in ,

مهرجان الفيلم العربي في برلين.. البدايات والنجاحات في حوار مع د. عصام حداد رئيس مركز فنون الفيلم والثقافة العربية

مشهد من أحد الأفلام المشاركة

يبدأ في الحادي عشر من نيسان/أبريل وحتى الثامن عشر منه مهرجان الفيلم العربي التاسع في برلين، ويقدم مجموعةً متميزة من الأعمال السينمائية العربية، وتتضمن أفلام الاختيار الرسمي أفلاماً روائية وتسجيلية يُعرض بعضها للمرة الأولى في صالات السينما الألمانية، وتتناول المستجدات المجتمعية في العالم العربي.

 

التقت أبواب بالدكتور عصام حداد، رئيس مركز فنون الفيلم والثقافة العربية، الذي يقيم في برلين منذ عام 1984، بعد أن جاءها إثر أحداث لبنان، وهو طبيب درس الطب في ألمانيا لكنه ترك المهنة في الثمانينيات حيث بدأ العمل في السياسة والكتابة، وهو حالياً أحد المشرفين على مهرجان الفيلم العربي في برلين، وكان الحوار التالي:

  • كيف نشأت فكرة مهرجان الفيلم العربي في برلين؟

كانت هناك إرهاصات مسبقة، ومحاولات من عدة أشخاص ومؤسسات لإقامة هذا المهرجان، بالنسبة لي كانت الخطوة العملية الأولى مع مجموعة من الأصدقاء ضمن جمعية الإعلاميين العرب، حيث قمنا عام 2006، بعرض فيلمين لإحياء ذكرى المخرج يوسف شاهين، بحضور عدد من الجهات الرسمية والسفراء في سينما بابيلون العريقة في برلين.

أثارت تلك الأمسية انتباه بعض المهتمين بمجال السينما ومنهم المخرج السينمائي المغربي عبد الحكيم الهشومي، وكانت هذه المناسبة التي بدأنا بها فكرتنا سوياً، ومعنا مصمم الغرافيك ومحترف التصوير فادي عبد النور من رام الله.

وهكذا كان اللقاء الذي أسس لبدء المهرجان، بين عبد الحكيم وفادي وأنا، حيث قدمنا الخطوة الأولى وهي “النظرة الاسترجاعية” للفيلم العربي بعرض خمسة أفلام. وفي المرحلة اللاحقة بدأنا نناقش الخطوات العملية للبدء بالمهرجان، وكان للمخرج العراقي قيس الزبيدي الدور الأكبر في تجهيز برنامج المهرجان مع عبد الحكيم وبمساعدة عصام الياسري. ثم انضمت إلينا أيضاً السيدة كلاوديا سامي الجعبة وهي مختصة في مجال السينما، مما أضفى على انطلاقة المهرجان حرفية كبيرة، وسيق لكلاوديا أن بدأت بمبادرتها الخاصة الاهتمام بالفيلم الفلسطيني.

د. عصام حداد
  • أسميت ما سبق إرهاصات، فمتى إذاً كانت البداية الفعلية للمهرجان؟

عام 2009، تلقينا دعماً من جامعة الدول العربية ومن السفراء العرب المتواجدين في ألمانيا، وحينها كان هناك مناسبتان هامتان جداً، إحداهما ذكرى وفاة الشاعر الكبير محمود درويش، والأخرى كانت إعلان “القدس عاصمة الثقافة العربية”. وقمنا بدعوة فرقة “ثلاثي جبران” التي رافق الراحل محمود درويش في توديعه لفلسطين عندما سمحت له القوات الإسرائيلية بالدخول إليها لوداعها في الحفل الكبير في حيفا.

وكان حفل افتتاح المهرجان في أحد أقدم مسارح برلين (مسرح هاو HAO)، حيث عزف الأخوة جبران على صوت إلقاء درويش، وامتلأ المسرح بالمئات مما ساعد كثيراً في نجاح الخطوة الأولى في المهرجان الذي شكل حينها أول خطوة ثقافية في ألمانيا من هذا النمط.

