in

شخصية العدد 46: فاطمة المرنيسي.. تطهير النص الديني من مغالطات المنافقين

ولدت الكاتبة والباحثة المغربية “فاطمة المرنيسي” في مدينة فاس بالمغرب العام 1940 لأسرة مسلمة متدينة، وقد أصرّ والدها على تعليمها في واحدة من أوائل المدارس العربية الخاصة التي أُنشئت آنذاك في المغرب، حرصاً منه على عدم تعلّم ابنته في المدارس الفرنسية باعتبارها مدارس مستعمر.

الأمر الذي جعل “فاطمة المرنيسي” لاحقاً تفكّك الفقه والتراث الإسلامي من رحم الدين، وتفنّد ما رأته من إشكاليات ومطبّات في التراث الإسلامي بدون أي عداء إيديولوجي مسبق للدين. فعلى سبيل المثال دافعت المرنيسي عن موقف الإسلام من المرأة، لكنها رأت أن أصل العلة هو في وعي المسلمين التقليدي. كما كانت تنظر إلى الحجاب كمفهوم ووسيلة لإيذاء المرأة وتحجيمها اعتمده المنافقون في الإسلام.

درست “فاطمة المرنيسي” العلوم السياسية بجامعة السوربون بباريس، وحصلت على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع بجامعة برانديس كنتاكي الأميركية.

ثم عادت إلى المغرب لتدّرس علم الاجتماع في جامعة محمد الخامس في العاصمة الرباط. كتبت بالفرنسية والإنكليزية ما يزيد عن الخمسة عشر كتاباً، معظمها تُرجم إلى العربية، منها: “ما وراء الحجاب: الجنس كهندسة اجتماعية 1987″، “الحريم السياسي: النبي والنساء1987″، “سلطانات منسيات: نساء رئيسات دول في الإسلام 1990″، “شهرزاد ترحل إلى الغرب”، “الإسلام والديمقراطية 1992″، “طفولة في الحريم” و”هل أنتم محصّنون ضد الحريم 1998″ وغيرها.. وقد كانت كتاباتها، بالإضافة إلى الجرعة النقدية العالية والتعمّق في التاريخ الإسلامي والفقهي والثقافة الغنية التي كانت تتمتّع بها، أشبه بعودة إلى التاريخ الماضي لتنبش الكثير من المفاهيم الثابتة المكرّسة وتعيد بناءها برؤية معاصرة.

وقد كانت مقتنعة بأن المعضلات الإجتماعية التي تعاني منها المرأة العربية اليوم لا يمكن أن تُحلّ إلا بقراءة تفكيكية نقدية للأسس والخلفيات الثقافية التي سبّبت هذه المعاناة، ومن هنا كان منهجها القائم على ضرورة العمل على جبهتي الواقع والتراث/ الماضي والحاضر.

فاستخدمت منهجها التنويري وحججها العلمية لتطهير النص الديني الكلاسيكي مما أضيف إليه عبر الزمن من مغالطات، بطرق قائمة على البحث وتقديم الدليل من المصدر ذاته الذي اعتمده البعض لتقييد الفكر، أي القرآن والأحاديث، وقد شككت بصحة بعضها، فاعتبرت أن الشريعة هي المتهم الأول في الوضع المزري الذي عاشته وتعيشه المرأة.

فكتبت ضد تأويلات الفقهاء في “الحريم السياسي”، وكتبت ضد التهميش والتمييز الجندري التي تعاني منه المرأة في “ما وراء الحجاب”، ولكنها لم تهادن وتبرّئ الأنظمة السياسية العربية التي اعتبرتها مسؤولة كذلك عن تدهور النظم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وعن تكريس المرأة في المجتمع كسلعة أو كتابعة مملوكة مجردة من أية سلطة، وخاضعة لسلطة الذكر سواء أكان ذلك الخضوع داخل الأسرة أو خارجها.

توفيت “فاطمة المرنيسي” العام 2015 في العاصمة المغربية الرباط، بعد أن حاضرت في كثير من الجامعات والمنتديات الفكرية ونالت الكثير من الجوائز، وأسست جمعيات ونوادي ثقافية، وكانت من النساء المئة الأكثر تأثيراً في العالم، وفق تصنيف صحيفة الغارديان البريطانية لسنة 2011.

للاطلاع على شخصيات الأعداد السابقة:

شخصية العدد 45: المفكر المصري “فرج فودة”.. الكلمة التنويرية في زمن التعصّب

شخصية العدد – عزرا باوند: الدقة الشعرية، الاقتصاد، وتكثيف المعنى

شخصية العدد: جين أوستن كثافة التعقيد تحت سطح الحياة البسيطة

بعد أن قتل فتاة ألمانية طعناً بالسكين.. لاجئ أفغاني ينتحر داخل زنزانته

الرئيس الألماني يزور كنيس مدينة هاله ويدعو إلى التضامن مع المواطنين اليهود