in

وهم الآلات الحاسبة وحسابي “الجيد”

العمل الفني: محمد خياطة
سامر عباس. كاتب من سوريا

أعتقد أن الآلات الحاسبة غبية للغاية، لذا فأنا لا أثق بها، الأرقام: مستقيمات مجعدة لا أكثر ولا أقل. 

تكلمت العجوز: خالتي، احسب لي تنكة الزيتون كم كيلو زيت عملت؟

تقولها العجوز والقلق يجتاحها وكأنها أمام امتحانها السنوي، لقد قدمت ما تستطيع من الحب لرزقها لتنجح اليوم.

الآلة الحاسبة: مربع مقسم إلى أزرار مربعة وفي كل منها رقم، هناك أزرار الضرب والقسمة والجمع والطرح أيضاً، وأيضاً مستقيمان متوازيان هما النتيجة.

أضغط الأزرار بحرص شديد، أخطف بضع نظرات لوجه العجوز، إنها ترتجف، تترنح بين الفرح العارم والحزن الشديد.

قد تكون كلماتي البسيطة التالية هي مصدر فرحها لمدة عام كامل، وبالتالي ستحب زيتونها أكثر، وقد تحب أولادها وزوجها، لأن الزيتون هو معنى الحياة عندها.

يداها المجعدتان القاسيتان وبينما تسنداها على طاولتي تقولان: إن هذه العجوز قضت معظم حياتها بين أشجار الزيتون، تحارب العشب، و تقنع التراب بالعطاء.

الآلة الحاسبة التي لا أثق فيها قالت إن (تنكة) الزيتون لم تعطِ ثلاثة كيلو من الزيت. 

هل سأعصر قلب هذه العجوز بعد أن عصرت الآلات (بنات عم آلتي) زيتونها؟، بكلمات تمليها عليّ هذه الآلة الغبية؟

أبتسم وأفرح لفرحها المتوقع: والله يا خالتي زيتوناتك مناح الحمد لله عملت التنكة تلاتة كيلو وشوية كمان.

ويبدأ العرس بالغليان في صدرها، تتألق عيناها، ويبدأ مهرجان الفرح.

تحاول الآن أن تتحدث مع الجميع عن زيتونها وعن الزيت، موسم القطاف والسماد، كل ما يخطر في البال.

وآلتي الحاسبة التي لا أثق بها أقتلها مجدداً بزرّ (off) وأنتقل للمزارع التالي.

اقرأ/ي أيضاً:

مرجان، سحاب، شيءٌ ما يلتهم الآخر

شعر للدكتور مازن أكثم سليمان: تغافُل

قصة قصيرة: نهاية حفلات التقيؤ

عن مخيم اليرموك وقلوب مليئة بالشظايا… كوابيس لاجئ سوري 3

السوري “معتصم الرفاعي” مرشحاً لجائزة العمل التطوعي في ألمانيا للعام 2019

الفيلم الوثائقي “الكهف” للمخرج السوري فراس فياض يفوز بجائزة مهرجان تورونتو