in

الزوج في غرفة الولادة… مهمة صعبة وضرورة لا بد منها رغم التقاليد

د. نهى سالم الجعفري*

“هل ترغبين بوجود زوجك في غرفة الولادة؟” توجهت بسؤالي هذا لآلاف النساء على مدى سنوات من ممارسة المهنة، الموافقة كانت بالإجماع ولكن يتبعها تساؤلات عدة وخوف وعدم اقتناع تام رغم أنها رغبة الجميع.

لحظة الولادة هي الأجمل والأصعب في آن واحد في حياة كل امرأة، وهي نتاج مشروع الحياة الزوجية المتكاملة، وغالباً ما تحتاج السيدة إلى دعمٍ نفسي ومشاركة من الزوج ليواسيها ويدعمها نفسياً ويخفف من آلامها وخوفها من المجهول، ويشاركها فرحتها بقدوم مولودهما الجديد. لذلك فإن وجود الزوج الواعي المدرك بشكل كافٍ لأهمية هذه اللحظة مهم جداً، ويعطي إضافةً لا تعوَّض لعملية الولادة. والأزواج الذين حضّروا تحضيراً كافياً لذلك يكونون أكثر حرصاً على مشاركة هذه اللحظة والقيام بدورهم الفعال.

لذلك نجد في الدول الأوروبية عموماً مشاركة واضحة للزوج منذ الأشهر الأولى في الحمل، عبر المشاركة في الزيارات الدورية للطبيب ومتابعة مراحل الحمل مع الزوجة من منطلق الشعور بالمسؤولية وإدراك أهمية مشاركته في هذا الحدث بما يوازي أهمية مشاركته في التربية وتنشئة الأبناء، وفي بعض الدول كألمانيا يحصل الزوج على إجازة أبوة تصل إلى سنة أو أكثر ومكافأة مالية.

أما في الوطن العربي فيعتبر هذا الأمر دخيلاً على عاداتنا وتقاليدنا، ونجد الزوج غالباً غير متأهبٍ للحضور، لعدم وجود الوعي الكافي لأهمية مشاركته من جهة، ولعدم مبالاته من جهة أخرى، حيث تُعتبر الولادة موضوعاً نسائياً بحت، يجب عدم التدخل فيه، والمجتمع يؤيد هذه الفكرة ويتداولها، وأعتقد برأيي الشخصي أن الرجل في بلادنا غير مؤهل تربوياً أو نفسياً أو اجتماعياً ومن هنا يصعب علينا توقع ردود أفعاله تجاه هذا الموقف.

إحدى مريضاتي مارست الضغط على زوجها لحضور الولادة، فانتهى الأمر به إلى الإغماء مما سبب ارتباكاً وتشتتاً بالعمل، لعدم توفر الوعي حول كيفية التعامل مع هذا الموقف. وهناك حالات أخرى يكون لوجود الزوج تأثير سلبي يتفاوت حسب نفسية وطبيعة الشخص؛ فقد تتأثر مشاعره تجاه زوجته وربما يفقد الرغبة بها، أو قد يشعر بالذنب لأنه هو السبب في تعرضها لمثل هذه الآلام.
لذلك من الضرورة إعداد الزوج بشكلٍ مسبق، بحيث يصبح على استعداد نفسي ولديه فكرة مسبقة عما سيحدث في غرفة الولادة، فليس من العدل أن ينتظر خارجاً لتلقى قدوم المولود الجديد براحة تامة، بينما تتألم الزوجة وحيدة. إن حضوره سيجعله يحس فعلياً بما تعانيه لإنجاب طفليهما، فيصبح أكثر تقديراً لزوجته ووالدته التي عاشت نفس التجربة أثناء ولادته هو شخصياً، مما يزيد الترابط الأسري.

كما يمكن أن يكون لحضوره تأثير إيجابي على سير عملية الولادة نفسها بحيث تصبح أكثر سهولة بسبب تحسن نفسية الزوجة وشعورها بالأمان، وفي بعض الحالات يمكن أن يكون الأب هو المنقذ الوحيد لطفله خلال ولادة عسرة كما حدث معي في طفلي الأول حين تعرض لتثبيط تنفسي وأنقذه والده وهنا كانت قمة الإيجابية بحضوره.
لذلك لابد من توضيح بعض النقاط المهمة والتي تساعد في إتمام المهمة على أكمل وجه والاستمتاع بصحبة الزوج:

  • ضرورة متابعة الحمل مع الزوجة ومصاحبتها في زياراتها الدورية للطبيب.
  • التحضير النفسي لكلا الطرفين والإلمام بالموضوع بشكل أكبر وتوزيع المهام بشكل منطقي وتفاعلي.
  • شرح عدة نقاط للزوج ومن أهمها أن زوجته ستعود لوضعها كما كانت قبل الولادة ولو بشكل تدريجي.
  • توضيح دور الزوج في غرفة الولادة بحيث لا يؤثر على عمل الكادر الطبي، بأن يقف عند رأس زوجته لمساندتها دون التجول في الغرفة وعرقلة العمل.
  • تغطية المريضة بحيث تكون منطقة العمل معزولة سواء كانت الولادة طبيعية أو قيصرية مما يشعر الزوجين براحة أكثر

د. نهى سالم الجعفري. طبيبة نسائية وولادة مقيمة في ألمانيا

 
اقرأ/ي أيضاً:

الحق في المُتعة الجنسية: النسوية والسرير

في قمّة الأنفيلد رد الهجوم أفضل طريقة لاستعادة الصدارة