in

سلسلة تربوية 2: طفلي ثنائي اللغة.. كيف أتعامل مع الأمر؟!!

ياسمين عيّود – باحثة في مجال التربية وعلم الاجتماع

تختلف سرعة تطور اللغة اختلافًا كبيراّ من طفل لآخر، ويمكن أن يكون هناك اختلافات كبيرة حتى بين الأشقاء في البيت الواحد، حيث يميل الأطفال الذين يتحدثون بلغتين أو أكثر إلى البدء في الكلام متأخرين قليلاً عن أقرانهم أحاديّي اللغة، لكنهم بحلول ســن الخامسة يستطيعون التحدث بسهولة بكلتا اللغتين، شريطة أن يكون لديهم ما يكفي من التعرّض والتفاعل مع كليهما. 

فالتفاعل هو مفتاح تطور لغة الأطفال. وهناك خمس عادات يجب أن يتحلى بها والدا الأطفال ثنائيي اللغة أو متعددي اللغات أثناء تربيتهم وتعليمهم:

1. التحلي بالصبر:

قد تشعر أحياناً أن طفلك يستغرق وقتًا طويلاً جداً في نطق الكلمات الأولى بلغتك، أو تشكيل جملة أو معرفة الكلمة إلى أي لغة تنتمي، بغض النظر عن لغتين أو ثلاث لغات، في الواقع هي مهمة ليست بالسهلة بالنسبة للطفل، دوماُ خذوا في الحسبان أن طفلكم يحتاج مزيداّ من الوقت للاستعداد للتحدث. فاجعل الصبر عادة.

2. إعطاء ردود فعل إيجابية:

أظهروا تقديركم عندما يحرز طفلكم/طفلتكم تقدماّ في التحدث بلغتكم الأم. اجعلوهم يشعرون بالسعادة عندما يستطيعون التواصل بلغتكم. في الوقت نفسه، حاولوا التحكم بمشاعركم وتعابير وجهكم حين تشعرون أن الأمر لا يسير كما تريدون أو أن الطفل يتقدم بخطى بطيئة جداً أو ينسى، فكلها أمور طبيعية في البداية. اجعل التعزيز الإيجابي عادة.

3. الحفاظ على القراءة:

اقرؤوا قصص قبل النوم وتأكدوا من توفر الكثير من مواد القراءة بلغتكم وفي أماكن يستطيع أطفالكم الوصول إليها. وعندما تشعر بأنك قرأت جميع الكتب التي لديك، ابحث عن قصص على الإنترنت (انظر نهاية المقال لتجد روابط لأهم المواقع العربية فيما يخص التطبيقات والقصص والأغاني المصورة للأطفال). قد لا يكون من السهل أو الرخيص دائماً حجز الكتب بلغتك إذا كنت تعيش بعيداُ، وهنا نشجعك على البحث في قسم القصص العربية في مكتبة الحي العامة. اجعل القراءة عادة.

4. التحدث مع طفلك وبكل وقت:

تحدث إلى طفلك حول كل ما تفعله في روتينك اليومي مثلاً، ابدأ هذه العادة بالفعل قبل ولادة طفلك مع نهاية الشهر الثالث أثناء الحمل حيث يكون الجنين قادراُ على السمع بصورة أولية، تحدث عن أي شيء، سواء كان ذلك عن الأعمال المنزلية أو الأماكن التي زرتها أو التسوق أو خطط العطلات أو حتى قطط الجيران. اجعل التحدث والكلام مع طفلك في كل مكان وكل وقت أكثرمن عادة.

