in , ,

نحو صوتٍ عالٍ للاجئين والمهاجرين في ألمانيا

حوار مع الناشط في حقوق الإنسان في ألمانيا مهدي المغربي

خاص أبواب – كولونيا.

مهدي المغربي، مهاجر مغربي يعيش في كولونيا، هاجر من وطنه المغرب عام 2002، اهتمّ منذ أن كان في وطنه -وهنا أيضًا- بالشعر والمسرح والثقافة وحقوق الإنسان والمجال التربوي وبقضايا اللاجئين والمهاجرين، يعمل في “بيت العالم” في كولونيا منذ 2008 كمتطوع، وقبل عامين بدأ عمله مع جمعية “آفو” في مجال لاجئي شمال أفريقيا تحديدًا، في سياق ملف هذا العدد التقته أبواب وكان معه الحوار التالي:

تعلّم اللغة الألمانية ليس بالأمر السهل

يقول مهدي: “دخولي إلى ألمانيا استدعى معركة مع اللغة الألمانية للتواصل مع المجتمع الألماني، استطعت قدر الإمكان التواصل مع المجتمع الألماني، خاصة في مجال الثقافة وحقوق الإنسان، وهذا ما أراه مهمًا لتوسيع مدركات الإنسان ومعارفه” ويشدد مهدي على كلمة التواصل، حتى أنه يفضلها على عبارة “أتحدث الألمانية” ويقول “أتواصل بالألمانية” رغم أنه قد أجرى محاضرات كثيرة في ألمانيا باللغة الألمانية ويعمل بها أيضًا. يضيف مهدي “تعلّم اللغة ليس بالأمر السهل، خاصة وأننا نأتي محملين باللغات، العربية كلغة أم، والانكليزية والفرنسية والأمازيغية.. إلخ، لذلك على المرء أن يحدد نقطتين مهمتين: أولهما الهدف، ماذا أريد من هذه اللغة؟ هل هي لغة استئناسية أم هي مشروع مستقبلي، وثانيهما الإرادة، وتحديد مدة زمنية واستغلال الوقت كأنك في العمل، وتخصيص ثمان ساعات للدراسة”.

يقوم مهدي بإجراء محاضرات عن حقوق الإنسان في شمال أفريقيا، ويحاول بكل الطرق التواصل من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق اللاجئين والمهاجرين في ألمانيا، وهو متصل بالوطن بشكل أو بآخر، يؤكّد مهدي: “الهجرة لا تعني القطيعة مع الماضي والأصل والثقافة، بل هناك تواصل، الحضارات جميعها تتواصل، ليس هناك حضارة معزولة عن تطور الفكر الإنساني”.

وعن الجالية المغربية في كولونيا يضيف مهدي: “المغاربة في ألمانيا بحدود 26.000 مهاجر بالإضافة إلى طالبي اللجوء، في كولونيا يتوزعون في حي كالك وبعض الأحياء الأخرى، ولديهم نشاطهم الاقتصادي، ولديهم ديناميكية اقتصادية، كذلك يوجد مساجد يذهب إليه الناس يوم الجمعة،ربما فقط يوم الجمعة!”.

هل استطاعت الجاليات العربية تحقيق شيء على المستوى السياسي؟

“هناك نقطة رئيسية لا يجوز القفز عنها، مفهوم السياسة أو التربية السياسية في المغرب تعني الخطر، بحكم النظام الاستبدادي الذي يتحكم في المجتمع منذ فترة طويلة حتى قبل الاستعمار وبعده، وهناك تخويف من السياسة، والسياسة محصورة بمن يمتلكون المال والجاه والسلاح، لذلك نسبة كبيرة من المغاربة لا تملك موقفًا واضحًا من السياسة، هناك جمعيات محسوبة على الدولة، وجمعيات إسلامية محسوبة على المؤسسة المسجدية، وهناك مجموعات للدفاع عن حقوق المهاجرين، وهي ليست حكرًا على العرب، بل هناك أيضًا نشطاء حقوق الإنسان الألمان وفعاليات المجتمع المدني الألماني” وعن انخراط العرب في العملية السياسية يتابع مهدي: “الألمان من أصول عربية يتمتعون بالحقوق الدستورية التي تجري على باقي الألمان، فانخراطهم بالعمل السياسي أمر ممكن، أما الخروج عن الخط العام والنشاز والتركيز على عرق معين، فهو أمر انعزالي وعنصري وخارج عن القانون، وهنا في ألمانيا من الصعب الحديث عن جالية عربية، فالعرب ليسوا مجتمعًا واحدًا بل مجتمعات، هناك اندماج في الأحزاب والتنظيمات الألمانية بحكم أن الدفاع عن حقوق الإنسان هو نشاط عالمي وليس محصورًا بفئة من الناس”.

