in

شخصية العدد: فريدريك نيتشه Friedrich Nietzsche: الفيلسوف الإشكالي

أقل ما يمكن قوله عن الفيلسوف الألماني المعروف “فريدريك نيتشه” إنه كان فيلسوفاً إشكالياً في زمانه، حمل شخصية بالغة التعقيد وهاجم مجموعة من الأفكار المكرسة والقيم والمثل في زمانه كالأخلاق التقليدية، المرأة، التعاطف مع الضعفاء والعاجزين، العقلانية، والسلطة الدينية للكنيسة.

حتى أن أتباع هتلر والنازية كانوا يعتبرونه ملهماً لهم على الرغم من أنه توفي في العام 1900، وعلى الرغم من أنه كان معادياً للنزعة القومية للإمبراطورية الألمانية. لكن الأمر يتعلّق بصعوبة فهم “نيتشه” وفلسفته، فهو كثيراً ما عبّر عن أفكاره المثيرة والخطيرة بقصد خلخلة الوعي السائد وهزّ المجتمع القاسي والمغلق في تلك الحقبة التاريخية، فانتقد  الفلسفة الكانطية والهيغلية، ورفض المثالية الأفلاطونية وكل ما يتعلّق بالميتافيزيقيا بشكل عام، كما دعا إلى تبني قيم أخلاقية جديدة في المجتمع الأوروبي.

في بدايات مسيرته كان “نيتشه” شاباً متميزاً، تخصّص في علوم الفلسفة الكلاسيكية في جامعتي بون ولايبزغ الألمانيتين على الرغم من ميوله الموسيقية واللاهوتية، وأصبح أستاذاً لليونانية في جامعة بازل العام 1869 وهو لم يتجاوز بعد الخامسة والعشرين من عمره. ظهرت كتاباته البدئية قبل ذلك بوقت قصير حين أثارت أعمال الفيلسوف “آرثر شوبنهاور” إعجابه وانغمس في قراءتها، وقد اعترف فيما بعد بأنه مدين بصحوته الفلسفية لكتاب شوبنهاور: “العالم كإرادة وتصور”.

يعزو الكثير من الباحثين شخصية “نيتشه” التي تبدّلت وتطورت مع تطوّر أفكاره المختلفة إلى تربيته الدينية الأسرية، فأجداده من جهة أبيه وأمه كانوا ينتمون إلى الكنيسة البروتستانتية منذ حركة الإصلاح قبل ثلاث قرون من وقتها، وكان العديد من أفراد أسرته قساوسة، ومنهم أبوه القس اللوثري الذي توفي حين كان “فريديك نيتشه” في الخامسة من عمره، ليترعرع في بيت مليء بالنساء ثم يخوض غمار تعليمه في مدرسة خاصة.

في كتابه “آراء مجردة” 1876 ينتقد غرور الدولة البسماركية الجديدة ويتناول أضرارها، أما كتابه “هكذا تكلم زرادشت” 1883-1892 فيعتبر من أهم كتبه وهو سلسلة مقولات نثرية لنبي وهمي، وبعد سنوات قليلة من إصدار كتابه “ما وراء الخير والشر” في العام 1886 عانى “نيتشه” من انهيار عقلي لم يشف منه بقية حياته على الرغم من أن جسده بقي على قيد الحياة إحدى عشرة سنة أخرى.

تحتاج فلسفة “نيتشه” الغنية إلى الكثير من التعمّق والتبحّر في أفكارها لفهمها، ولكن في النهاية كان لفكره تأثير عميق على الفلسفة الغربية وتاريخ الفكر الحديث بالعموم.

اقرأ أيضاً:

شخصية العدد: كارل غوستاف يونغ Carl Jung

شخصية العدد: غونتر غراس – Günter Grass

شخصية العدد: الكاتب الألماني توماس مان – Thomas Mann

لندع الموتى يرقدون بسلام

ساسة ألمان لزيهوفر: إن كانت الهجرة هي “أم المشاكل” فأنت جَدّها…