in

شخصية العدد 54: سيلفيا فون هاردن.. وجهٌ للوحة وتاريخ

سيلفيا فون هاردن
سيلفيا فون هاردن

سيلفيا فون هاردن صحفية وكاتبة قصة قصيرة وشاعرة ألمانية من هامبورغ (1894-1963)، اسمها الحقيقي سيلفيا فون هالي، كتبت للعديد من الصحف في ألمانيا وإنكلترا. اشتهرت عالمياً بفضل لوحة شهيرة للفنان أوتو ديكس بعنوان “صورة الصحفية سيلفيا فون هاردن، 1926”.

جسدت اللوحة صورةً مثيرة للجدل لـ”المرأة الجديدة Neue Frau” التي ظهرت بين الحربين العالميتين، تبدو فيها سيلفيا فون هاردن بشعر متعرج قصير، جالسةً على طاولة مقهى وفي يدها سيجارة وأمامها كوكتيل. وفي حين أنها تبدو كرسوم كاريكاتورية لـ “المرأة الجديدة” إلا أنها تحمل أيضاً تشابهاً غريباً مع واقع هاردن، الشاعرة والصحفية ذائعة الصيت في تلك الأيام. ولكن الأهم من ذلك هو المظهر شبه الرجولي للمرأة، امرأة متحررة بشعرٍ قصير، تدخن في الأماكن العامة وترتدي فستاناً منقوشاً يتماشى مع جسدها الخالي من الاستدارات.

كانت سيلفيا فون هاردن تبلغ من العمر 32 عاماً في الوقت الذي رسم أوتو ديكس صورتها، وفي عام 1959 كتبت فون هاردن مقالاً بعنوان (ذكرى مع أوتو ديكس) حكت فيه عن قصة الصورة. لقد قابلها ديكس في الشارع، وصاح: “يجب أن أرسمكِ..” حيث اعتبر أن صورتها تمثل حقبةً بأكملها، حقبة لا تهتم بجمال المرأة الخارجي فقط بل بحالتها النفسية.” تعتبر تلك اللوحة من الأعمال الفنية التي تصور بشجاعة الحياة بكل تناقضاتها الباهتة والمثيرة للقلق.

عندما رسم ديكس هذه الصورة في عام 1927، صوّر جانباً من المجتمع الألماني فضل الكثيرون التغاضي عنه: شخصية بوهيمية مذهلة، مثقفة أنثى، وامرأة جديدة تمثل خطابات جديدة حول الجنس والمساواة والمجتمع المتمدن الواسع. في حقبة مشحونة بالقلق والغموض هي فترة جمهورية فايمار التي كانت برأي ديكس أرضاً لبذور خبيثة جعلت الكثير من الناس تختار الانضمام لحركات متطرفة كالحركة النازية.

المرأة الجديدة

ومن لوحة سيلفيا ننتقل إلى الحركة النسوية التي دعيت بـ”المرأة الجديدة”، وهي امرأة شابة بشعر قصير وفستان قصير وسجائر، تعمل في مكان مجاور للرجل –ولم تصل بعد لمكانته- لكنها قادرة على إعالة نفسها ولها صوتها الخاص، تسعى لأن تستقل اقتصادياً وجنسياً، وتقضي فراغها في الذهاب إلى السينما أو الرقص. وفي تلك المرحلة كانت هذه الصورة على سذاجتها ثورةً على صورة المرأة التابعة لزوجها والمؤمنة بدورها الأمومي، الذي حدده لها المجتمع ودورها الجنسي الذي رسمته لها الكنيسة.

لم تكن “المرأة الجديدة” مجرد ظاهرة إعلامية وتجارية للطبقة الوسطى، في أنحاء جمهورية فايمر فحسب، بل أصبحت قضية الحداثة النسائية والسياسات ذات الصلة موضوعاً سياسياً مهماً لجميع الأحزاب بما في ذلك الحزب الشيوعي (KPD) والحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD) والحزب الاشتراكي الوطني أو النازي (NSDAP). 

لنفهم حجم الهزة التي صنعتها هذه المرأة نتطلع إلى الحقبة التي تلت جمهورية فايمر، حيث سعت مؤسسات الإعلام النازية كما سعت البروباغاندا الشيوعية لتقزيم هذه المرأة ووضعها داخل إطار ضيق يحيط بها الكثير من الشك في ولائها للقضية أو إيمانها بدورها المجتمعي والإنساني. محاولة من هذه القوى لتطويع المرأة الجديدة لا لكي تدخل فقط قي منظومتهم السياسية بل كذلك لتكون محركاً من محركات العجلة الاجتماعية كما رأوها.

للاطلاع على شخصيات الأعداد السابقة:

شخصية العدد 53: الرسام الألماني أوتو ديكس وتهمة (الفن المنحل)
شخصية العدد 52: كاتب الأسفلت برونو ألفريد دوبلن وروايته “برلين، ساحة ألكسندر”
شخصية العدد 50: الفنانة فريدا كاهلو 

.

إلغاء إجراء دبلن

إلغاء إجراء دبلن.. المفوضية الأوروبية تعلن عن نظام أوروبي جديد لإدارة الهجرة

الفنان السوري مروان قصاب باشي

بيوغرافي فنان العدد: الفنان السوري مروان قصاب باشي