in

حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في ألمانيا: الاندماج الاجتماعي الثقافي، والتأهيل المهني، والرعاية الصحية

حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في ألمانيا
حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في ألمانيا

فيصل باكير.  دبلوم دراسات إجتماعية ـ مدير قسم ذوي الاحتياجات الخاصة في مؤسسة نافيتاس في برلين
تولي جمهوية ألمانيا الاتحادية منذ تأسيسها عام 1949 اهتماماً كبيراً بالأشخاص ذوي القدرات والحاجات الخاصة، فمنذ إصدار دستورٍ جديدٍ بعيد الحرب العالمية الثانية، تم وضع قوانين تتعلق بهذه الفئات الأكثر احتياجاً للرعاية والمساندة، والذين تعرضوا للتمييز،أوالاضطهاد والتهميش المنظم إبان الحكم النازي. فقد خصهم الدستورالجديد بقوانين تضمن حقوقهم، واعتبرهم جزءاً من النسيج الواحد للمجتمع الألماني، وذلك حرصاً على المساواة، وعدم التمييز بين المواطنين في الحقوق والواجبات.

وتعمل دوائر الدولة المختصة، من خلال التعاون مع المؤسسات والجمعيات الخيرية والخاصة، على الالتزام بتقديم حزمة من الخدمات المتكاملة لذوي الاحتياجات الخاصة في ألمانيا، تشمل عدداً من المزايا العامة في قطاعات الصحة والتعليم والتأهيل والعمل والنقل وغيرها.
اقرأ/ي أيضاً: الزاوية القانونية: ذوي الاحتياجات الخاصة في ألمانيا.. إضاءة على بعض التسهيلات والخدمات

تعريف ذوي الاحتياجات الخاصة في القانون الاجتماعي الألماني التاسع

هم الأشخاص الذين يعانون من إعاقات جسدية أو أمراض نفسية أو قصور عقلي لمدة ستة أشهر أو أكثر، أو معرضون للإصابة بتلك الأمراض، مما قد يعيق مشاركتهم الاجتماعية، واندماجهم في الحياة العامة، والقيام بإدارة وتدبير شؤون حياتهم اليومية، بشكل مستقل.
وهناك حسب قانون ذوي الاحتياجات الخاصة درجاتٌ مختلفة من الإعاقات ” Grad der Behinderung أو ” GdB”) تتراوح من 20 إلى 100 تحدد بناءً على التقييم الطبي والوظيفي للحالة، وكلما زادت درجة الإعاقة، زاد الدعم الذي يتلقاه الشخص من الدولة. كما يعتبر من يحمل بطاقة إعاقة بدرجة 50 ومافوق من ذوي الإعاقات الشديدة.
وفي إطار دعم وتنظيم تلك الحقوق المكفولة قانونياً جاء التعديل عام 2020، لتثبيت وتطوير قانون ذوي الاحتياجات الخاصة العام ووضعها في قانون خاص سمي القانون الاجتماعي الاتحادي التاسع.
هدف هذا القانون هو تمكين وضمان حصول ذوي الإعاقات على كافة الحقوق التي يكفلها الدستور، دون أدنى تمييز لهم بسبب الإعاقة. والقانون الاجتماعي الاتحادي الجديد الذي يحمل رقم (9)، يسمى قانون اندماج “Bundesteilhabegesetz“ذوي الاحتياجات الخاصة .

