in

بورتريه مهاجرون في ألمانيا: الكاتب والشاعر نائل بلعاوي

إعداد ميساء سلامة فولف

 في هذه الزاوية نعرّفُ القراء بشخصيات من المهاجرين الذين وصلوا إلى ألمانيا منذ سنواتٍ طويلة، وتمكنوا من إعادة بناء حياتهم ومستقبلهم بعيداً عن أشكال وحدود الانتماء التقليدي، وحققوا نجاحات في مجالاتٍ عديدة، فاحتضنتهم هذه البلاد وصارت لهم وطناً.

 تردد نائل بلعاوي طويلاً قبل أن يقدم على إصدار مجموعته الشعرية الأولى بعنوان غير مألوف هو: “ما يشبه الشعر”. ولعل تردده يعود إلى تصوراته حول الكتابة والشعر تحديداً، فقد كان يحلم بالأفضل دائماً.

الرغبة بالأفضل دفعته في منتصف تسعينيات القرن المنصرم على سحب مجموعة شعرية جاهزة من دار النشر قبل إصدارها، ومن ثم متابعة الكتابة حتى أنجز مجموعةً أخرى، إضافة إلى كتاب نثري خاص بأدب الرحلات، ولكن ظرفاً قاسياً قاد الكتابين إلى الضياع الكلي في القاهرة عام 2011.

تابع بلعاوي الكتابة في الصحف والمجلات العربية سينشر قريباً مجموعةً بعنوان “قصائد كلارا“ ليتفرغ بعدها لمشاريع نثرية أخرى، فبلعاوي، كما يقول عن نفسه، هو الإبن الوفي لاقتراحات النثر وعوالمه الكبيرة، مع أن لغته تعتمد الشعر نبعاً دائماً، فهو لا يؤمن بجنسانية صارمة للنصوص، يقول: “اكتب النثر من وحي الشعر، والشعر من وحي النثر أيضاً“.

ولد نائل في فلسطين المحتلة عام 1966، ونزح رضيعاً مع والدته إلى الأردن في حزيران من تلك السنة إثر دخول القوات الإسرائيلية لقريته بلعا القريبة من طولكرم في الضفة الغربية، وتلك حكاية شقية وشيقة كما يصفها، فقد هربت الام بابنها الوحيد خوفاً قبل أن يعود زوجها من عمله في مدينة نابلس مما أدى إلى تفرق العائلة، الأب يبحث عن زوجته وابنه في فلسطين والأم تنتظره في شمال الأردن، حتى قررت الأم إرسال رسالةٍ إلى البرنامج الإذاعي الشهير آنذاك “رسائل شوق“، لتخبر زوجها بمكانها، وبالفعل سمع الزوج الرسالة والتحق بها بعد سنة ونصف تقريباً.

لم تطل إقامة بلعاوي في الأردن فقد غادرها للدراسة والعمل في فيينا عام 1988 وما يزال يعيش هناك، في فيينا مدينته الأجمل، يواصل الكتابة والترجمة عن الألمانية التي يحبها ويشكرها كما يقول على منحه فرصاً لا تعد للإطلال على ثقافة كونية عظيمة ومبدعة، تلك التي تمثلها اللغة ألالمانية.

في الوقت عينه لا يقلل من صعوبات البداية في المكان الجديد، ليس فقط لصعوبة تعلم اللغة الجديدة، بل تتعدى ذلك إلى الاندماج في قلب ثقافة غير معروفة من قبل والدخول في طقوسها واستيعاب إرثها، ثم إقامة حياة شخصية مستقلة لا تستغني عن الثقافة الأم، ولا تتناقض مع الثقافة الجديدة، وهذا يمكن تحقيقه إن تمتع الشخص بالقدرة على استيعاب الآخر وتقبله واحترامه، ناهيك عن الإيمان بالحرية التي يعتبرها مفتاحاً سحرياً لتخفيف أعباء العيش في الأمكنة الجديدة والتواصل الانساني غير المشروط مع الاخر.

صدرت مجموعة ما يشبه الشعر عن الدار الأهلية للنشر والتوزيع في عمان قبل أيام قليلة وهي متوفرة الآن في الأسواق.

 

اقرأ/ي أيضاً:

 بورتريه مهاجرون في ألمانيا: فادي عبد النور – الناشط الثقافي والمدير الفني لمهرجان الفيلم العربي في برلين.

بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – لميس سيريس

بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – الفنانة السورية علياء أبو خضور: قوة السحر في الاختزال

Migrantentagebuch, dritter Eintrag: Schwarz & Weiß

نوروز… عيد واحد لشعوب كثيرة