in

شخصية العدد: الكاتبة الإنكليزية “جورج إليوت” – كتابة النساء في زمن أسماء الذكورة

“جورج إليوت” هو الاسم المستعار للرواية الإنكليزية “ماري آن إيفان”، التي ولدت في العام 1819 في الريف الإنكليزي، وتربت في أسرة منهجية صارمة في زمن لم يكن من السهل على النساء أن يكتبن بأسمائهن الصريحة أو يدخلن عالم الفنون بحرية.

لذلك فقد اضطرت “ماري آن” إلى استخدام هذا الاسم المستعار لرجل لتذيّل به كتاباتها، فقد أرادت ان تكون واثقة من أن تؤخذ أعمالها محمل الجد وألا يعتبرها أحد كاتبة رومنسية لمجرد أنها امرأة، على حدّ تعبيرها. لكن كتاباتها ساهمت في تطور الرواية الإنكليزية بسبب محاولاتها الواعية للواقعية في رسم الشخصيات والمجتمعات. فكانت ذات مقدرة على تحليل الاعتماد المتبادل بين الناس في المجتمعات المحدودة والمقيدة، ومعالجة الآثار المعقدة التي يتركها هذا المناخ الاجتماعي عليهم وعلى تقييم دوافعهم.    

لم تعد التربية الدينية الأرثوذكسية الصارمة تستهوي “ماري آن إيفان” وهي في العشرينيات من عمرها، فكانت من الأوائل في عصرها الذين انفتحوا على المواقف العلمية التي تتطلّب عقلاً ذكياً وموضوعية لا تكتنف عليها معظم الإيديولوجيات الدينية. ونظراً لأهمية موقع والدها في المدينة سُمح لها بالدخول إلى مكتبة المدينة مما ساعدها على تطوير قدراتها وثقافتها، ولكنها لم تفقد حسّها الأخلاقي الأمر الذي يبدو واضحاً في كتاباتها، فالإحساس المتجذّر بعمق في شخصيتها والذي يعظ بالتسليم للواجب وإدراك مبدأ العقاب لا يغيب عن رواياتها. حتى ان أسلوبها في كثير من الأحيان بدا أقرب إلى دروس في الأخلاق وعلم النفس، الأمر الذي عمل على إبطاء القصة، مع ذلك فإنها تعتبر من الكتاب الأوائل في الرواية الاجتماعية النفسية والذين غيّروا وطوّروا كثيراً في الرواية الإنكليزية.

بدأت محاولاتها الأدبية العام 1846 بترجمة لديفيد شتراوس “حياة المسيح”، وعملت محرّرة مساعدة في جريدة ويست منستر1851 لمدة ثلاث سنوات، لكن كل كتاباتها كان تنشر باسم مالك الجريدة “جون تشابمان”. وقد عاشت “ماري آن” مع الناقد “جورج هنري لويس”، الذي لم يكن قادراً على طلاق زوجته، بدون زواجن الأمر الذي لم يكن مألوفاً في ذلك الوقت.

في رواياتها الثلاث الأولى تتحدث عن المناطق الريفية التي تعرفها جيداً، “مشاهد من الحياة الدينية” 1858، “آدم بيد” 1859 و”الطاحونة على نهر فلوس” 1860. ميزتها هذه الروايات ككاتبة ذات عاطفة دافئة تجاه الفقراء والمعوزين. أما الحبكة في روايتيها التاليتين “منتصف الربيع” 1872، و”دانيال ديروندا” 1876 فمنسوجة بشكل بارع، حيث تبدو مهارتها في تصوير المجتمع والحياة الريفية بتفاصيلها وعمقها الإنساني.

“دانيال ديروندا” كانت روايتها الأخيرة، وبعد نشرها بعامين توفي “جورج هنري لويس”، فتعرفت “ماري آن” بعد ذلك على رجل أمريكي أصغر منها بعشرين عاماً اسمه “جون والتر كروس” وتزوجته في العام 1880  ولكنها توفيت بعد ذلك بأشهر عن عمر 61 عاماً.

خاص أبواب

 

اقرأ/ي أيضاً:

شخصية العدد: د.ه. لورنس D. H. Lawrence”: حين كان التمرّد جريمة

شخصية العدد 34: آرثر رامبو – الانعتاق والنهايات القصوى

شخصية العدد: فريدريك نيتشه Friedrich Nietzsche: الفيلسوف الإشكالي

   

دراسة: 260 ألف حاجة سوق العمل الألمانية من المهاجرين سنوياً

أياكس أمام ريال مدريد.. أين اللمسة الأخيرة؟