هل يمكن أن يكون هناك صوت موحّد للاجئين والمهاجرين؟

“كل شيء ممكن، السياسة هي فن الممكن، التواصل هو النقطة الأهم، مثلاً حصلت اتفاقية بين حكومة الجزائر والحكومة الألمانية لطرد الشباب القادمين من شمال أفريقيا، حاولنا الاتصال مع مجموعات من المتضامنين، ومنظمة العفو الدولية، والجمعية الاشتراكية، وحزب اليسار، والحركة الحمراء كنوع من التواصل والتضامن مع هؤلاء الذين سيتم ترحيلهم، وبالتالي معارضة القرار الجائر الذي يقضي بطرد فقراء شمال أفريقيا، هم جاؤوا بغرض العمل ومساعدة أهلهم وتجاوز مرحلة الفقر التي تسببه أنظمتهم، وفي بداية الشهر القادم ربما نستطيع رفع الصوت أكثر. المشكلة أننا دائمًا نناقش الموضوع كناشطين، ولكن من المطلوب انخراط الناس بالعملية الاحتجاجية المطلبية، وهذا أمر صعب في البداية بسبب ذاكرة الخوف التي نمتلكها وعدم الخبرة السياسية، وفي حال وجود وعي سياسي فلا أحد سينتظر مثقفًا أو ناشطًا سياسيا للحديث باسمه أو المطالبة بحقه”.

هل هذا الأمر سيخلق نوعًا جديدًا من التواصل مع الناشطين الألمان؟

يجيب المغربي: “هذا الصوت العالي سيعطي دفعة لمنظمات المجتمع المدني الألماني أيضًا كي تواجه الأخطبوط العنصري والذي هو ليس بجديد، لذلك مشروع الوعي السياسي ليس بالسهل ويقتضي جهدًا متواصلاً، ونحن بحاجة لوضع ديباجة إنسانية فكرية للأفق الذي يبتغيه هذا التحرك أو المشروع”.

وما الذي يمنع؟

“في هذه المرحلة؛ الأمر صعب، فالهموم الشخصية أكبر، مدرسة اللغة، التعامل مع الجيران، فهم المحيط الاجتماعي، ظروف العمل ونظام الحياة، كل هذا يجعل التواصل أصعب، لذلك الأمر بحاجة إلى ديناميكية مختلفة وتحرك من عدة جهات فمثلاً بتاريخ 25-10-2015 كان هناك تجمع جماهيري في منطقة دويتز، بوجود منظمات مختلفة، تطالب بوقف المد العنصري للحركات اليمينية، وحضر بالمقابل اليمين في مظاهرة مضادة” نقاطعه:كم عدد المهاجرين واللاجئين في هذا التجمع؟ يجيب: “يعدون على الأصابع، وهنا المشكلة، يجب أن يكون هناك وعي سياسي ومشاركة سياسية، ويجب أن يتم التحضير للقاءات، والعمل على تواصل ثقافي، هذا الوعي يكتسب وليس إلهامًا يولد مع الإنسان”.

وماذا عن الاندماج؟

“الاندماج، مشروع عام، لا يمكن تحديده في اللغة كما تعتقد الحكومة، ولا بالزواج من ألماني/ة أو عربي/ة، بل هو مشروع تواصل ثقافي مع الآخر، سياسيًا واجتماعيًا وإنسانيًا، يقتضي حركة مستمرة، وليس مسرحية تبدأ وتنتهي، وهو مرتبط بقدرة الإنسان على خلق آفاق وإبداع، هذا الاندماج الفعلي، وليس الاندماج البراغماتي المصلحي”.

جدير بالذكر أن مهدي شارك مؤخرًا في محاضرة في كولونيا بخصوص السياسة الألمانية تجاه اللاجئين والمهاجرين من شمال أفريقيا، وكانت تركز على ما حصل في ليلة رأس السنة وأحداث التحرش التي شهدتها المدينة، ليوضح الأمر، وحذر من أن يتحول الأمر إلى فوبيا (رهاب المهاجرين)، حضرها كتاب وصحافيون ألمان وعرب، وتحدث فيها عن حي كالك الذي يضم جالية شمال أفريقية كبيرة، وتمت الدعوة للرد بالفن والموسيقا والمسرح على ما صوره الإعلام وما سوق له.

اللغة العربية داخل المدارس الألمانية أمنيات رومانسية أم حاجة أساسية لتحقيق سياسة الاندماج

الحقوقية الألمانية نهلة عثمان: 11 ملاحظة على قانون الاندماج