التعديل الذي طرأ على حقوق ذوي الاحتياجات والإمكانات الخاصة يشمل إلى جانب ذلك فصل المواد المتعلقة بحقوق المعاقين من القانون الاجتماعي الثاني عشر، وإدراجها ضمن قانون اجتماعي إتحادي مستقل، لتغيير النظرة النمطية التقليدية تجاه ذوي الإمكانات الخاصة، والتي تعتبرهم أناساً معاقين غير منتجين، بحاجة إلى مساعدة الغير لتدبير وإدارة شؤون حياتهم اليومية والانتقال إلى وضع خطط وأهداف وبرامج لاكتشاف القدرات والإمكانات الشخصية، الاجتماعية، النفسية، المهنية الذاتية لهؤلاء الأشخاص وتقديم التحفيز والدعم الضروري وتنمية قدراتهم الذاتية بالتشاوروالتعاون معهم، والعمل على تخفيف أو إزالة كل المعوقات التي قد تواجههم في حياتهم اليومية والمنزلية، أو أثناء القيام بأداء واجباتهم المهنية، أو مشاركتهم في الحياة التعليمية، الاجتماعية، الثقافية والرياضية وغيرها.

الأهداف الرئيسة لقانون ذوي الاحتياجات الخاصة، تشمل مجالاتٍ كثيرةٍ ومتنوعةٍ منها:

  • Medizinische Rehabilitation
    دعم الصحة الجسدية والنفسية من أجل الوقاية من استفحال الأمراض  ومعالجتها مبكراً، والاستفادة من كل أنواع العلاج المتاحة كالعلاج الفيزيائي والنقاهة بعد العمليات الجراحية وتقديم التدريب لفاقدي البصر والسمع من أجل تمكينهم من الاعتماد على أنفسهم في الحياة اليومية، وبالتالي رفع مستوى مشاركتهم واندماجهم اجتماعياً وثقافياً وعلى الصعيد المهني.
  • Soziale und kulturelle Teilhabe
    التأهيل المجتمعي: استراتيجية تعمل في إطار تنمية المجتمع، وتقوم على تأهيل الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وتمكينهم من ممارسة حقوقهم وحرياتهم، ودمجهم وإتاحة فرص متكافئة لهم في المجتمع، من خلال تضافر جهودهم وأسرهم وأفراد المجتمع ومنظماته، للمساعدة على هذا الاندماج وتفعيل واستخدام كافة الخدمات المناسبة والمتاحة في المجتمع لصالحهم.
  • Teilhabe am Arbeitsleben
    دعم القدرات المهنية والاندماج في سوق العمل، يهدف القانون إلى مساندة ذوي الاحتياجات الخاصة، كل حسب إمكاناته الجسدية والذهنية لإيجاد عمل في سوق العمل أو في إحدى ورشات العمل المخصصة لهم.
  • Verselbständigung
    تمكين وتحفيز الاعتماد على القدرات الذاتية في الحياة اليومية. 
  • Teilhabe an Bildung 
    تقديم المساعدة المبكرة للمحتاجين ابتداءً من تشخيص المرض مروراً بمرحلة الروضة والتي تتطلب رعايةً خاصة وتحضيراً جيداً للانتقال إلى المرحلة المدرسية التعليمية، مما يلزم المدرسة والدوائر الصحية والتنمية البشرية، تقديم كل الدعم اللازم للتلاميذ، داخل المدرسة وفي المنزل للاستفادة من أنواع العلاجات المتنوعة، للكشف عن المشاكل التي تساعد التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة على الاندماج المدرسي والمشاركة الفعالة في النشاطات المدرسية، التي تساهم في تنشئتهم اجتماعياً، نفسياً ومهنياً.
    أما أشكال الدعم؛ فتختلف حسب الحالة المرضية. قد يشمل الدعم تخصيص مرافق تربوي يعمل أثناء الدوام المدرسي على دعم وتحفيز التلميذ على المشاركة المدرسية الملائمة والتحصيل التعليمي الجيد.

