in

الزاوية القانونية: الخطأ الطبي المفضي إلى المسؤولية الجزائية

جلال محمد أمين. محامي ومستشار قانوني سوري مقيم في ألمانيا

من الناحية القانونية يعتبر الخطأ الطبي إيذاءً معاقب عليه، ولكن بشكل عام يصعب إثبات وجود الخطأ الطبي- خاصةً للاشخاص غير المختصين. لذلك يتوجب على الطبيب المعالج الحصول على موافقة المريض المصاب أو ممثله القانوني. (إذا لم تكن الحالة طارئة عاجلة، يلزم فيها اتخاذ إجراء سريع لمعالجة المريض).

من حيث المبدأ يعتبر العمل الجراحي بحد ذاته إيذاء جسدي، إلا أنه ضرورة لا بد منها لإزالة ضرر أكبر. التدخل الطبي قد يكون فيه من الخطورة غير المقصودة إما أكثر أو أقل من الضرر الموجود أصلاً على السلامة الجسدية للشخص. ولكن بما أن الهدف والغاية من العلاج أو العمل الطبي ليس الإيذاء بل مساعدة المرضى لاستعادة صحتهم، لذلك لا يمكن اعتبار أي فشل في العلاج نوعاً من الخطأ الطبي أو تقصيراً في العلاج.

عموماً، يلتزم الطبيب بتقديم معلومات واضحة عن المخاطر المحتملة للعلاج ونتائجه الطبية وفي حال توقيع الشخص على الموافقة يعتبر المريض أو الموقع موافقاً على المخاطرة. وفي حال حدوث مضاعفات أثناء العملية أو بعدها، لا يمكن افتراض حدوث خطأ في العلاج الطبي تلقائيًا، إذ يمكن أن تؤدي الإصابات البدنية إلى أضرار جسيمة حتى لو تم علاجها بشكل صحيح من قبل الطبيب، وقد يتوفى المريض في النهاية، فالطبيب لا يستطيع إنقاذ كل مريض.

يجدر القول بأن كل علاج له مخاطره، لاسيما الجراحة ولهذا ينبغي تجنب العمليات غير الضرورية. ومع ذلك، إذا كان لا يمكن تجنب العملية لتحسين الحالة الصحية، فعلى المريض قبول المخاطر المرتبطة بها إلى أقصى حد ممكن.

إن قانون العقوبات في ألمانيا يحمي المريض وفق المادة 228. وكذلك يحمي الأطباء من أية أعمال انتقامية محتملة من قبل المريض إذا كان المريض غير راضٍ عن النتيجة، طالما لم يتم إثبات أي خطأ في العلاج!

متى يكون هناك خطأ فادح في العلاج؟

نستطيع القول بأن موافقة المريض على العلاج هو عقد بين الطرفين، يلزم الطبيب بالعناية عناية الشخص الحريص بالمريض، إلا أنه لايلزمه بالنتيجة الطبية، بشرط أن يراعي المعايير الحديثة، التي ينبغي أن تساعد المريض لتحسين صحته. إذاً الشفاء ليس شرطا من شروط العقد.

قد يكون تعريف مصطلح “خطأ في العلاج” صعباً، فمجرد عدم تحسن حالة المريض الصحية بعد العلاج أو حدوث مضاعفات لا يعني وجود خطأ من قبل الأخصائي. فإذا كان الطبيب قد استوفى واجبه في العناية وقدم للمريض الرعاية الطبية وفقاً للمعايير العلمية، لا يمكن اعتباره قد ارتكب خطأً في العلاج إلا إذا كان الخطأ مقصوداً وفيه إهمال شديد. وهنا يسمى سوء التصرف الجسيم في العلاج، أو سوء التصرف إذا أضر الطبيب بالمريض من خلال سلوك غير لائق لا يتماشى مع أصول العلاج عن طريق الإهمال.

