in

مسيح دارفور في برلين

أحمد شيكاي – برلين.

في السودان هناك مشاكل واضحة في المؤسسة الثقافية ولكن القرّاء جيدون.

بركة ساكن: اللغة العربية ليست لغتي الأم، ولكنها خياري ولغتي التي أعبر عن نفسي بها.

إستيلا تلتقط الأشياء بكاميرا فنّان حقيقي.

الواقع لا يصلح أن يكون نصًا مالم تتدخل أدوات الكتابة.

في مساء يوم الجمعة الموافق 9 سبتمبر أقيمت أمسية  ثقافية ضمن مهرجان الأدب العالمي والذي يقام سنويًا منذ 16 عامًا في برلين، الأمسية كان من المقرر أن يكون ضيفاها الأساسيان كل من الروائي السوداني عبدالعزيز بركة ساكن والقاصة والكاتبة الجنوب سودانية إستيلا قايتانو، لكن لم تحضر الأخيرة بسبب أن السلطات السودانية اعترضت طريقها في مطار الخرطوم وهي متجهة إلى برلين.

افتتحت البروفيسور فلورا فايت فيلد الأمسية بكلمة قوية تأسفت فيها عن غياب إستيلا وعرضت من خلالها السير الذاتية لكل من عبد العزيز بركة ساكن وإستيلا قاتيانو، البروفيسور فيلد هي شخصية أكاديمية وأدبية عالمية متخصصة في الأدب الأفريقي والآسيوي وأستاذة في عدد من الجامعات الألمانية والأمريكية.

تحدث الروائي بركة ساكن إلى الجمهور شاكرًا حضورهم ومثمنًا جهدهم وتعبهم، تحدث كثيرًا عن إستيلا وعن تجربتها الإبداعية وعن غيابها المحزن عن هذه الأمسية وذكر أنها والشاعر عاطف خيري والشاعر الارتري محمد مدني والشاعر الصادق الرضي والشاعر بابكر الوسيلة وشخصه يعتبرون مجموعة واحدة رغم فارق العمر بينهم وبين إستيلا. وأن الواقع صنع من إستيلا أديبة عظيمة. “إستيلا تلتقط الأشياء بكاميرا فنّان حقيقي كان سيضيف حضورها في مدينة ضخمة كبرلين الكثير” قال عبد العزيز.

إن السطات القمعية لا تتوقف عن ممارسة المنع والحجر كما حصل مع إستيلا، وهو فعل تقوم به وبشكل متكرر، وهذا هو حال الكتِاب في بلادنا كما يقول الروائي بركة ساكن.

تم تقديم نص عميق وقوي باللغة الألمانية للكاتبة إستيلا، قام بقراءته الفنان الألماني الشهير والمسرحي المعروف ماتياس شِرفيناكاس، وقد تماهى صوته المميز مع النص بشكل جميل جدًا، مع صورة إستيلا التي ظلت مثبتة على شاشة العرض طوال فترة الأمسية وكأنها تفرض حضورها الطاغي وبرغم الغياب الجسدي.

الفنان ماتياس قام بقراءة نصوص متفرقة من رواية مسيح دارفور للروائي عبدالعزيز بركة ساكن وأيضًا باللغة الألمانية والتي ترجمها إلى الألمانية المترجم الألماني د. جونتر أورث، تفاعل معه بشدة الحضور المميز، معظمهم أدباء وكتّاب ألمان وعالميين ومن ثقافات أروبية وغربية مختلفة، هذا بإلاضافة للحضور السوداني الذي كان واضحًا والحضور العربي أيضًا.

هذه النصوص الأفريقية المنشأ والتي تمكنت بإحترافية أدبية عالية من نقل الأدباء والمهتمين والقراء من قاعة في قلب برلين إلى دارفور وجنوب السودان، لتعكس رسالة الأدب التي تربط الشعوب المتناثرة في هذا الكون.

ثم أستهلت البروفيسور فلورا الأسئلة ومحاورة الروائي عبدالعزيز بركة ساكن، وبدأت سؤالها بالسحرية الواقعية  في الأدب السوداني، وفي كتابات كل من إستيلا وساكن، فكان رد بركة ساكن: “أن السحرية الواقعية متجذرة في الأدب السوداني والحياة اليومية، فهناك عدد من السحرية منها: السحرية القمعية  والسحرية السياسية، فالسودانيين يؤمنون أن هناك مهدي منتظر سيخلص هذا العالم مما هو فيه ويؤمنون بـ ” البعاتي” والجن والشياطين ويوجد شخص ادعى أنه مسيح دارفور في الفاشر بعد صدور رواية مسيح دارفور” وأضاف: “كل الأسماء في دارفور إنجيلية ولا يوجد بها مسيحيون”، وتابع: “السحرية القمعية  أن وزارة الثقافة قامت بطبع أحد كتبي في العام 2005 وقامت بحظره فيما بعد، وعلى المستوى السياسي زار الرئيس ولاية القضارف -شرق السودان- فقال لهم أني سعيد لأن الجميع لديه ضمان إجتماعي –وهذا غير صحيح- فهلل معه الجمهور وهذه نماذج للسحرية الواقعية في السودان”.

photo-09-09-16-19-43-07

وفي رده على سؤال: ماهي كتاباتك حول وضع حقوق الإنسان في السودان وجنوب السودان، جاء هذا السؤال من مواطنة جنوب سودانية، فكان رده أنني أكتب من أجل السلام والمحبة والخير.

وفي سؤال حول اللغة، يقول بركة ساكن: “اللغة العربية ليست لغتي الأم، ولكنها خياري و لغة تعبيري والأمر ذاته عند إستيلا المولودة في شمال السودان من أب جنوبي وأم جنوبية ولكنها شمالية الثقافة”.

يرى بركة ساكن ومن خلال المحاورة التي أجريت معه في الأمسية الثقافية ضمن الإحتفال بالأدب العالمي في برلين أن الرواية ليست الحكاية إنما فن كتابة الحكاية والواقع لا يصلح أن يكون نصًا مالم تتدخل أدوات الكتابة أي الخيال.

ونسبة الأمية في السودان قد تكون 30‎%‎ ولكن المعرفة تنتقل شفاهيًا، والقراء في السودان موسوعيون وخاصةً الأجيال التي فوق الخمسين أو أقل بقليل.

ويقول: “نعم في السودان هناك مشاكل واضحة في المؤسسة الثقافية، ولكن القرّاء جيدون، والأديب السوداني مميز ولكنه مظلوم ولا يصل إلى القارئ البعيد بل حتى القارئ العربي”.

مهرجان الأدب العالمي ببرلين هو حدث ثقافي كبير، وبالتأكيد حضور الروائي بركة ساكن في هذا المهرجان سيكون له إنعكاسه على الأدب السوداني ونقله للعالمية وكان هناك معرض كتب مصاحب للأمسية، عرض فيه كتابان للأستاذ ساكن، رواية ذاكرة الخندريس مترجمة إلى اللغة الألمانية، وقصص للأطفال نشرت باللغة الألمانية مباشرةً.

ألمانيا تلاحق أكثر من ربع مليون شخص بهدف الترحيل خارج البلاد

ميركل في مهمة اقتصادية إلى إفريقيا لكبح الهجرة نحو أوروبا