in ,

اللاجئون والإيدز: من الجهل واللامبالاة إلى الإنزواء وفقدان الأحبة

الكثير من الشباب السوري أراد ألا يكون ضحية الحرب في سوريا، فلجأوا فاريين إلى دول آمنة مثل ألمانيا، إلا أن البعض منهم باتوا اليوم في هذه الدول ضحية لداء الإيدز.

DW عربية، أجرت حوارا مع شابين سوريين غدوا ضحية لهذا المرض الخطير.

“أعيش في برلين منذ حوالي السنتين، أتيت كغالبية السوريين هرباً من الحرب في بلدي، آملا في حياة آمنة ومستقرة”، بهذه الكلمات بدأ الشاب العشريني مازن (إسم مستعار) بالتحدث إلينا بحسرة وملامح الحزن بادية على محياه.

مازن شاب حلبي قدم إلى ألمانيا، للبحث عن حياة كريمة ومستقبل أفضل، إلا أن ” جمع المال كان هدفاً له، وأراد مثل بعض رفاقه من الشباب العرب الحصول على المال الوفير في وقت وجيز، وبدون عناء كبير”، كما قال لنا في حديثه معنا بينما نحن في طريقنا في مترو الأنفاق البرليني، ثم استمر مازن في مجرى حديثه يقول: “تحولت من بائع للمخدرات في محطات المترو إلى مستهلك لها”، ويتابع “وقد أصبت بمرض الايدز من خلال حقنة من مخدر الهيروين تقاسمتها مع صديق لي كان مصابا بفيروس الايدز”.

فقد أصيب مازن بهذا المرض منذ مايقارب السنة كما يقول، حيث سقط عليه نبأ الإصابة كالصاعقة.

ثم واصل حديثه بصوت خافت :” بإصابتي انقلبت حياتي رأسا على عقب، فمنذ أن علم أصدقائي ورفاقي وخاصة من السوريين بإصابتي، بدأوا بالابتعاد عني وعدم الاقتراب مني إلا بحذر شديد متجنبين ملامستي، وكأنهم سيصابون بالداء بمجرد مصافحتي “.

ويشعر مازن بالرفض من قبل محيطه الاجتماعي، مما يزيد في ألمه واستيائه من أصدقاء كانوا يوماً ما أحبة له.

كما يضيف، مقارناً حياته بداء فقدان المناعة هنا في ألمانيا عما لو كان مصاباً به في وطنه: “لو كنت في سوريا في الحي الشعبي الذي كنت أقيم فيه، لكان الوضع أصعب بكثير مما عليه الحال اليوم، فهنالك حيث لا يوجد رعاية نفسية ولا حتى طبية، ناهيك عن الرفض الكامل من كل أفراد المجتمع.”

ومن خلال حوارنا مع الشاب، علمنا أن عائلته المقيمة في تركيا، ليست على علم بإصابته، وقال في هذا الصدد:”لا أريد أن أشغل بال والدي بشأني وبشأن مرضي، أعرف جيدا أن مثل هذا الخبر سيشغل بالهم، كما أن سمعة العائلة، ستنزل إلى الحضيض لو علم الآخرون بذلك”. وحرصاً على سمعة عائلته، التي تتكون من ستة أطفال ووالديه، فقد أراد مازن أن يحتفظ بدائه ويجعله طي الكتمان.

لكنه هنا يشعر بالأمان، ويشعر أنه من الممكن أن تتم مساعدته لتخطي هذه المحنة، لذلك فهو يذهب بشكل منتظم إلى منظمة تقوم بمساعدة مرضى الايدز نفسيا”، وفيها يستطيع أن يتلقى الاستشارة الطبية والدعم اللازم.

 “ضحايا الجهل واللامبالاة” 

السيدة دومينيك فنكلشتاين طبيبة نفسية تعمل في منظمة مساعدة المصابين بمرض فقدان المناعة، وتنظم هذه السيدة حلقات حوارية للحديث وتبادل الآراء والتجارب.

وتقول الطبيبة حول المصابين بمرض الايدز من الشباب اللاجئين العرب :” إن هؤلاء اللاجئين كغيرهم من المرضى الآخرين، إنهم ضحايا الجهل واللامبالاة وقلة الوعي بمخاطر تعاطي المخدرات وممارسة الجنس بدون وقاية”.

وتؤكد لنا السيدة فنكلشتاين أنها تحاول الإحاطة بكل من يأتي إليها، كما أنها توفر لزوارها من المصابين بغض النظر عن خلفيتهم الثقافية، لقاءات منفردة أو جماعية، تقدم فيها الدعم النفسي، وأضافت: “نتناول في حلقاتنا كل المواضيع بدون حرج وليس هنالك محرمات، على المرء هنا أن يشعر بأنه ليس لوحده وأن هنالك من يستمع إليه، لأن الغاية من كل هذا أن يتعلم المصاب كيف يتعامل مع مرضه ومع محيطه”.

وتؤكد الطبيبة الألمانية لزوارها أن بإمكان المصاب أن يعيش سنوات عديدة وطويلة إذا ما استمر في تناول الأدوية بانتظام على عكس ما كان عليه الوضع في السابق.

أما الشاب أسعد (اسم مستعار) هو أيضاً شاب سوري مثليّ، يقيم في برلين منذ صيف سنة  2015.

يتردد هو الآخر على نفس اللقاءات الجماعية التي تديرها السيدة فنكلشتاين.

وقصة هذا الشاب الذي يبلغ من العمر 28 عاما بدأت مع بداية هذا العام، وتعود إلى علاقة جنسية مع رجل برليني.  ويقول” لم اعلم بأن هذا الرجل الذي كانت تجمعني به علاقة جنسية بحتة يحمل فيروس الأيدز” ويوضح “لقد علمت بإصابتي بهذا الفيروس في المستشفى حينما أصبت بكسر في ساقي، وتعين على الطبيب فحص دمي قبل العلاج”.

وعلى إثرها أصيب الشاب بأزمة نفسية شديدة، مما جعله هو الأخر يتنقل إلى منظمة مساعدة المصابين بداء الايدز في حي شونيبيرغ البرليني حيث يلتقي بمازن الذي أضحى له صديقاً حميماً.

تعود إصابة أسعد إلى “سذاجته” كما يقول، ويوضح “تعود إصابتي بالفايروس إلى ثقتي بالآخرين، لقد كنت ساذجاً ولم أتصور أبداً أنني سأكون يوما ما ضحية لهذا المرض.”

ويرى الشاب الحموي أنه محظوظ بتواجده في ألمانيا مشيراً إلى الإحاطة الطبية والنفسية التي يحظى بها في الغربة، حيث يقول مثل ما أفادنا صديقه مازن:” لو أصبت بهذا الداء في بلدي سوريا لفقدت حياتي بعد أشهر قليلة، ناهيك عن قسوة المحيط الاجتماعي المحافظ  الذي لن يغفر لي ولعائلتي مثل هذه الأخطاء”.

الخبر منقول عن دويتشة فيله

اقرأ أيضاً:

النوم المضطرب يزيد احتمالات الإصابة بمرض الزهايمر

الشاورما التركية تحت تهديد الحظر في أوروبا…

علي عبد الله صالح: رئيس عربي آخر يموت مقتولاً، من التالي؟