مشهد من فيلم “واجب”
  • وهل تابع المهرجان في السنوات التالية بنفس النجاح والسهولة؟

تعرض المهرجان في السنوات التالية لتحديات وصعوبات لاسيما في أمور التنظيم، فتواصلنا مع مؤسسات ومنظمات ألمانية لتوفير الدعم موسيقياً وسينمائياً. إضافةً إلى مساهمة المنظمات العربية مثل اتحاد طلبة فلسطين، الإعلاميين العرب وجمعيات أخرى. ومن هذا العمل التطوعي البسيط نشأت لاحقاً إدارة المهرجان، وانضمت إلينا خبرات شابة ألمانية منذ البداية، مختصة بالسينما وتنظيم المهرجانات، وعمل الجميع بشكل تطوعي.

وحظيت بقعة الضوء “الكوميديا في السينما العربية” عام 2011، بالدعم المادي من دائرة الثقافة في حكومة برلين، الأمر الذي أعطانا دعماً أكبر في انطلاقتنا.

وتطور التنظيم لاحقاً، إذ كنا نعمل في إطار جمعية أصدقاء السينما العربية، وفي عام 2014 أسسنا جمعية “المركز العربي للسينما والثقافة-ج.م”، وهي الآن المسؤولة رسمياً عن المهرجان، وتضم أعضاء ثابتين ومتطوعين.

وقد حصلنا على دعم كبير من جمعيات ومنظمات كبيرة مثل منظمة “روبرت بوش”، وهي تمثل المركز الثقافي الرئيسي لكل ألمانيا وغيرها، مما جعلنا معروفين على مستوى ألمانيا خصوصاً لدوائر السينما والمسرح في برلين، وكما عبرت إحدى المرجعيات الرسمية الألمانية بالقول: “بأن هذا المهرجان هو المناسبة الثقافية العربية الوحيدة التي تتكرر بشكل منتظم سنوياً على المسرح الثقافي في برلين”.

  • ما هو الهدف البعيد لإقامة المهرجان واستمراره حتى الآن؟

لم نبدأ المهرجان بهدف تجاري بالمطلق، فجميع العاملين فيه لا ينتظرون مردوداً مادياً من المهرجان، ولكنه عمل ثقافي هادف للحوار مع المجتمع الألماني عن مشاكلنا وقضايانا، فنحن أصحاب ثقافة بغض النظر عن التطورات التي حصلت في بلداننا، والسينما هي من أهم أدوات الحوار الثقافي ومن خلالها يمكن طرح المواضيع التي تهمنا والإجابة على تساؤلات المجتمع الألماني حول قضايانا.

  • إلى جانب البرنامج الرئيسي للمهرجان هناك برنامج “بقعة ضوء/ SpotLight“، ما هو هذا البرنامج وما أهميته بالنسبة للمهرجان؟

يتم من خلال هذا البرنامج الذي يتناوب كل عام مع برنامج “النظرة الاسترجاعية” طرح موضوع مركزي تتناوله عدة أفلام، فمثلاً موضوعه هذه السنة هو “رؤى حول الذكورة العربية”، والتي تعتبر قضية رئيسية تبدأ من الأمم المتحدة حتى أصغر جزيرة في المحيط الأطلسي. وقد بدأنا بهذه الفقرة من المهرجان الثاني.

  • كيف يتم اختيار مواضيع المهرجان والأفلام؟

اختيار الأفلام وموضوع بقعة ضوء يعود إلى اللجنة المختصة المشرفة على برنامج المهرجان برئاسة السيدة كلاوديا سامي الجعبة، ومعها السيد ربيع خوري، ومجموعة أخرى من السينمائيين، وغالباً يتم الاختيار بالاستناد إلى مجريات التطور العام في العالم العربي والسينما، والاهتمام العام في المجتمع الألماني، فكل ما يشد المجتمع الألماني للدخول معنا كمجتمع عربي في حوار، يعتبر موضوعاً لفقرة بقعة ضوء. ويندرج تحت عنوان: ما هو عنوان الحوار البناء؟ لنفتتح به المهرجان.

