكم أمام المحاكم الأميركية بتهمة تقديم المساعدة وإيواء الأعداء. حيث تم احتجازه في مستشفى إليزابيت في واشطن ابتداء من العام 1946 وحتى العام 1958، وحينما أُطلق سراحه عاد على إيطاليا ومكث فيها سنوات عديدة.

توفي “عزرا باوند” عام 1972 وهو في 87 من عمره في مدينة البندقية الإيطالية متأثراً بالمرض.  

شخصيات أخرى:

شخصية العدد: جين أوستن كثافة التعقيد تحت سطح الحياة البسيطة

شخصية العدد: مارسيل بروست.. في البحث عن الزمن المفقود

شخصية العدد: الكاتبة الإنكليزية “جورج إليوت” – كتابة النساء في زمن أسماء الذكورة

بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – بيلكان مراد : ضوء قادم من سوريا

المخرجة السورية وعد الخطيب تفوز بجائزة “العين الذهبية” لأفضل وثائقي في مهرجان كان