in

“معوقات الديمقراطية في سوريا” موضوع ندوة حوارية في برلين

إلى اليمين الدكتور حسام الدين درويش

أبواب – برلين. في إطار الأنشطة واللقاءات الثقافية والسياسية التي تعقدها منظمة “كامبوس كوزموبوليس\Campus Cosmopolis”، بالتعاون مع مختصين سوريين مقيمين في ألمانيا، دعت المنظمة إلى لقاء مفتوح مع الدكتور حسام الدين درويش.

حملت الندوة عنوان “في معوِّقات تحقيق الديمقراطية في سوريا: العلاقة بين الثقافة والسياسة”، وقام الكاتب طارق عزيزة بإدارة الحوار مع الدكتور درويش، وذلك مساء السبت 23 أيلول\سبتمبر 2017، في مقر المنظمة ببرلين، بحضور عشرات المهتمّين الذين غصّت بهم القاعة.

خلال اللقاء، ركّز الدكتور درويش على العلاقة ما بين الثقافة والسياسة في ظل شيوع آراء تفسّر غياب الديمقراطية في سوريا بالعامل الثقافي والذي يتم اختزاله، غالبًا، إلى العامل الديني، كما قال. وناقش العلاقة الممكنة و/أو الفعلية بين الثقافة والسياسة أو نظام الحكم غير الديمقراطي، في محاولة للتوصّل إلى إجاباتٍ عن أسئلة من قبيل “إلى أي حدٍّ، وبأيّ معنىً، يمكن تبني هذه الرؤية الثقافوية للسياسة، تبنيًّا نقديًّا، أو انتقادها إلى درجةٍ قد تسمح برفضها رفضًا جزئيًّا أو كاملًا”.

يرى درويش أن المقاربة الثقافوية تقوم على اختزالٍ يفسر السياسة بالثقافة، أي أن السياسة هي وليدة الثقافة ولا يمكن أن تفسر بدونها، وأنّها الفكرة التي تبناها طرفا الصراع السوري السوري، ما بين مؤيد ومعارض، مشيرًا إلى الاختزال المقابل الذي يفسر الثقافة بالسياسة، بمعنى أن هذه المجتمعات هي نتاج السلطات الحاكمة ولا يمكن تفسير الثقافة بذاتها وإنما تفسر بالسلطات التي تصوغ الثقافات. وعرّج على الأسباب التي جعلت المقاربة الثقافوية أكثر انتشارًا، مؤكّدًا على أهمية التمييز بين نشأة النظام السياسي وبين سيرورته، فحتى مع قبول افتراض أن الثقافة هي من أنتجت السياسة، فإن من طبيعة الأمور القبول بأنه في النظام الديكتاتوري يكون تأثير السلطة في الشعب والثقافة أكبر بكثير من تأثير الثقافة في السلطة. كما تطرق إلى سذاجة الدعوات إلى الإصلاح الديني في ظل الأنظمة الديكتاتورية، فهذه الدعوات لا تعدو كونها لعبةً في يد السلطة، فلايمكن إصلاح الوعي إلا بتغيير النظام نفسه، من حيث أن السبب الحاسم الذي يمنع أي تغيير هو المسألة السلطوية وعلاقات القوة. وختم حديثه بالإشارة إلى مسألة العلمانية وحضور الدين في الحياة الاجتماعية والسياسية، مشيرًا إلى أن الواقع لا يسمح بإنشاء ديمقراطية علمانية بالمعنى الذي يقتضي إبعاد الدين بقيمه وأفكاره الأساسية عن السياسة، وفق رأيه.

بدوره، عقّب الكاتب طارق عزيزة على بعض ما تحدّث به درويش، مشدّدًا على ضرورة التمييز بين الدين والإيديولوجيا الدينية وبالتالي بين نقد هذا وتلك، كما حذر من خطورة أن يؤدّي تجنّب الثقافوية إلى استبعاد النقد الثقافي أو نقد البنى الثقافية والأيديولوجية القائمة، فضلاً عن خطر الوقوع في “السياسوية” التي تفسّر كلّ شيء بالسياسة، وفق رأيه. كما أبدى عزيزة تحفّظه على أطروحات درويش التي من شأنها أن تقلّل من دور وأهمية النقد الثقافي في زحمة التركيز على نقد الثقافوية.

بعد ذلك فُتح باب النقاش مع الحضور، الذين تفاعلوا مع الموضوع بالأسئلة والتعليقات، وقد تراوحت الآراء بين من أشاد بأهمية ما جرى طرحه وإبداء بعض الملاحظات عليه، وبين من انتقد الابتعاد عن موضوع اللقاء الذي يشي به العنوان. وكان من بين الحضور المفكر السوري جاد الكريم جباعي، الذي قدّم مداخلة تناول فيها العلاقة بين العلمانية والديمقراطية، معتبرًا أن العلمانية شرط لازم للديمقراطية، وقوام العلمانية هو حرية الضمير والاعتراف المتبادل بحرية العقائد لدى الأفراد والجماعات والنخب. وأن العلمانية هي سيرورة تحول تاريخية معقدة من القبيلة والعشيرة والملة إلى الأمة بمعناها الحديث وإلى المجتمع المدني والفرد المستقل، فهي أساس المواطَنة. وختم بالتأكيد على هذه ضرورة مناقشة هذه الإشكاليات بغض النظر عن التشنجات التي أثارتها الحرب.

يُذكر أنّ  الدكتور حسام الدين درويش، أستاذٌ مساعدٌ في قسم الدراسات الشرقية في جامعة كولونيا، وباحث مشارك في قسم الفلسفة في جامعة ديسبورغ-إيسن، وله عدّة كتب منشورة باللغتين الفرنسية والعربية، وعشرات المقالات والأبحاث والدراسات.

الهويَّة

10 ملايين دولار من أموال صناعة الجنس والمواد الإباحية في سبيل عزل ترامب