in

قصص قصيرة جدًا

اللوحة للفنان عبد الرزاق شبلوط

موسى الزعيم

  • ساحرة

أمسكتْ بيدي قائلة: تعالَ سأحكي لك حكايةً، أخذتني في طريقٍ تحفّ به الزهور من كلّ جانب. تعزفُ فيه العصافيرُ ألحانَ الحياة، أدهشني قِصَر الطريق، وكثافةُ الجمال على أطرافه، لوحاتٌ تمثّل.. تفاصيل الوجوهِ بأوجاعها وأفراحها.. مرسومةً بالحرف. فجأة تركتْ يدي.. ألتفتُ إلى الوراءِ…. كان الطريقُ مختلفًا تمامًا.. عرّشت الأشواكُ على جانبيه وكأنني ما مشيتُ بهِ منذُ قليل.

 

  • القمر في الليلة الثالثة

في الليلةِ الأولى نظرتُ إلى صفحةِ وجههِ، رأيتهُ يبتسمُ في حبورٍ سألته، قال: كنتُ أراقبُ أحلامَ الأطفالِ
في الليلةِ الثانيةِ، رأيتهُ يضحكُ، سألته، فقال: أضحكُ على أحلامِ العاشقين.
في الليلة الثالثة، قبل أن يغيبَ مسرعًا، لمحتُ حُمرةَ الشفقِ على وجههِ، ناديتُ: لـِـمَ الحزن؟!
قال: أمضيتُ ليلتي.. على جمرِ قلبِ أم.

  • بين حلم وارتجاف
    مدّت يدها إليهِ سحبتهُ خلفها، حلّقا في عالم ٍسحريّ مفعم بالألوان الزاهية، تراقصا مع الحمامِ الأبيضِ.. قال لها : لا استطيع العيش دونكِ أنتِ مطلبي، أرادتْ أن تهربَ منهُ.. ركضَ وراءها…
    بعدَ أن تعبا جلسا على طرفِ جدولٍ كوثريّ.. ملأتْ كفّها بالماءِ العذبِ أرادت ْأن ترشّقه به…
    صاحَ: لا.. لا.. الماءُ فُراق… لكنّ برودة الماء صفعتْ وجهَهُ.. مرتجفًا فـــتـــــــــّح عينيهِ…. طالعه ُوجهٌ صلبٌ. صرخَ به.. اعترافاتكَ ناقصة… ثم افرغ بقية الدلو في وجهه.
  • الدم والإسفلت
    ارتفعَ النداءُ من مكبّرِ الصوتِ: حالةُ ولادةٍ في المشفى والمرأةُ الوَلودُ بحاجةٍ إلى دم…. الشارعُ خال ٍ من المارّة بسببِ حَظر التجوّل. ألقى بجسدِه على عكازيهِ ونهضَ.. بيتهُ قريبٌ من المشفى ويمكن أنْ يقدّم شيئًا مفيدًا. المدينةُ منذُ أشهرٍ تحتَ الحِصار.. والناسُ كلّهم يخرجونَ للتظاهرِ إلاّ هو، يلعنُ عجزَة وبرودةَ ساقيهِ.. لكن نداءً صاخبا يضج في خلايا دمه كيف لا فالمدينةُ نزفتْ كثيرًا.. ولن يضرّهُ نصفُ كيلو غرام من الدم. نزلَ إلى الشارع.. متوسمًا في إعاقته بطاقةَ العبورِ نحوَ المشفى
    ارتفعَ صوتُ الرصاص ِمن جديدٍ  فلّونَ دمهُ إسفلتَ المدينة.
  • نَخْوة
    حاولتُ أن أثيرهُ.. أن أحرّك فيه إنسانيتهُ.. بشيء مما يحدث في الشارع، رغم يقيني ببلادةِ حواسهِ… عندما بدأ موجزُ الأخبارِ وعُرضَتِ المأساة… قلتُ له: انظرْ انظرْ إلى جثّة هذه الطفلةِ تقطّعت أشلاء… يا الله… البيتُ قد دُمّر فوقَ الأسرةِ…. تأمّلَ الصورة قليلاً.. ثم أشاحَ بوجههِ وهو يصيحُ… يا لطيف.. يا لهم من مجرمين… يالقسوة قلوبِهم.. كيفَ يعرضونَ مثلَ هذهِ الصور.

 

ظِلِّي باتساع الغابة

الإرهاب يضرب فرنسا مخلفًا عشرات القتلى والمنفذ تونسي