in

من دمشق

ناهد العيسى*

أبحث عنه بحواسي الستة 
يقفز قلبي من صدري 
وأنا أتابع تقريراً إخبارياً عن حيٍّ دمشقي
بكلّي
فهو كلّي

أبحث عنه وأنا أفترضُ لونَ القميص الذي كان يرتديه ساعةَ مرور الكاميرا من هناك
من هناك  حيث كنا .. اثنان
والآن كل منّا واحد .. لا ثاني له
أراقب التقرير الإخباري بلهفة
أكلّم نفسي
هذا بائع العصير
وتلك حارة الفرن .. تسميات محض دمشقية، ورائحة الخبز تصلني
طفلٌ يلعب بالكرة رغم أنف الكرة الأرضية التي تكتفي بالمتابعة
امرأةٌ تحمل أكياس الخضرة
وذاك محل تركيب العطورات

كم زجاجةَ عطرٍ تركت في
خاطره
وأضحكُ
أذكرُها.. زجاجة العطر التي لطالما أحبّها وذاتَ عيدٍ نسيها في سيارة أجرة ليلاً 
حين كان القمر مكتملا .. وكذلك كان العشق
فما غفا إلا وقد جاء بغيرها .. زجاجة عطري التي أكملت طريقها بسيارة الأجرة مع الغريب

ومثلُها أنا فعلت .. أكملت طريقي
كزجاجة عطرٍ تُرِكت سهواً
وتأخذني دمشق إليها عبر  شاشةٍ وتقرير إخباري
الخبر ينتهي .. لكنّ ليل شوقي لا مُنتهي
أغفو فأكمل جولتي فيكِ
دمشق التي لا تنام

ناهد العيسى. كاتبة من سوريا مقيمة في ألمانيا

اقرأ أيضاً للكاتبة:

رسائل لن تصل

سنغافورة من العالم الثالث إلى الأول

هيكل عظمي في المغرب يعيد كتابة التاريخ الإنساني