in

بيوغرافي فنان العدد: محمد خياطة.. التنوع في آليات التعبير تعويضاً عن ذاكرةٍ تُـفتَقد

نثر الفنان محمد خياطة في عام 2018 أعماله وخوفه في أحياء بيروت، هكذا تمكن في معرضه “تخلي” من توزيع خمسة عشر عملاً في أحياء المدينة، خالقاً فضاءات فنية جديدة معتمداً على البيوت الخاصة والأماكن العامة وشبه العامة، حتى أن أصحاب هذه الأماكن تبنوا هذا المشروع وأصبحوا بشكلٍ ما شركاء في تقديم الأعمال، بل وساهموا بشكل أساسي في التغلب على المخاوف التي طرحها الفنان في أعمال تركيبية يتكرر فيها العنصر مراراً وتكراراً ليصبح ككرة الثلج المتدحرجة.

محمد خياطة هو فنان تشكيلي سوري من مواليد دمشق 1985، درس في كلية الفنون الجميلة في دمشق، ويقيم في  بيروت منذ عام 2012، حيث قدم أعماله في أربعة معارض فنية فردية، كان له أيضاً معرض فردي في مدينة ليستر سيتي الإنكليزية إضافةً للعديد من المعارض الجماعية في بيروت وأوروبا وبريطانيا وأميركا.

في حديثه عن رحلته مع الفن يقول خياطة: “بدأت أولاً بالبحث عن هويتي بشكل شخصي، فكنت ألتقط صوراً فوتوغرافية لنفسي وانا ملتحف برداء مرقع، مستلهماً من ذاكرتي ما كانت أمي تفعله في وقت فراغها من إعادة تدوير ملابسنا وصنع “المدة” هكذا كان اسمها، وهي القطعة المجموعة من ثيابنا القديمة المتنوعة الألوان. تجمعنا هذه “المدة” على الطعام كل يوم تقريباً فكان لوجودها جمالية اللقاء والاستمتاع بالمشاركة، وهو ما نفتقده في هذا الوقت بالذات، فكان معرضي الاول عام 2013  بعنوان “أجزاء وقطع” تتمة لتجربتي في سورية“.

ازداد اهتمام محمد خياطة في السنة الثانية من إقامته في لبنان بالذاكرة الجمعية، فبحث عن أشباهه من الشباب الذين سافروا بحثاً عن فرص أفضل بعيداً عن النزاع. ومن هنا جسدت أعماله تباعاً مشاعر وأفكار تتعلق بهشاشة العيش، وقسوة النزوح عن الوطن، وأهمية الحب، وضرورة الإحساس بالأمل، والرغبة في نوم فردوسي خالٍ من الهواجس والكوابيس.

أحب أن أمزج بين الرسم والتصوير الفوتوغرافي، وأنقل لوحاتي من بُـعدِها الثنائي إلى بيئتها التي خلقت فيها. لذلك رسمت الفلاح والعامل والمرأة العاملة وتقمصت شخصياتهم حاملاً همهم لأضعه كله في لوحة“.

يقول خياطة أن أعماله نضجت خلال السنوات السبع الطويلة التي مرت على سوريا، بذاكرتها المليئة بالحوادث المأساوية والمتسارعة، لاسيما أن الغربة ملهمة للفنانين من كتاب وموسيقيين وتشكيليين، ولعل إقامته في بلد مليء بالتناقضات كلبنان يعاني بالأساس من النزاعات كان لها دورٌ في ذلك. في المقابل فقد محمد خياطة الكثير من ذاكرته عن سوريا؛ “أعاني من صعوبة تذكر بعض الأسماء والمناطق، لم أعد أعرف أين يسكن أهلي.. أصبحت الحياة مختلفةً عما كانت عليه خاصة مع فقداني لأمي السنة الماضية“.

في معرضه “أم الزلف” سرد خياطة مشاهدَ مختلفة لحياة القبائل وسكان مدن الفرات وموسيقاهم الجميلة، في محاولةٍ لإحياء تلك المنطقة ومحاربة فكرة الموت بشكل أساسي. ولهذا ترك معرض “أم الزلف” أثراً جميلاً لدى الكثيرين ولدى خياطة نفسه لعكسه صورةً جميلة عن ذاك الإرث الموسيقي والثقافي شبه المندثر.

للموسيقا مكانٌ أثير في حياته الفنية فهو عازف إيقاع وعضو في “فرقة الصعاليك” التي تؤدي الأغاني التراثية السورية، لكنه يعتبر نفسه فناناً تشيكيلياً بالدرجة الأولى، أما الموسيقا فقد كانت مرافقةً للسفر وملهمةً خلال السنوات الأربع الفائتة، كما كانت السبب الرئيسي في بحثه عن الإرث الثقافي الذي دمر بشكل كلي أو جزئي في بعض المناطق المهمشة أساساً في سوريا على ضفاف الفرات.

في مشروعه القادم اختار خياطة بُعداً آخر للوحاته وشخوصه وهو ما سيظهر قريباً مع تتابع الأعمال.

لزيارة الويب سايت الخاص بالفنان:

www.mohamadkhayata.com

مواد ذات صلة:

بيوغرافي فنان العدد: خليل عبد القادر – رحلة في غرفة بعيدة

بيوغرافي فنان العدد: وليد المصري.. حين تصبح اللوحة حاملاً لآلام الوطن

بيوغرافي فنان العدد: الفنانة التشكيلية الفلسطينية “نسرين أبو بكر”، الفن تحت سيطرة الاحتلال

الشعب في ميادين مصر مجدداً.. ارحل يا سيسي

Flüchtlingskinder: Die große Herausforderung hinter dem scheinbaren Wohlstand