in ,

“كل شيء تريد أن تعرفه عن الشرق الأوسط.. لكنك محرج من السؤال”

حكواتي غير تقليدي، ومسرحي وممثل كوميدي عرفه جمهور التلفزيون في برامج ساخرة مثل (شي إن إن) و (bbchi – بي بي شي)، عمل في بيروت بما يسمى “ستاند أب تراجيدي” بدلاً من كوميدي لأنه ببساطة “لا يوجد شيء مضحك في لبنان” حسب قوله.

التقت أبواب بالفنان عبد الرحيم العوجي بعد تقديم عرضه الأخير في فرنسا “كل شيء تريد أن تعرفه عن الشرق الأوسط، لكنك محرج من السؤال”، فكانت الدردشة التالية

  • من أين يعرفك الجمهور اللبناني والسوري والجمهور العربي عموماً؟

تعرف عليّ الجمهور عندما بدأت العمل ببرنامج (شي إن إن) على قناة الجديد عام 2012، وهو برنامج ناقد سياسي ساخر بشكل نشرة أخبار على غرار (فيك نيوز- أخبار مزيفة)، لكنه عملياً يقدم الخبر الحقيقي وإنما بطريقة ساخرة، ويتناول الطائفية في لبنان بشكل كوميدي، حيث كانت شخصياته جميعها ذات خلفية طائفية ظاهرة، وأنا كنت ألعب دور المراسل السني بينهم.

نجح البرنامج وانتقل مع معده ومقدمه سلام الزعتري إلى محطة LBC ليصبح اسمه “بي بي شي”، مع كامل محتواه السياسي السابق، ولاقى انتشاراً واسعاً في لبنان والبلدان المجاورة.

  • المحطات اللبنانية كانت تعج بالبرامج السياسية الساخرة في تلك الفترة، بماذا اختلف برنامجك؟

تميز برنامجنا عن البرامج السياسية في باقي المحطات اللبنانية، والتي كانت تسخر من السياسيين وتقلدهم، بتناوله الحياة السياسية والطائفية والشكل الاجتماعي للطوائف بشكلٍ مباشر. فكنا ننزل إلى الشارع وندخل أماكن تجمع الطوائف ونتحدث في موضوع البرنامج بشكل واقعي.

تميز البرنامج بالصدق أكثر من الجرأة، فقد كنا نطرح المشاكل على حقيقتها دون أي تزييف أو تجميل أو محاباة، ومنها الموضوع الطائفي.

  • سقف حرية التعبير في لبنان عالٍ نسبياً لاسيما في الكوميديا، فبتقديرك ما أهمية ذلك على إحداث التغيير في المجتمع؟

الكوميديا للأسف تكرر نفسها، فمعظم المشاكل السياسية والاجتماعية في لبنان تحدثت عنها كل البرامج الساخرة، جميع النكات عن جنبلاط وبري قيلت، مشاكل الكهرباء والقمامة قيلت، لبنان منذ ثلاثين عاماً يعيد طرح المشاكل ذاتها مما يعني أننا مازلنا حتى اللحظة نعاني منها. كما أن طرح الأزمات بشكل ساخر يسهل قبول الجمهور للمشاكل الأساسية في المجتمع بدل العمل على تغييرها. والكوميديا عالمياً وصلت لهذا المأزق، ولم تعد قادرة على إنتاج شيء جديد.

وأنا أخالف الكثيرين في أن الفن وخصوصاً الكوميديا قادرة على التغيير، وإنما له القدرة على التأثير فقط، وهذا ما حاولت قوله في البرنامج، بمعنى أن على المشاهد نفسه أن يساهم ويثور لحل المشاكل التي نطرحها.

  • من أين جاءت فكرة العمل المسرحي للاجئين في أوروبا؟

كنت أقدم عروضاً مسرحية للأطفال في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان منذ فترة طويلة، وبعد الأزمة السورية ولجوء آلاف السوريين إلى لبنان، توجهت أيضاً لتقديم العروض المسرحية هناك للترفيه عنهم ومساندتهم ولو بإمكانيات بسيطة. ومع برنامج بي بي شي أيضاً قمنا بتغطية جانب كبير من رحلة اللجوء السوري إلى الدول الأوروبية حيث توجهنا إلى مخيمات اليونان للاجئين وقمنا بعمل تقارير للبرنامج عنها.

