in , ,

المرأة السورية والمجتمع المدني بين المشاركة والغبن، معوقات متفاقمة ومنهجية غير مستقلة

اللوحة للفنان عبد الكريم مجدل البيك Facebook /A.majdal al-beik artworks

رشا الصالح*

يُستخدم مصطلح المجتمع المدني للإشارة للأنشطة التطوعية التي تنظمها جماعة ما ذات مصالح وقيم مشتركة. وتشمل تقديم الخدمات، أو التأثير على السياسات العامة، أو دعم التعليم المستقل على سبيل المثال.

ويضم المجتمع المدني مجموعة واسعة من المنظمات غير الحكومية، التي تنهض بعبء التعبير عن اهتمامات وقيم أعضائها، وتُبنى استناداً إلى اعتبارات أخلاقية أو ثقافية أو سياسية أو علمية أو دينية، على أساس تنمية المجتمع، وردف المؤسسات الحكومية بأداء فاعل وتنموي للمجتمع.

وكان للمرأة دور في المشاركة في بناء المجتمع المدني وصنع القرار فيه على أسس علمية وديمقراطية تفصله عن الدين والسياسة، عبر مشاركتها وانتسابها لمنظماته النسوية، حيث تقوم هذه المشاركة على عدة ظروف وأسس نذكر أهمها:

  1. سوية التحصيل التعليمي
    هناك علاقة تبادلية إيجابية بين مستوى مشاركة المرأة في منظمات المجتمع المدني النسائية وبين التحصيل الدراسي، فكلما حصلت المرأة على شهادة تعليمة، كلما كانت فرص العمل لديها أوسع.
  2. الخلفية البيئة و الجغرافية
    هناك علاقة إيجابية عربياً بين مستوى مشاركة المرأة في مجال منظمات المجتمع المدني النسوية، وبين الخلفية الجغرافية، إذ تشير نتائج المسح الميداني إلى انخفاض مستوى مشاركة النساء اللاتي ينحدرن من فئة اجتماعية ريفية، في حين ارتفعت مشاركة النساء اللاتي ينحدرن من فئة اجتماعية حضرية، بسبب  الظروف الاجتماعية والعادات والتقاليد التي تحيط بالمرأة في البيئات الريفية. 
  3. توفر العامل السياسي
    ترتكز المشاركة في المؤسسات الناظمة للمجتمع المدني على سوية الحريات والانفتاح السياسي للبلد، والسماح بترخيص قيام منظمات المجتمع المدني داخل الدولة، وهذا يتطلب توفر هامش من مساحة التعبير عن الرأي، إضافة إلى توفر عامل الأمن والأمان الداخلي الذي يبعث في نفسها الطمأنينة، ويكون حافزاً للنهوض بواقعها.

لم تستطع منظمات المجتمع المدني، وبالتحديد المنظمات النسوية، من تحقيق دور مهم وحقيقي، وخاصة في ظل السنوات السابقة التي مرت من الحرب، وما شهده المجتمع السوري خاصة من حالات نزوح وتهجير واغتصاب ومتاجرة، حالت دون حصول المرأة والمواطن على أدنى الحقوق في كثير من الأحيان، وذلك لعدم استقلالية هذه المنظمات، كون التمويل القادم إلى هذه المنظمات يأتي من الخارج، لذلك بقي هناك تبعية سياسية واقتصادية وشخصية، لم تتجاوز محاولة تحقيق الغايات والمآرب الشخصية للقائمين على هذه المنظمات، التي اتسمت بالشخصنة وضعف الأداء.

وإضافة إلى المشاكل التي تعانيها داخلياً من محسوبيات وروتين، لم تستطع أن تتميز عن مؤسسات الدولة في كثير من الأحيان، وهذا ما جعل العبء ملقى بالكامل على المرأة ذاتها، فأصبحت عرضة للضياع بين نمط التشكيل لهذه المؤسسات اللارسمية، وبين واجبها الذي يفرض عليها في هذه المرحلة الحاسمة التي تمر بها البلاد، المشاركة الفاعلة والتي بقيت محدودة ومحجمة .

