in

صور، فساتين وقصص الطفولة.. أشياؤنا في الوطن في فيلم قصيربعنوان حنين إلى الماضي

آلاء مكي. محررة وصانعة أفلام ألمانية سورية

صور، فساتين وقصص الطفولة.. أشياؤنا في الوطن في فيلم قصير بعنوان حنين إلى الماضي

أستعيد زيارتي الاخيرة لبلدي سوريا، بعد قطيعة طالت لسنين عديدة بسبب ظروف الحرب البائسة وانعدام الأمان.. دخلت بيت عائلتي وعبثت بأشيائي القديمة، شعرت كم اشتقت لهذه الأشياء التي كوَّنت تاريخي وبقيت جزءاً من حاضري، وكم أريدها أن ترافقني في مستقبلي بسبب معناها الرمزي الثمين.

الفساتين التي خاطتها لي أمي في طفولتي، شهادات التفوق من المدرسة، ألعاب الباربي، العديد من الكتب وقصص الأطفال، ألبومات الصور وبحر من الأشياء الشخصية وددت لو بإمكاني حملها معي إلى ألمانيا.

عندما حزمت حقيبتي عائدة إلى مدينة بون مكان إقامتي في ألمانيا، قررت أخذ أكبر جزء ممكن من تاريخي معي. كقصص المكتبة الخضراء للأطفال ورواية ميرامار لنجيب محفوظ، بعض الصور، ذكرياتي من المرحلة الابتدائية، وبورتريه رسمته في غرفة الصف لأستاذ الإنكليزي من دون علمه، وأشرطة كاسيت للعظيمة فيروز ومحمد عبد الوهاب حتى ولو أنني لن أسمعهم مجدداً.

ولأنني رغبت بمشاركة كنزي الثمين مع أشخاص آخرين، أحضروا معهم أيضاً بعضاً من تاريخهم المشابه، فالحنين للأشخاص والأماكن والروائح والأشياء يجمعنا بشكلٍ أو بآخر؛ لمعت فكرة الفيلم القصير في رأسي.. كنت حينها أرتب أغراضي القديمة، عندما ظهر ملف صغير يحتوي على بعض الصور والذكريات منذ أيام الطفولة. وكانت هذه هي البداية.

بعد البحث والتحضيرات للفيلم، قمت من خلال عملي كمشرفة على مجموعة “ميناء” للسيدات ضمن مشروع BorderlessTV، بدعوة المهتمات بالعمل في المجال الإعلامي والفني والإبداعي إلى حضور كواليس تصوير وصناعة فيلم قصير بعنوان “حنين إلى الماضي”.

تضمن الفيلم مقابلات مع كل سيّدة على حدة للحديث عن الأشياء المحببة لديهنّ والتي لربما أحضرنها معهنّ من موطنهنّ الأصلي. من الأسئلة التي طُرحت: ماهو الشيء الذي أحضرتِه معك من وطنك أو تركتِه فيه وله معنى خاص وقيمة عالية جدّاً بالنسبة لك؟ 

سهاد

تحدثت سهاد بكل فخر عن رسمة قامت برسمها في عمر الخمس سنوات وهي تحملها أمام عدسة التصوير، حيث أن معلمتها رأت بأن الرسمة صالحة لأن تكون جزءاً من معرض الرسم في المدرسة: “هذه الرسمة تعني لي الكثير. أسأل نفسي الآن بمذا كنت أفكر عندما قررت أن ألون الغيوم باللون الأصفر وأرسم الأشخاص بحجمٍ  أكبر من حجم البيت”.

وأضافت: “كنت صغيرة عندما جاءت ابنة عمي لزيارتنا من دمشق وكانت ترتدي فستاناً أبيض برّاق. بدت كالأميرة ووددت أن يكون عندي فستانٌ مشابهٌ لفستانها، وفعلاً حققت أمي أمنيتي. خاطت لي فستاناً برّاقاً باللون الأحمر وعندما ارتديته لأول مرة شعرت بأني لست اميرة فقط، بل نجمة. وبقي هذا الثوب هو المحبب لدي لمدة خمس سنوات على التوالي. كنت أنا أطول والفستان يقصر.. أتمنى لو أني أستطيع  رؤيته مرة ثانية”.

رنيم

بينما أحضرت رنيم سنانير الصوف معها إلى ألمانيا: “من هواياتي حياكة الصوف. عندما كنت في دمشق، كانت حجة الذهاب إلى سوق الصوف في دمشق القديمة هو السبب الوحيد الذي أتحجج به للخروج من المنزل لمقابلة حبيبي وقتها والذي هو زوجي اليوم”. قمت وقتها بحياكة عدة أشياء منها قبعة لزوجي، لكن للأسف فقدناها في طريقنا إلى ألمانيا.

سردت أميرة كيف فقدت صور طفولتها على الطريق الى ألمانيا وعدّة أشياء أخرى: “خلال الرحلة الشاقة التي قطعناها وصولاً إلى ألمانيا، اضطررنا لترك جميع الأشياء التي حملناها معنا على الطريق… لكنّي أحضرت هوايتي معي! تعلمت في سوريا رسم الحناء على الأيدي ومازلت أرسم الحناء أيضاً هنا في ألمانيا”.

فيلم “حنين إلى الماضي” هو جزء من نشاطات مجموعة ميناء، التي تقوم بورشات عمل تسعى إلى تمكين دور المرأة في المجال الإعلامي والإبداعي.

السيدة Julia Haarmann مديرة مشروع BorderlessTV، تصف ماهية هذا المشروع بالقول: نحن ننتج في BorderlessTV للشباب والشابات القادمين الجدد في ألمانيا من بلدان مختلفة أفلاماً قصيرة يقدمونها كصنّاع أفلام، وبالتالي يستطيعون تقديم رؤى فردية حول تجاربهم من واقعهم الحي.

اقرأ/ي أيضاً:

مصمم الأزياء السوري الشاب “ملهم عبيد” من الشغف إلى حصد الجوائز في أوروبا

“بيني وبينك / Zwischen mir und dir” .. معرض للفن التشكيلي في برلين

Die Natur macht Mode

تحميل العدد 46 من جريدة أبواب بصيغة PDF