أما بالنسبة لوجودي في أوروبا فجاء بناءً على دعوة لتقديم عرض مسرحي يتحدث عن اللاجئين، ويفسر للحضور الأوروبي والغربي ما الذي يحصل الآن في منطقة الشرق الأوسط، حيث أنني عملت في هذا النوع من العروض المسرحية ” النقد السياسي” منذ عام 2012. العمل بعنوان “كل شيء تريد أن تعرفه عن الشرق الأوسط، لكنك محرج من السؤال”، وتم عرضه حتى الآن في كلٍ من بيروت وفي فرنسا. كما سيعرض في شهر أكتوبر القادم في النرويج، ونبحث الآن في إمكانيات العرض في ألمانيا.

  • ما هي أهم الأفكار التي يطرحها هذا العرض؟

أردت أن أوضح للأوروبيين ما الذي يدفع الناس للهجرة إلى أوروبا ولماذا سوف تستمر، وتسليط الضوء على أن كل الخطوات والإجراءات التي يقوم بها الأوروبيون لوقف هذا التدفق لن تجدي نفعاً، وذلك لأسباب عديدة منها الدعم السياسي التي تقدمه الدول الأوروبية للديكتاتوريين في الشرق الأوسط، وتزويد المناطق الساخنة بالأسلحة.

وأيضاً الإجراءات المشددة التي تفرضها سفارات هذه الدول على الأشخاص الذين يرغبون بالهجرة بشكل قانوني مما يدفعهم للبحث عن طرق أخرى غير قانونية.

طرحت في العرض أيضاً التساؤل المثير للجدل، فيما إذا كان الربيع العربي من أجل التغيير والحرية، أم أنه كان ربيعاً إسلامياً يهدف لنشر ثقافة التشدد والتطرف.

بالإضافة إلى دعوة المشككين للتفكير والمقارنة بين الدول التي اندلعت فيها الثورات ولم تشتعل الحرب مثل مصر وتونس لسببٍ بسيط هو سقوط الديكتاتور فيها، بينما دول مثل سوريا وليبيا أنهكتها الحرب نتيجة دعم الأوروبيين والأمريكيين للديكتاتور فيها وبقائه في سدة الحكم.

  • لا يخفى على أحد أن في لبنان بؤر للعنصرية، فلماذا لا يوجد على الساحة الفنية أي برنامج يلقي الضوء على هذا الموضوع برأيك ك كوميديان لبناني؟

الإعلام في لبنان قائم أساساً على هذه الفكرة، حيث يعتقد اللبنانيون بشكل عام من خلالها أنهم أفضل دائماً من الآخرين في كل شيء، لذلك فالإعلام اللبناني لا يستطيع أن يهدم هذه الفكرة لأنها من أساسات وجوده.

وبكل الأحوال لا أعلم بالضبط مدى أهمية تناول العنصرية في الإعلام اللبناني، إلا من قبل بعض الجمعيات والمنظمات الحقوقية التي عادة ما تطرح مثل هذه المسائل للنقاش.

 

بيوغرافي:

عبد الرحيم العوجي، مسرحي لبناني بدأ حياته ككاتب للقصة القصيرة في صفحات الشباب، شارك في العديد من الأفلام القصيرة والأعمال المسرحية كان آخرها عرض اسكتلندي عن الشرق الأوسط بعنوان “Here is the news from over there”.

اختير العوجي من قبل المسرح البريطاني الملكي في العام 2009 للمشاركة في لقاء الكتاب المسرحيين الناشئة في لندن، ونتج عن هذا اللقاء كتابة مسرحيتين هما “أرق الجميلة النائمة” و “بيروت المدينة المهجورة”. وتم إنتاج مسرحيته “أرق الجميلة النائمة” في اسكتلندا عام 2011 من قبل المسرح الاسكتلندي الوطني، ثم من قبل المسرح الوطني الفلسطيني في القدس في العام 2012.

حوار سعاد عباس.

 

اقرأ أيضاً

“المهلوسون”.. عوائل سورية تستقبل لاجئين ألمان

في “طعم الإسمنت”: بيروت.. بحرٌ إسمنتي، واستراحةٌ بين حربين، وحظر تجول دائم

صاحب خان الحرير والثريا، الروائي السوري نهاد سيريس، عن التجربة والذاكرة ما بين حلب وألمانيا

المغرب في المركز الثاني في العالم العربي من حيث نسبة الانتحار

مسرحية “حبك نار” ، صرخة سورية من برلين