لذلك كان هناك جملة من المعوقات الجوهرية التي كانت تقلل من مشاركة المرأة وإسهامها بتشكيل منظماتها النسوية، ونذكر من ضمنها :

1- إن قوانين العمل التي تتعلق بمشاركة المرأة في الحياة العامة، تعطيها المساواة المطلقة مع الرجل في مايتعلق بممارسة العمل، في حين أن مجموعة من العادات والتقاليد تعيق هذا، لذا لابد من رفع وعي المجتمع بأهمية عمل المرأة، ودورها من خلال التدريب والتوعية. 
2- توعية المرأة بحقوقها القانونية، وإخراجها من أطر الجهل بالقوانين التي تسلب حقوقها.

لابد من وجود مجموعة من المقترحات التي يتوجب تطبيقها، وخاصة في المرحلة القادمة التي تساند وتعاضد المنظمات النسوية والمرأة، في مشاركتها في منظمات المجتمع المدني لتصير صاحبة قرار سياسي يردف الدولة والمجتمع، ويعمل على إعادة إعماره، نذكر منها:

1- القضاء على الأمية الأبجدية والفكرية بين النساء وذلك بتعليمهن القراءة والكتابة وزيادة وعيها لتكون فاعلة في بناء المجتمع وتطوره.

2- التوعية الفكرية لأهمية المشاركة الفعالة للمرأة بالأنشطة الثقافية والفنية، وذلك بتشجيعها بكتابة الشعر والقصة والمسرحية، وتسهيل نشر نتاجها الأدبي، وتشجيع المرأة على المشاركة الفاعلة في الأنشطة الفنية، كالموسيقى والمسرح والفنون التشكيلية المختلفة .

3- تشكيل المنظمات النسوية للمشاركة مع الدولة، لإصدار التشريعات لحماية حريتها، وضمان حقوقها المدنية كاملة، وحمايتها من العنف والأذى ومن العادات والأعراف التي تحط من كرامتها.

4- أن تأخذ منظمات المجتمع المدني، وخاصة النسوية منها دورها الحقيقي في بناء ثقافة المرأة وذلك بإنشاء نوادي وجمعيات ومراكز ثقافية.

5-وضع مناهج تربوية للمدارس بجميع مراحلها وللجامعات تدعم احترام المرأة.

وكذلك يتوجب على منظمات المجتمع المدني بكافة أطيافه مجموعة من المسؤوليات تضمن تحقيق النهضة الحقوقية للمجتمع ككل، وللمرأة بشكل خاص، نذكر منها

1- أن تشكل منظمات المجتمع المدني كافة (نسوية وغيرها) قوة ضاغطة، وإرادة موحدة في سبيل خلق دستور سوري، تضمن به المرأة حقها بالمساواة كمواطنة ضمن مجموعة القوانين بالدستور.

2- إنشاء وزارة خاصة بمنظمات المجتمع المدني، لربط عملية النهوض بالمجتمع، والنهوض بالمرأة في عمليات التنمية الاقتصادية، والتطور الاجتماعي والمشاركة السياسية، للاستفادة من طاقات المرأة في التحولات الجذرية والاجتماعية والسياسية في مجتمعنا. 
3- السعي إلى التواصل مع المنظمات العربية والأجنبية غير الحكومية، لزيادة التمويل المخصص للبرامج والمشاريع والأنشطة المستدامة من أجل توليد الدخل للنساء المهجرات والنازحات والمحرومات، والنساء اللاتي يعشن تحت وطأة الفقر. 
4- العمل على وضع استراتيجيات ومنهجيات حكومية ملائمة، لتشجيع التنسيق والتعاون بين الحكومة ومراكز دراسات متعلقة بالمرأة. 
5- إقامة الروابط المشتركة بين المنظمات والهيئات الوطنية الإقليمية والدولية العاملة في مجال النهوض بالمرأة . 
6- سعي المنظمات غير الحكومية لأن ترتفع نسبة النساء في مواقع صنع القرار في أجهزة الدولة ومؤسساتها
7- تطوير آليات وبرامج منظمات المجتمع المدني للنهوض بواقع المرأة، عن طريق إقامة الدورات التدريبية.

*رشا الصالح صحفية وسينمائية من سوريا

اقرأ أيضاً:

المرأة اللاجئة بين الزواج الديني والزواج المدني

الزاوية القانونية – الوقاية من إجرام “أبو مروان”: الإجراءات المتبعة في القانون الألماني لحماية المرأة

تحديات المرأة في ظل تطور وسائل التواصل الاجتماعي أبواب للحرية وأخرى للابتزاز

إليكم نصائح بسيطة قد تخفف من أثر رائحة التدخين

بالفيديو: البطء يجعلك ترقص كأنك تطوف في الهواء…