 طرق الحصول على المساعدة:

كل شخصٍ بالغٍ مقيمٍ في ألمانيا بشكلٍ قانوني مهما كانت جنسيته ويصنف من ذوي الاحتياجات والإمكانات الخاصة يشمله هذا القانون وله الحق بتقديم طلب خطي، أو الحضور شخصياً إلى دائرة الشؤون والمساعدة الاجتماعية التابعة لمنطقة سكنه. بعد دراسة الطلب يحال لدائرة الشؤون الصحية التابعة للمنطقة نفسها لمقابلة مقدم الطلب، ومناقشة وضعه بشكلٍ عامٍ، وتحديد الأهداف المرجوة من المساعدة المطلوبة. وقبول أو رفض الطلب يتم حسب وضعه الاجتماعي النفسي والجسدي العام وحاجته الملحة للمساعدة.
بعيد قبول الطلب وصرف الدعم الاجتماعي يتم البحث عن مؤسسة اجتماعية للعمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة لتقديم الدعم والمساعدة ووضع خطة عمل لتنفيذ الأهداف المتفق عليها مع دائرة الشؤون الاجتماعية الحكومية خلال فترة مابين الستة أشهر والسنتين.
اقرأ/ي أيضاً: النظام الصحي النفسي في ألمانيا.. أين تتجه ومن تستشير وكيف تحصل على الخدمات النفسية

يجدر بالذكر هنا أن القانون الاجتماعي التاسع يعطي الحقوق للاجئين الذين لم تبت بعد في طلبات لجوئهم بتقديم طلب المساعدة من دائرة المساعدات التي يتبعون لها LAF-Berlin. أما بالنسبة للقاصرين من ذوي الاحتياجات الخاصة، فيتم تقديم الطلب عن طريق أولياء أمورهم مباشرةً أو الحضور شخصياً أو خطياً.
كما وينصح الجميع التوجه قبل تقديم الطلب إلى إحدى مراكز الاستشارة الاجتماعية للحصول على المعلومات والمشورة اللازمة بخصوص القانون وكيفية الاستفادة المناسبة من هذه المساعدات.
من الجدير ذكره هنا أيضاً أن حيازة بطاقة ذوي الاحتياجات الخاصة باختلاف درجاتها، يعتبر عاملاً مهماً داعماً للموافقة على الطلب ولكن لايعتبرشرطاً في الحصول على المساعدة.

مرحلة ما بعد الموافقة على طلب ذوي الاحتياجات الخاصة

بعد الحصول على الموافقة من قبل دائرة الشؤون الاجتماعية والصحية من أجل المساعدة، يتم التعاقد مع إحدى المؤسسات الاجتماعية الخيرية التي تعمل في مجال الدعم الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة. علماً أن الشخص غير مكلف بدفع أية مبالغ مالية. ومن المؤسسات الاجتماعية التي تعمل في برلين مع ذوي الاحتياجات الخاصة الجمعية الخيرية غير الربحية miGes  قسم  Navitas gGmbH.
تعمل هذه الجمعية منذ أكثر من عشر سنوات في مجال الدعم الاجتماعي والنفسي والمهني الفردي لذوي الاحتياجات الخاصة من خلال مرشدين اجتماعيين ونفسيين من ذوي الخبرات الطويلة والاختصاص في مجال دعم وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، للمساهمة في دمجهم في الحياة الاجتماعية، وتمكينهم من تقوية مهاراتهم الاجتماعية والجسدية والنفسية وتدريبهم وتمرينهم على التعامل الأمثل مع إمكاناتهم وقدراتهم في الاعتماد على الذات وفي تنمية قدراتهم الإنتاجية، ودمجهم في ورشات العمل الخاصة بهم.

في إطار دعم وتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة تعمل الجمعية من خلال المرشد الاجتماعي المختص لذوي الاحتياجات الخاصة على اكتشاف قدراته وإمكاناته الشخصية والاجتماعية والنفسية الذاتية، ومواهبه، والعمل على تنشيطها وتقويتها وتدريبها، بهدف جعله قادراً مستقبلاً على الاعتماد على الذات والاستغناء جزئياً أو كلياً عن الآخر، وبالتالي القيام بتدبير أمورهم الحياتية اليومية بشكل مستقل وذاتي.
بالإضافة إلى الدعم الفردي والتدريب الشخصي، هناك العديد من النشاطات الجماعية التي تنظمها الجمعية تهدف كلها إلى تحفيز الأشخاص المعاقين على المساهمة في الحياة الاجتماعية والثقافية للمجتمع. كما تهدف لكسر حياة العزلة التي يعيشونها وتشجيعهم على الاختلاط بالآخرين وبناء علاقات اجتماعية متوازنة أسوةً بباقي أفراد المجتمع.

