in

آنية الورد التي لا تعرف أنها انكسرت

اللوحة للفنان وليد المصري / www.facebook.com/walidelmasri2

زين صالح – كاتب سوري مقيم في ألمانيا

كيفما قلّبت الآنية المصمّغة لا أنفكُّ أرى الشقوق. ضوء الشمس يمزّق وهم وحدة الكسرات التعسات المنفردات خارج نسق الشكل المعهود.
آنّية تشبه أمي كثيراً. 

لما سمعت بفن ترميم المعطوبات “الكينتسوكوروي” اعتقدت أني لن أرمي آنية ولا وعاءً أكسره بعد اليوم، ونسيت أني جئت من حيّ لا تزال الأبنية فيه تفتح صدوعها للريح والبرد والرطوبة والاحتمالات. ونوافذه المشعورة بغيضة وغثة. 

أبي كان يحب أغنية ناطرك سهران لوديع الصافي. 

كذلك عبرت عيني كل الثغرات أينما وجدتها، لحقتها كلها، وعلقتْ في فراغها الأبدي الأصمّ، الذي يزجر كل قطعة ليغو باردة قاسية، تحاول ببرود سدّ ما كان يوماً حنوناً وعذب.

رمضان في الصيف لا يحمل لي ذكريات حلوة.

العجلة المسعورة العمياء لا تقبل أي تعثّر، لا ترى سقطة ولا كبوة. أهرول بكل ما فيّ من حياة.. أبلل وجهي في الصبح، أتطلع من الشباك، أخرج لأصغي وأحكي، اصمت تأثراً لسماع كل قصة عاطفية، وأداعب كل كلب أو هرّة أعرفها، أصافح الغرباء أيضاً، وأجيب إن سُئلت كم الساعة.. ماذا أفعل أكثر؟ كيف أوقف صوت تكسّر كؤوس شاي مسلسل الساعة العاشرة الذي يعيد نفسه في رأسي بلا توقف.

إيفون تغني قربي وأنا أتكوّم على نفسي أكثر، مع كل نغمة أخطو بقدم حافية على نثر زجاج محطم.

المزق المنفتح في كل حكاية. الحزّ الذي يثلّم كل مرآة قويمة. والثقوب المجتمعة عند باب قلبي. كلها تجعل من المستحيل ألا ألاحظ أن الكلام لا يلتئم على لساني. أو أن أقنع بأن الزهريات المعطوبة يرممها الوقت.

آنية الورد لا تعرف أنها انكسرت. ولا تزال تقف شامخةً، متحضّرةً لورود الغد.

زين صالح – كاتب سوري مقيم في ألمانيا

إقرأ/ي أيضاً:

لن أتعلم يوماً
أخيراً، أصبح لي جناحان بين أنغبورغ باخمان ومجموعة 47يوم دمشقي..


الإعلام العربي والإعلام الألماني (ملاحظات عابرة)

مانشسترسيتي وباريس سان جيرمان… الفرق بين الاستثمار والسلطة