in

قانون السلامة المهنية في ألمانيا: الصحة النفسية وتأثيرها في بيئة العمل

قانون السلامة المهنية في ألمانيا: الصحة النفسية وتأثيرها في بيئة العمل
قانون السلامة المهنية في ألمانيا: الصحة النفسية وتأثيرها في بيئة العمل

المحامي رضوان اسخيطة. باحث دكتوراه في أمن البيانات وقوانينها
تصاعدت في الآونة الأخيرة أعداد الحالات المرضية الناجمة عن عوامل نفسية خصوصاً بعد انتشار وباء كورونا، واضطرار الكثيرين للبقاء في المنزل. وتم نشر إحصائيات متعددة حول أعداد الأشخاص الذين تعرضوا لصدمات نفسية في بيئة العمل. 

لم يترك المشرع الألماني هذا الموضوع مغفلاً، حيث تم تنظيم الأمر وفق ما يسمى بقانون الصحة والسلامة المهنية في ألمانيا، ومن خلال التنظيم الإداري الخاص بسلامة العمل. يأخذ الإجهاد النفسي مكاناً في هذا التشريع في المادة 4 من قانون السلامة المهنية في ألمانيا والمادة 3 من التنظيم الخاص بسلامة العمل، وخصوصاً بعد عام 2013 حيث تم التشديد على أن العمل يجب أن يراعي العوامل الإنسانية، وعليه أن يكون خالياً من العوامل المؤثرة على الصحة النفسية والتعب العقلي.

حدد القانون عوامل معينة يمكنها في أغلب الحالات أن تؤدي إلى الإجهاد النفسي ويجب أخذها بعين الإعتبار، ومن أهم هذه العوامل:
• تصميم مكان العمل من حيث المكان والأثاث
• التأثيرات الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية في بيئة العمل
• تصميم واختيار معدات العمل، وخاصة مواد العمل والآلات والأجهزة والأنظمة وكذلك آلية التعامل معها
• المؤهلات والتعليمات غير الكافية للموظفين

وشدد القانون على أن تقييم هذه العوامل يجب أن يتم بشكلٍ منفصل حسب كل حالة، حيث أن لكل شركة حجم وطبيعة عمل وظروف مختلفة. إن التشديد على هذا العامل جاء نتيجة للأبحاث العلمية التي أثبتت أن الإجهاد العقلي في العمل يزيد احتمالية الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكري بشكل كبير، بالإضافة للروابط التي تم إثباتها بين التوتر وآلام الظهر، وعلى المدى البعيد تؤدي هذه الأعراض والضغوط إلى أمراض أكبر وأشد خطورة مثل الخرف والزهايمر.
أما على الصعيد العملي فإن عدم وجود تواصل ما بين الموظفين والمدراء لشرح المشاكل التي يتعرضون لها، يمكن بدوره أن يضاعف إمكانية حدوث أخطاء في العمل مما ينعكس بدوره على الصحة النفسية.

قانون السلامة المهنية في ألمانيا: الصحة النفسية الوقائية

من ميزات القانون أيضاً أنه ركز على الصحة النفسية الوقائية، حيث أوجب على أرباب العمل أن يراعوا في ظروف العمل تجنب مخاطر الإجهاد النفسي على صحة الموظفين، وتقديم الدعم الفردي لكل حالة عند الحاجة لذلك، من خلال مختصين يساعدون الموظفين المعرضين للإجهاد النفسي والعقلي على تخطي هذه المشاكل ومعالجتها، دون الدخول في دوامة التعب النفسي(Burnout) والذي يمكن أن يحول الموظف إلى شخص غير قادر على متابعة مستقبله المهني بكفاءة.
إن إلزامية التقييم المسبق لهذه المخاطر، يجعل رب العمل مسؤولاً عن إجراء هذه التدابير بشكل دوري تفادياً لتحمل المسؤولية الناتجة عن وقوع بعض العاملين في فخ الإجهاد العقلي، والذي يستلزم توقفهم عن العمل ريثما تتم معالجتهم وتغيير الظروف المسببة لهذا الضغط. 

إن طريقة التقييم الواجب اتباعها لم تحدد بشكل قطعي في نص القانون، ولكن من الموصى به أن يقوم صاحب العمل في ألمانيا بإجراء التقييم بمساعدة أخصائي السلامة المهنية وطبيب الشركة، وباستخدام نماذج وأدوات معتمدة من قبل مختصين، وتوجد عدة أدوات برمجية يمكن من خلالها تقييم الظروف المتوفرة في بيئة العمل وإعطاء نصائح لتغيير ما يلزم.
إحصائياً مايزال تطبيق هذا القانون لا يلقى التجاوب المطلوب من الشركات، ولايتعدى تطبيقه الفعلي 20% من إجمالي الشركات في ألمانيا.

اقرأ/ي أيضاً:

النظام الصحي النفسي في ألمانيا.. أين تتجه ومن تستشير وكيف تحصل على الخدمات النفسية
الصحة النفسية ومشكلاتها ما بين حدود السواء والاضطراب والمرض

التحقيق في مقتل المدرس الفرنسي: توجيه اتهامات لأربعة تلاميذ إضافيين في القضية

التحقيق في مقتل المدرس الفرنسي: توجيه اتهامات لأربعة تلاميذ إضافيين في القضية

طفرات النمو عند الأطفال

طفرات النمو: هكذا يكبر أطفالكم دون أن تلاحظوا..