5. احصل على مزيد من المرح:

سيكون ربط لغتك بالأشياء المرحة عاملاً محفزاُ قوياً لطفلك لتعلمها والاستمرار في التحدث بها. ضع روتيناً عندما تلعب ألعاباً معينةُ بلغتك فقط، ألّف أو ابحث عن تمارين ممتعة للعبة الكلمات بلغتك واجعل بها حيزاً مهماً في حياتك اليومية (ألعاب قاسم والمزرعة – مسرح العرائس بشخصيات مستوحاة من تراثك وثقافتك – الحزازير المضحكة – القصص القصيرة الطريفة واستخراج الكلمات المكررة منها..). اجعل المتعة في التعلم أكثر من عادة.

على الوالدين إدراك أن الأطفال لا يصبحون ثنائيي لغة “كالسحر أو بوقت قصير”. هناك مقولة مستمرة تدّعي أن “الأطفال يشبهون الإسفنج عندما يتعلق الأمر باللغة” وأنهم سيتعلمون جميع اللغات التي يسمعونها بانتظام – وهذا ببساطة غير صحيح. نعم غير صحيح، ففي الظروف الصحيحة سينمو الأطفال بشكل طبيعي لاكتساب لغات الأسرة، ولكن هذا يحتاج إلى خطة، لتنجحوا في تنشئة أطفال يتحدثون بلغتين او أكثر. وقبل البدء بأي خطة ستتبادر لكم الأسئلة الأتية، على سبيل المثال لا الحصر:

 كيف سيجيد أطفالي اللغتين بطلاقة؟ ماذا عن القراءة والكتابة؟ من يتحدث ماذا ومتى؟ 

ناقشوا هذا في العائلة واتفقوا على أهداف واضحة وواقعية. وبمجرد وضع خطتكم كآباء وأمهات، يجب عليكم الالتزام بها كأسرة واحدة والبقاء ثابتين في استخدام لغتكم وفق أدواركم.. قد تأتي لحظات تشعرون بها أنكم فعلتم كل ما في وسعكم بشكل صحيح وبقيتم ثابتين وفق دوركم اللغوي الذي تقومون به في البيت، ولا يزال طفلك/طفلتك يأتي من المدرسة في كل يوم ولكن لا يجيب عليك بلغتك!ستشعر بخيبة أمل وإحباط إذا حدث ذلك في البداية، لكن الأمر المهم هنا هو ألا تستسلم في هذه المرحلة التي قد تستغرق أياماً أو أسابيعاّ وقد تمتد بضعة أشهر، المهم هو ألا تستسلم وأن تستمر في الحفاظ على ثباتك وزيادة وقت التعرض والتفاعل بلغتك مع طفلك ما أمكن وسترى النتيجة التي تفرحك بعد فترة وجيزة.

وأخيراً هناك توصية عامة تقول: بأنه يجب أن يتعرّض الأطفال للغتهم الأم (كالعربية مثلاً) بنسبة لا تقل عن ثلاثين بالمائة في اليوم من وقت استيقاظهم حتى نومهم ليصبحوا ثنائيي اللغة بشكل طبيعي، وقد يحتاج بعض الأطفال إلى مزيد من الوقت أو أقل لاكتساب هذه اللغة وفق الفروقات الفردية فيما بينهم. لكن النصيحة الأهم هو ألا تستسلم كأب أو كأم وتحدث لغتك مع طفلك لحظة دخوله باب البيت كل يوم.

بعض المصادر التي تساعد الوالدين في تعليم أبنائهم اللغة العربية وغالبيتها تحوي قصصاً مصورة أو تطبيقات غنية بأوراق العمل وفق المستويات المتدرجة لتعليم اللغة العربية، واخترت لكم أهمها وفق خبرتي:

اقرأ/ي أيضاً:

سلسلة تربوية 1: طفلي ثنائي اللغة.. أسئلة وإجابات؟!!

الثقافة الجنسية في المدارس الألمانية وقلق الأهل الصامت

عدة ولايات ألمانية تعلن إغلاق المدارس ورياض الأطفال بسب كورونا

شركة السكك الحديدية الألمانية “دويتشه بان” توقف جميع رحلاتها الدولية إلى إيطاليا