أهم الأخطاء الطبية

  • أخطاء في التشخيص وما ينتج عنها من علاج غير صحيح
  • أخطاء في تنفيذ العلاج
  • عدم التوضيح للمرضى حول المخاطر المحتملة أثناء المعالجة
  • أخطاء في توثيق العلاج
  • الامتناع عن العلاج
  • الإيذاء من قبل الطبيب عن طريق الإهمال.

ومن أمثلة الأخطاء الطبية: أن لا يقدم الطاقم الطبي للمريض المساعدة اللازمة التي تحق لكل شخص وفقاً للأخلاقيات الطبية. أو عدم اعطاء الأدوية في الوقت الصحيح، أو الفشل في التعرف على حالة خطيرة وبالتالي تعريض حياة المريض للخطر أو الموت.

ونشير إلى أنه لا يكفي الخطأ المهني البسيط، بل يجب أن يكون الخطأ فادح في المعالجة من حيث عواقبه، على سبيل المثال، إذا تم تقييم صور الأشعة السينية بشكل غير صحيح

خطأ طبي مشتبه به – ماذا يمكن للمريض أن يفعل؟

ليس من السهل أن تثبت الخطأ الطبي. فإذا كان لدى الشخص شك بوجود خطأ طبي فإن الذهاب إلى طبيب آخر هو الخيار الأول، لحصول على رأي آخر للتأكد، من أجل تقييم أفضل لمدى وجود الخطأ. كما أن طلب المشورة من محام ذو خبرة بالقانون الطبي يساعد في اتخاذ القرار الصحيح.

وهناك خيارات أخرى يمكن للمتضررين الذين يشكون في أنهم ضحايا لخطأ في العلاج اتباعها، باللجوء إلى هيئات التحكيم التابعة للجمعية الطبية الألمانية، وجمعيات أخرى عديدة تتعامل مع ضحايا أخطاء العلاج.

ولكن ما هي عقوبة الوقوع في خطأ طبي فادح؟ 

بالإضافة إلى عقوبات القانون المدني للمسؤولية الطبية عن خطأ في العلاج، يمكن للطبيب أيضاً مواجهة عقوبات القانون الجنائي كما أوضحنا في الجدول المرفق. أي الغرامة وعقوبات بالسجن قد تصل لفترات طويلة، كما يمكن أن يفقد الطبيب رخصته لممارسة الطب، بسحب موافقة الجمعية الطبية، وهو ما يعادل الحظر المهني. 

جدول الأخطاء الطبية التي تعتبر جريمة وعقوباتها والتقادم* على العقوبة:

الخطأ الطبي
العقوبة
التقادم
إهمال مؤدي إلى الإيذاءالغرامة أو الحبس لمدة 3 سنوات
خمس سنوات
إهمال مؤدي إلى الموتالغرامة أو السجن لمدة خمس سنوات
خمس سنوات
الخطأ المتعمد المؤدي إلى الإيذاءالسجن من سنة إلى عشر سنواتعشر سنوات
الخطأ المتعمد المؤدي إلى الإيذاء الشديدالسجن من سنة إلى عشر سنواتعشر سنوات
الإيذاء المفضي إلى الموتالسجن من 3 إلى 15 سنةعشرين عاماً

*التقادم: يعني إذا لم يتقدم الشخص المتضرر بالادعاء ضد الطبيب الذي ارتكب الخطأ، فإنه يفقد حقه بالادعاء بعد
مرور المدة المحددة في الجدول.

زوايا قانونية أخرى:

الزاوية القانونية: نظرة على أهم التغييرات في القوانين الألمانية لعام 2020

الزاوية القانونية: قوانين حيازة الأسلحة في ألمانيا

الزاوية القانونية: بعض مخالفات السير وفق القانون الألماني

ألمانيا: محاكمة موظفين سابقين في الاستخبارات السورية بتهمة ارتكاب جرائم تعذيب

Der feministische März