من بين النشاطات التي تقوم الجمعية بها بشكل أسبوعي ومنظم، ورشة الفطور المشترك والطبخ، ورشة الفن، ورشة الموسيقى العلاجية ورحلات داخلية إلى الأماكن الترفيهية مثل حديقة الحيوان، الحدائق العامة، المتاحف، المسابح، وأحياناً تنظم رحلات إلى مدن أخرى. هذه النشاطات وغيرها الهدف منها هو تمكين ومساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة على المشاركة والاندماج الاجتماعي والثقافي في المجتمع.
بالإضافة إلى النشاطات الجماعية هناك جملة من المساعدات الفردية التي تهدف إلى تدريب الشخص من ذوي الاحتياجات ـ حسب نوع الإعاقة ودرجتها ـ إلى الاعتماد على الذات أثناء استخدام المواصلات العامة وكيفية التعامل في الشارع مثلاً، والتواصل الاجتماعي من خلال تدريبه على مخاطبة الآخرين.

كما أن العمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة يتطلب مرافقتهم إلى الأطباء وتقديم المعونة والمشورة في إيجاد العلاج المناسب لأمراضهم والتعاون مع  الأطباء والمستشفيات، ودور النقاهة من أجل الحفاظ على صحتهم وسلامتهم الجسدية والنفسية. كما يشمل التواصل مع الدوائر الحكومية والخاصة ومساعدته على الاتصال مع الجوب سنتر والسوسيال أو التسجيل في مدرسة لتعلم اللغة الألمانية أو الدخول إلى ورشة عمل مختصة حسب رغبتهم واهتمامهم.
جمعية (نافيتاس ـ قسم ميغز) يعمل لديها مرشدون اجتماعيون من خلفيات وأصول أجنبية، يساعدون بالإضافة إلى عملهم الرئيسي كمرشدين اجتماعيين عند الضرورة في الترجمة والتوعية الاجتماعية مما يسهل اندماج ذوي الاحتياجات الخاصة في محيطهم الاجتماعي.

هنا يمكن أن نذكر الدوائر الرسمية التي توجه إليها طلبات الاندماج وبعضاً من مراكز الاستشارات الاجتماعية المختصة في برلين: يجب تقديم الطلب إلى المنطقة الإدارية التي يتبع لها سكن مقدم الطلب.
فيما يلي بعض العناوين التي تساعد ذوي الاحتياجات الخاصة وذويهم على الحصول على المساعدة والمشورة:
Bezirksamt, Berlin
Abteilung: Amt für Soziales 
Eingliederungshilfe oder Teilhabedienst 
أو الاتجاه إلى مديرية الصحة التابعة للبلدية Gesundheitsamt 
Sozialpsychiatrischer Dienst 
أو Beratungsstelle für behinderte Menschen und Krebs kranke 
لذوي الإعاقات الجسدية الحركية وضعف السمع والنظروالنطق:
https://www.navitas-ggmbh.de/betreuungsangebote/hilfe-fuer-koerperlich-und-geistig-beeintraechtigte/AWO Berlin / Fachstelle Migration und Behinderung (awo-migration-behinderung.de)

“عندي صبيين، بس مو متل بعض”.. عن مرارة طعم الاختلاف

إغلاق عدة طرق سريعة واضطرابات في حركة المرور في ألمانيا

أخبار ألمانيا: إغلاق عدة طرق سريعة واضطرابات في حركة المرور في ألمانيا