in ,

“الأسود” يتألّق في مدينة الشمال: معرض الفنان السوري “يوسف عبدلكي” في هامبورغ الألمانية

عظمة / Bone

خاص أبواب

 

في السابع من أيلول/سبتمبر 2018 افتتح الفنان السوري “يوسف عبدلكي” معرضه: “أسود Schwarz” في غاليري صفير Galerie Sfeir-Semler بمدينة هامبورغ الألمانية، واستمر لغاية 28 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وهي المرة الأولى التي يعرض فيها الفنان لوحاته في هامبورغ، والمرة الثانية في ألمانيا بعد معرض ميونخ قبل سنتين.

الفنان التشكيلي يوسف عبدلكي مع بعض الحضور في المعرض

الفحم الذي يقتحم بأسوده أرواح مشاهديه، وينوس في علاقة شائكة مع مساحات الأبيض، كان سيد هذا المعرض، حيث أمكن لزائره أن يطّلع على مجموعة من لوحات “عبدلكي” التي رسمها خلال السنوات العشر الأخيرة، أولها، والتي يفتتح المعرض بها، لوحة “أمّ السجين” 2016، وكذا مجموعة كبيرة من لوحاته “طبيعة صامتة” التي دأب على رسمها منذ سنوات، ولوحات جديدة “نبات ميت” رسمها هذا العام، إضافة إلى العديد من اللوحات الأخرى.

“يوسف عبدلكي” الذي ولد عام 1951 في القامشلي/سوريا عاد من منفاه الباريسي سنة 2005 ليستقر نهائياً في دمشق، بعد خمسة وعشرين عاماً من الغياب، ومايزال مصراً على البقاء في دمشق.

معرض هامبورغ

على هامش المعرض كان لأبواب الحوار التالي معه والذي لم تغب السياسة عنه، كما لا تغيب عن معظم نقاشات السوريين:

– أهلاً بك في هامبورغ، لم تعرض من لوحاتك الأخيرة “عري” هنا؟ لماذا؟

تيمة “عاري” هي تيمة خاصة جداً، فإما أن يكون هناك انسجام بين اللوحات فيصبح العاري نغمة ناشذة، أو ينبغي أن يكون المعرض للعاري لوحده، وقد يكون هذا مستقبلاً. أنا في الحقيقة أرسم دوماً “طبيعة صامتة” وأتى وقت في 2013 وعملت “عاري” ثم عدت للطبيعة الصامتة. وإلى اليوم قد أرسم مرة في الأسبوع عاري، ولكن أرسم طبيعة صامتة على الدوام.

لوحتان من معرض هامبورغ

– لماذا أقمت معرض “عري” في سوريا، وفي ذلك الوقت بالذات؟

أقمت المعرض في فترة كانت الحرب فيها قائمة، كأنها محاولة مني للابتعاد عن وحشية الحرب والموت والدمار، رغم أني أقتنع بأن الفنان يملك من الحرية ما يجعله يرسم في الحرب وروداً، وفي السلم فجيعة! لاأحد يحقّ له محاسبة الفنان، الزمن وحده يحكم عليه وعلى فنه، فالعمل الفني ليس بياناً سياسياً! قد أرسم كفنان شهيداً زمن الحرب وقد أرسم شيئاً آخر، أنا فنان حر، وأرسم ما أشعر بأني أرغب برسمه. مع العلم أن المعرض لم يقم في مكان رسمي، ولم يدعم من أية جهة أو مؤسسة رسمية، كان معرضاً مستقلاً في صالة مستقلة، وكان الحضور كثيفاً للغاية، فالناس بعد سنوات من التصحّر كانوا سعداء بلقاء بعضهم أكثر من المعرض نفسه!

والأمر الذي حرّضني أيضاً أن أعرض “عاري” في دمشق، أن الموديل العاري لم يعد موجوداً في سوريا وفي عديد البلدان العربية منذ أوائل الثمانينيات! وهذا عائد للمدّ الإسلامي الذي سيطر على المنطقة بسبب هيمنة السعودية وإيران، والذي أثّر على الفنون وتدريسها في الجامعات. وكان هناك تواطؤ من قبل البعثيين بعلمانيتهم الزائفة مع هذا المدّ الديني. كنت أريد أن أقيم المعرض في باريس أول الأمر، ثم فكّرت بأن الأهم إقامته في دمشق، كي أقول للفنانين الشباب أنه موضوع مهم، بل واحد من الأساسات التي يبني الفنان عليها لغته.

إحدى لوحات معرض دمشق

– وما رأيك بما أثاره المعرض من جدلٍ واسع؟

كل الضجة التي حدثت بسبب المعرض أراها ناتجة عن قصر نظر ونوع من المزاودة الممجوجة. فإن كان لدينا عدد من الفنانين مازالوا قادرين على الصمود في البلد في ظل الاجتياح المخابراتي والعنفي، فمن المفترض أن نسعى لزيادة عددهم وليس لتقليله! في الميزان السياسي ينبغي على المعارضة أن تدعم الفنانين الذين مازالوا داخل البلد ويقاومون جراد النظام وداعش، وليس أن نحطّمهم ونجابههم، هذا ليس ذكاء سياسياً! ينبغي أن نوسّع دائرة حلفائنا لا أن نقلّلها على حساب تمدّد دائرة حلفاء النظام وداعميه، والتطرف وداعميه.

إحدى لوحات معرض هامبورغ

– وما هو رأيك باللحظة الراهنة؟

أنا أعتبر أن الثورة السورية كانت أكثر لحظة مضيئة في تاريخنا كسوريين منذ مئة سنة، وكنت منخرطاً فيها كمئات آلاف السوريين. لكن تم استغلال الثورة من قبل أميركا ودول الخليج وتركيا، وتحويلها إلى حرب إقليمية ودولية على الأرض السورية، لها بعد طائفي وليس لها علاقة بالثورة السورية ومطالبها، بل مناقضة لها تماماً. في بدايات 2013 وتحوّل القتل والدمار إلى فكرة شائعة ويومية، شعرت بأننا انتقلنا من لحظة مبشّرة بمستقبل أفضل لبلدنا إلى لحظة سوداء تماماً بدون أمل.

– ومازلت مصراً على البقاء في سوريا.. إلى متى؟

حين رجعت إلى سوريا قبل ثلاثة عشر عاماً، رجعت لأبقى. أنا أرى أن العمل السياسي الفاعل ينبغي أن يكون في البلد، هذا لا يعني بأني لا أعذر الناس المهدّدة التي اختارت الرحيل، وتلك التي تهدّمت بيوتها وقُتل أولادها، هذا أمر إنساني ومفهوم، لكن من يستطيع البقاء في سوريا فعليه أن يبقى، النظام السياسي يتمنى أن يخرج الجميع وتبقى البلد له ولأعوانه، لذلك طالما لا يوجد تهديد مباشر على حياتي فأنا باقٍ في سوريا.

 

 

 

اقرأ/ي أيضاً:

إبداع الواقع المهشّم عبر مِـزَق الورق الملّون: معرض تمام عزام “كولاج ورق” في غاليري كورنفيلد

بالصور: هل نعتقد أن “السيلفي” وليدة عصرنا؟ لنبحث في تاريخ الفن لمعرفة ذلك…

بيوغرافي فنان العدد 34 من جريدة أبواب المطبوعة: الفنان السوري عمران يونس

تعرف على “الطريقة الصحية” للتخفيف من أضرار الرز أثناء طبخه

بالفيديو: كيف يمكن التقدم بطلب للحصول على جواز سفر بديل (جواز سفر رمادي) ومن يمكنه الحصول عليه؟