in

سلسلة في الجنس وعن الجنس بدون تابوهات /6 – الفروق بين الاستمناء الطفولي ومثيله في المراهقة والكبر

د. بسام عويل اختصاصي علم النفس العيادي والصحة النفسية والجنسية 

الاستمناء هو شكل من أشكال التنبيه الذاتي الجنسي الذي تعود بداياته إلى مرحلة الطفولة بين عمر الرابعة والسادسة في أغلب الأحيان، ومن ثم يغيب ليعود مع بداية المراهقة وربما إنذاراً ببدايتها. وتجمع الدراسات على أن نسبة ممارستها بين الذكور والإناث كبيرة جداً في مرحلة المراهقة بتواترات مختلفة قد تصل لمرات متعددة في اليوم. 

والاستمناء هو سلوك جنسي استثاري إرادي للمناطق ذات الحساسية الجنسية العالية في الجسم، يقتصر في شكله التقليدي على مداعبة القضيب والاحتكاك عند الذكور، أما عند الإناث فيتم بلمس ومداعبة الأعضاء التناسلية عند الأنثى (البظر والمهبل، وكذلك مداعبة وفرك ولمس حلمات الثدي)، أو أيضاً قد يتم دون لمس مباشر وإنما بالتخيلات المترافقة مع شد عضلات البطن والورك، أو بطريق الاحتكاك بين الفخذين ووضع المخدة بينهما. 

ونظراً لكون الدافع وراء الاستمناء عند الأطفال يختلف كثيراً في جوانبه عن مثيله عند المراهقين والكبار، فإنه لابد من التفريق بينهما استدراكاً لعدم الخلط وهو الذي يسبب الكثير من المشكلات عند الأهل أثناء ملاحظتهم لسلوك طفلهم الجنسي الاستمنائي. 

الاستمناء الطفولي:

هو سلوك شائع يمكن ملاحظته عند نسبة كبيرة جداً من الأطفال من الذكور والإناث على حدٍ سواء، وبغض النظر عن البيئة الثقافية التي يعيشون فيها. يترافق مع مرحلة تمركز الطفل على ذاته التي اعتبرها جان بياجه إحدى المراحل المهمة في النمو النفسي المعرفي عند الأطفال، ويربطها فرويد مع البحث عن اللذة الموضعية وخاصة مع بداية المرحلة القضيبية، التي تتميز وفق نظرية النمو النفسي الجنسي الفرويدية بظهور عقدة أوديب عند الذكور وعقدة إلكترا عند الإناث نظراً لافتتان الطفل بوالدته أو والده وغيرتهم منهم والسعي للحلول مكانهم. لهذه المرحلة وظيفتها في تكوين الأنا الأعلى في شخصية الطفل. 

وتتزامن بدايات الاستمناء الطفولي مع محاولة الطفل التعرف على جسده، حيث يتعرف من خلال ملامسته لأعضائه التناسلية شعور جديد بالمتعة لم يخبره من قبل، وهي المتعة التي سيعرف أنه يمكنه توفيرها لنفسه دون مساعدة الآخرين. مما يدفع الطفل لتكرار السلوك وصقله وتنويعه بحيث يصبح وسيلته للمتعة عند الحاجة.

يترافق الاستمناء الطفولي عادةً مع بعض السلوكيات الجنسية الأخرى التي تثير حفيظة الأهل كالتعري والزهو بالعضو التناسلي، والتلصلص على الكبار والتقارب الجسدي معهم، وممارسة الألعاب الجسدية مع الأطفال الآخرين ذات المواضيع الجنسية (كلعبة الطبيب مثلاً). 

يمارس الأطفال العادة السرية بهدف الحصول على المتعة ولكن ليس المتعة الجنسية بمفهومها المعروف بالنسبة للمراهقين والبالغين، كما أنها تساعده في تخفيض التوتر النفسي (وهو الأمر المشترك بينها وبين ممارستها في المراحل العمرية المتقدمة)، إضافةً إلى أنها تسمح للطفل بدافع الفضول وحب الاستطلاع اكتشاف جسده ووظائف هذا الجسد واختلافه عن أجساد الآخرين المختلفين جنسياً أو عمرياً. فنجده يتعرف على أن لهذا العضو أو ذاك وظائف أخرى غير تلك الفيزيولوجية التي عرفها حتى الآن وقد تكون مصدراً للمتعة والسعادة.

عادةً ما يمارس الأطفال العادة السرية كالكبار في وقت النوم أو وقت الاستحمام أو عندما يشعر الطفل بالملل والفراغ والوحدة، أو بالانزعاج وعند شعوره بالغضب من شيء ما أو كردَّ فعلٍ على عقاب الأهل له. فنجده يستمتع بحكّ جسمه كاستمتاعه بوضع إبهامه في فمه وامتصاصه. هذا التصرّف عمليّاً يهدّئه ويشعره بالأمن والارتياح.

تبدأ ممارسة العادة السرية عند الأطفال على العموم بالانحسار مع دخوله عامه السادس أو السابع على أبعد تقدير، إلا بحال ارتبط هذا السلوك بحاجات نفسية واجتماعية أخرى غير نمائية تختلف تلك التي تكلمنا عنها، كملء الفراغ العاطفي الناتج عن عدم إشباعه من قبل الأهل بسبب الإهمال أو ولادة طفل جديد في الأسرة، أو شد انتباه الأهل والآخرين نحوه، أو حتى كوسيلة لإزعاج الأهل أو التعبير عن الرفض. عندها يمكننا ملاحظة أن ذلك السلوك بدأ يأخذ مسارات مختلفة عن سابقاتها ويصبح سلوكاً وظيفياً قسرياً هدفه إشباع عاطفي بديل.

أما الاستمناء في المراهقة وما بعدها فسنتناوله في العدد القادم.

مواد أخرى من السلسلة:

سلسلة في الجنس وعن الجنس 5: ماذا نعرف عن الجاذبية الجنسية وتفاصيلها؟

في الجنس وعن الجنس بدون تابوهات 4 / الثقافة الجنسية و متطلبات العصر – استحقاقات وتحديات

سلسلة في الجنس وعن الجنس 3: صحتك النفسية في متناول يديك فحافظ عليها

سلسلة في الجنس وعن الجنس 2: في مفهوم الصحة الجنسية وتطوره عبر العصور

التعليم عبر الإنترنت ” Online learning”… اضغط زر التسجيل وابدأ رحلة التعلم

سرطان عنق الرحم والعدوى الصامتة… العفة أم اللقاح؟