in

افتتاحية العدد الثاني

سعاد عباس

بعد أيامٍ تبدأ احتفالية فرحٍ أخرى في ألمانيا، كرنفال كولونيا حيث يطارد الألمان أشباح البرد والكآبة التي قد يجلبها الشتاء، فرح بلادٍ تفوقت في التخلص من كذبة العرق والحدود والتملك، ومنحت جِوارًا حسنًا لمن وصلها، هاربًا من موتٍ أو فقرٍ أو امتهان كرامة، بغض النظر عن جنسيته، دينه أو عقيدته. فرح شعبٍ حيّ، يعرف أن قوام الحياة هو المحبة، الحرية، الاحترام، والأخلاق وعلى هذا كله بنيت قوانين البلد.

للأسف بدأ الألمان عامهم بصدمةٍ لم يتوقعها أحد، لم تطل الأمان الشخصيّ للمعتدى عليهنّ فقط، بل طالت أيضًا الثقة التي اعتادها الناس والتي هي قوام حريتهم، بجريمةٍ ربما ارتكبها من فتحت لهم ألمانيا الأبواب والقلوب.

وجد الغريب نفسه متهمًا منذ اللحظة الأولى، سواء كان قديمًا أو وافدًا جديدًاً، وتوالت ردود الأفعال ما بين الإنكار والإحساس بالعار والتنصل من الجريمة و تجاهلها، وبين كيل الاتهامات لأصحاب جنسيات مغايرة، وبين –وهذا الأسوأ- تبرير هكذا جريمة.

ليس الغريب الحقيقيُّ هنا ذاك الشرق أوسطي، والشمال إفريقي، والشرق أوروبي، والأسمر والأسود، وليس بالتأكيد المسلم أو اليهودي أو البوذي أو الملحد، الغريب فعلاً هو المجرم الذي تجرد عن الأخلاق، منتهكًا أبسط قواعد العلاقات الإنسانية التي تقرّها قوانين كل دول العالم، فاعتدى على إنسانٍ آخر سواء بسرقة، تحرش، بذاءة، كذب…، متجاهلاً أن ما من جنسيةٍ أو دينٍ أو تقاليد في الأرض تبيح ذلك.

ما نقوله هنا أنك لا تحتاج إلى صك براءة، ولا لرمي التهمة عن كتفيك إلى أكتاف آخرين، تحتاج فقط لأن تُجلَّ إنسانيتك، وأن تتعرّفَ على ذاتك التي وأَدَتها لقرون إرادة آخرين، كبّلوها بخرافات القوميات والعقائد والمؤامرات. تحتاج لأن تتعلم للحياة أشكالاً أخرى، علّكَ تعبر الأبوابَ المشرّعةَ، وتنظر للأعلى حيث إلهك برضىً وسلام.

معلوماتٌ محجوبةٌ عن حقوقٍ لا تُحجب!

فاو: نصف الشعب السوري جوعى