in

بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – الدكتورة سلام سعيد

تصوير: ميساء سلامة فولف
إعداد ميساء سلامة فولف
في هذه الزاوية نعرّفُ القراء بشخصيات من المهاجرين الذين وصلوا إلى ألمانيا منذ سنواتٍ طويلة، وتمكنوا من إعادة بناء حياتهم ومستقبلهم بعيداً عن أشكال وحدود الانتماء التقليدي، وحققوا نجاحات في مجالاتٍ عديدة، فاحتضنتهم هذه البلاد وصارت لهم وطناً.

الدكتورة سلام سعيد

من مواليد منطقة جرمانا المتاخمة للعاصمة السورية دمشق. ترعرعت في كنف أسرة من الطبقة المتوسطة، لوالدين يعملان في مجال التعليم واعيين للواقع السياسي والاجتماعي.

تقول سلام: “أنا محظوظة لأنني ولدت في بيئة مثقفة علمانية ومتحررة نوعاً ما، فأمي قادتني لأقرأ نوال السعداوي ومفكرات عربيات أخريات، ووعيت على واقع المرأة البائس والظلم الذي تتعرض له في مجتمعاتنا، وعلى الفروق الكبيرة بينها وبين الرجل. ومن والدي تعلمت الفكر النقدي وخصوصا نقد التقاليد والفكر الديني المتزمت، ونقد الدوغمائية الدينية منها والسياسية. وأصبحت أكثر وعياً لقضايا الحريات السياسية والأنظمة الدكتاتورية الفاسدة”. 

كانت سلام تحلم بدراسة الهندسة المعمارية، لكنّ نظام المفاضلة القاسي في سوريا أهّلها لدخول كلية التجارة والاقتصاد التي لم تكن تحبها قط! في هذه الفترة بدأت تحدّياتها الكبرى مع الحياة، فتعثرت مراحل دراستها الجامعية الأولى.

ولكن بعد محاكمة عقلانية للآفاق المتاحة أمامها، قررت إنهاء دراستها في الاقتصاد السياسي بنجاح، ليتسنى لها التحرر من مجتمع ونظام سياسي مقيدين، وأكملت الدبلوم في العلاقات الاقتصادية الدولية بتفوق، ثم سافرت إلى ألمانيا لمتابعة الدارسة والتخصص على نفقتها الخاصّة.

وصلت سلام سعيد ألمانيا عام 2001، وبدأت تحديات الاغتراب والاعتماد على النفس في بلد مختلف وبلغة جديدة. وكان إتقان اللغة الألمانية الأكاديمية من أهم تلك التحديات، فثابرت على تعلمها بنفسها، حتى حصلت على قبول من جامعة بريمن.

أنهت الماجستير حول “العلاقات الاقتصادية الدولية والمؤسسات الاقتصادية الدولية وتأثيرها على الاقتصاديات المحلية”  بتقدير جيد جداً، مما سمح لها بمتابعة الدكتوراه والتركيز على موضوع الأطروحة: “اختبار منطقة التجارة العربية الحرة وتأثيرها على الصناعات المحلية في كل من مصر وسوريا”، مدعومةً بمنحة دراسية من مؤسسة هاينريش بول القريبة من حزب الخضر الألماني. 

أثناء دراستها، عملت سلام سعيد في جامعة هامبورغ على عدة مشاريع أكاديمية متعلقة باقتصاديات المنطقة، مما زاد خبرتها في مجال التعليم الأكاديمي. حصلت مجدداً على منحة من DAAD للبحث ما بعد الدكتوراه في جامعة ايرلنغن، وقامت بتدريس عدة مواد تخصصية في ذات الجامعة.

ومع بدء الربيع العربي انخرطت في مشاريع بحثية متعددة تتناول الاقتصاد السياسي والأسباب الاجتماعية والاقتصادية لقيام الربيع العربي، وذلك مع عدة منظمات بحثية مثل بيك BICC  في بون ومنظمة GIZ وفريدريش ايبرت.

تعمل سلام سعيد اليوم كخبيرة في المجال الاقتصادي؛ وتدرس في عدة جامعات ألمانية الاقتصاد السياسي والعلاقات التجارية للدول العربية، وتشرف على عدة مشاريع ومنشورات تتعلق بالتطورات الاقتصادية في المنطقة. لها عدة مقالات وكتب باللغة الألمانية، الإنكليزية والعربية. 

تقول سلام: “الإندماج هو التعرف والانفتاح وقبول ثقافة الآخر ومشاركته الثقافة الخاصة به. وبالنسبة لي بدأت بهذا في معهد غوته الألماني في دمشق، أثناء تعلمي اللغة. وقد عزز العمل الطوعي في المجال المدني والسياسي في ألمانيا مقدرتي على الاندماج في نسيج اجتماعي متنوع”.

تعرفوا على مهاجرين آخرين حققوا نجاحات في ألمانيا:

بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – الكاتب والصحفي حكم عبد الهادي

بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – الصحافية رشا حلوة

بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – المخرجة والمحررة ديمة حمدان

ألمانيا 2020: 12 احتفالية استثنائية في 12 مدينة ألمانية على مدار العام الجديد

Wie es eine syrische Frau schaffte, trotz vieler Schwierigkeiten ein erfolgreiches Business in Deutschland aufzubauen