مشهد من فيلم “كنت نام عالسطح”
  • كيف يكون الإقبال عادةً على المهرجان؟ وكيف تطور منذ بدايته حتى الآن؟

هناك تطور كبير ومطّرد، وقد أصبح لدينا جمهورنا البرليني وليس العربي فقط، فزوار المهرجان معظمهم من أبناء وبنات برلين، أي أن الأغلبية ليسوا من العرب أو بمعنى آخر الوجود العربي في المهرجان ليس هو الطاغي.

وهناك عدة أسباب لقلة إقبال الجاليات العربية مقارنةً بغيرهم، مثل الحالة المادية، وربما أيضاً كثافة الدعاية للمهرجان ووصولها إلى كل بيت، وثالثاً نمط المجتمع العربي المتواجد في ألمانيا فهو ليس مجتمع ليبرالي بل يميل إلى الانكفاء والمحافظة، كما أن الموقف من السينما إجمالاً للأسف لم يتطور، بل بالعكس أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة الحصول على فيلم ما ومشاهدته في المنزل من أهم العوامل التي تعيق تطور ثقافة السينما.

ولكن رغم هذا كله فإن جمهور السينما في برلين موجود بكثرة ونحن لنا جمهورنا المعقول والمتنوع وهذا شيء مهم جداً. وأعتقد أنه بمزيد من الدعاية يمكن الوصول لعدد أكبر من أبناء الجالية العربية، وقد يساعد تطور المناخ الثقافي على تكثيف الزوار المهتمين بالسينما، من خلال طرح القضايا المأخوذة من نواة المجتمع العربي.

حاورته. سعاد عباس

من فيلم كباش و رجال

ويمكن متابعة العروض في قاعات السينما التالية: سينما أرسنال في ساحة بوتسدام، سينما سيتي كينو فيدنغ، سينما إف إس كاه في كرويتسبرغ وسينما فولف في نويكولن.

لابد من الإشارة إلى أن البرنامج الفرعي “بقعة ضوء-SPOTLIGHT” الذي يتناوب سنوياً مع برنامج “النظرة الاسترجاعية”،  يتناول هذا العام موضوع “رؤى حول الذكورة العربية” من خلال تغير المفاهيم المرتبطة بفكرة الرجولة في الفيلم العربي منذ السبعينيات حتى اليوم. ويضم البرنامج إلى جانب العروض السينمائية حلقة نقاش ومحاضرة مسموعة ومرئية تتيح التعمق في الموضوع وبأبعاد تطوره التاريخي في السينما العربية. ويُقدم برنامج بقعة ضوء بدعم من وزارة ولاية برلين للثقافة والشؤون الأوروبية.

ومن الفعاليات المرافقة للمهرجان أيضاً برنامج خاص بمناسبة مرور ٧٠ عاماً على النكبة، يشمل محاضرة للمنتج والمخرج مهند يعقوب وإيريت نايدهارد وعرضاً لأفلام مصطفى أبو علي ومحمد ملص وكمال الجعفري، بالإضافة الى ثلاثة أفلام قصيرة.

من فيلم ذاكرة باللون الخاكي

حوار سعاد عباس

اقرأ أيضاً

مهرجان الفيلم العربي التاسع في برلين.. قريباً

مهرجان الفيلم العربي في برلين يفتتح دورته الثامنة

الأفلام العربيّة في مهرجان برلين السينمائي

المنفى الوحيد كان الوطن… كوابيس لاجئ سوري 2

يوهان سيباستيان باخ باقٍ، والساسة إلى زوال