in

زاوية حديث سوري: الطلاب العرب ودروس الثقافة الجنسية في ألمانيا

يكتبها بطرس المعري*

توسل أحد القادمين الجدد إلى الطبيب، ابن البلد، كي يكتب هذا الأخير تقريراً طبياً يعفي بموجبه ابنته (اثنتا عشرة سنة) من الذهاب إلى المدرسة يوم الغد، فيوم الغد سيكون لديها حصة مدرسية مخصصة للحديث عن الجنس، كما فهم الرجل.

لم يتردد الطبيب بالطبع في الاعتذار منه، فعدا عن أنه سيقوم بكتابة تقرير كاذب، هو غير مقتنع بجدوى غياب التلميذة عن الدرس، المخصص للكلام العلمي بالطبع عن كيفية حصول الحمل وبشكل مبسط. فالطبيب هو أيضاً أب لولدين قد سبق وحضرا الحصة المقررة كملايين التلاميذ في ألمانيا. جرت هذه الحادثة قبل سنوات معدودة مع صديق لنا.

من واقع حياتنا نعرف أنه كلما سأل طفل عن هذا الأمر يكون الجواب غالباً إما صمتنا أو “تغيير الحديث”، أو نروي له حكاية طائر اللقلق الذي يأتي بالأولاد للمتزوجين، فهل هذا جواب شافٍ له؟

في الحقيقة نفهم تصرف الوالد، كأي شرقي، وخوفه من حضور ابنته هذه الحصة وتعرفها على “أمور” تظل سرية لدينا وتدخل في باب الحياء والعيب، فنتعلمها صغاراً ومراهقين من الأصدقاء الأكبر سناً من خلال قصصهم التي سمعوها أو تخيلوها وعن طريق نكات بذيئة على الأغلب. كل هذا ونحن نعلم أن كثير من الفتيات في القرى أو المدن الصغيرة يتزوجن قبل سن البلوغ.

ولكن لنفكر في الأمر بروية، فهل سنحل المشكلة عندما نمنع أولادنا من الذهاب إلى المدرسة في هذا اليوم؟ وهل نستطيع دائماً تحييد أولادنا عن كل ما يمت بصلة لهذا الموضوع؟ أليس من المرجح أن يسأل الولد زملاءه عند عودته في اليوم التالي عن تلك الحصة وسيحصل على معلومات ربما مغلوطة، وتسيء إليه أكثر؟

لدى أولادنا بالتأكيد أتراباً يخوضون في الأمور الجنسية، كذلك فالأفلام والمسلسلات وكليبات الأغاني التي تبثها المحطات التلفزيونية فيها من المشاهد ما يكفي من ايحاءات ومشاهد جنسية، ذلك عدا عن الصور في بعض الصحف والمجلات والإعلانات الطرقية. وإن تولد لدى المراهق الصغير اهتمام أكثر بهذه الأمور، فسيبحث في النت، المتوفر بين الأيدي وغير المسيطر عليه، وفي النهاية لن نعرف ما الذي سيخرج به من معلومات وأفكار. فهل من الأفضل أن يلجأوا إلى هذا الطرق المشوهة على الأغلب، أم يأخذونها عن طريق خطة علمية مدروسة تقدمها معلمة الصف المؤهلة لهذه العملية؟

وإن كنا نحرص على “أخلاق” أولادنا، وفي الحقيقة لا خوف عليها في بلد واضح شفاف، نعتقد أن المعرفة المدعومة بالوعي والثقة من قبل الأهل، ستكون حصناً لأولادنا في هذا المجتمع المختلف عن الذي أتينا منه، كما ستكون عاملاً مساعداً في مواجهة صعوبات العمل والاندماج الذي لا مفر منه لتطورنا على كافة الصعد. وما أمر الحصة المدرسية هذه إلا جزء من الأمور التي نجعل منها بعبعاً يخيفنا من دون مبرر، كما تربك أولادنا أيضاً… فهو عِلْم وليس دعوة للانحلال الأخلاقي.

بقي سؤال نطرحه على الرجل، لو كان ابنه وليس ابنته من سيحضر تلك الحصة، هل كان ليهتم بالأمر؟

*فنان وكاتب سوري يقيم في ألمانيا

 

اقرأ/ي أيضاً:

زاوية حديث سوري: ما بين أبو عصام وأبو نابليون

زاوية حديث سوري: وحشا الهالوين على بابي

زاوية (حديث سوري): هل أنت عنصري؟

بيوغرافي فنان العدد- السوري بطرس المعرّي: العمق الإنساني وراء التفاصيل الساذجة

شاب ألماني مخمور يسرق سيارة… ويبلغ الشرطة بعد تحطيمها!

“غالاكسي فولد” هاتف سامسونغ القابل للطي يخرج إلى الأضواء…