in

شخصية العدد – فرجينيا وولف: حين تركض برأسك مواجهاً الحائط

فرجينيا وولف Virginia Woolf

في نهاية هذا الشهر آذار/ مارس ستكون الذكرى 77 لانتحار الروائية والكاتبة البريطانية “فرجينيا وولف Virginia Woolf”، وذلك حين ملأت جيوب ثوبها بالحجارة وأغرقت نفسها في نهر أوز بالقرب من مسكنها في بلدة ساكس، بعد أول قصف طال مدينة لندن في الحرب العالمية الثانية 1941.

تعتبر “وولف” من بين أشهر روائيي تيار الوعي، ذاك التيار الأدبي الذي يسرد القصص بتعاقب غير مستمر وبقفز بين الصور والأفكار عبر التدفق الداخلي للشخصية وعلى مستوى وعيها الداخلي، وهو الأسلوب نفسه الذي اتبعه بروست وجويس وفولكنر، ولكن كان لـ”فرجينيا وولف” أسلوبها وتكنيكها الخاص والمميّز مرهف الحسّ، حيث صوّرت العالم الداخلي للشخصيات بأدوات شعرية، وعمّقت الحوارات الداخلية وتحدّثت عن “المسجونين” داخل وعيهم منذ الولادة وحتى الموت، بتفسير مركّب للحالات النفسية العميقة.

ـ”وولف” كانت تدع الشيء الذي تتكلّم عنه ثابتاً، وتجعل العقل يدور حوله في حركة متقطعة، منهج أقرب إلى التحليل النفسي مع فرق واحد بينه وبين التحليل وهو أن شخصياتها الروائية كانت تحمل داخلها المشكلة والمعالج معاً.

كانت “فرجينيا” وزوجها “ليونارد وولف” عضوان مؤسسان في مجموعة “بلوم سبيري” الثقافية الشهيرة، والتي تأسست في العام 1906 وازدهر نشاطها فيما بين الحربين العالميتين. وقد عُنيت تلك المجموعة البريطانية بالفنون والآداب فشرحت وعمّمت مفاهيم الانطباعيين، وخاضت تجارب نقدية تجريبية في عالم الرواية. كما أسس الزوجان دار نشر شخصية باسم “مطبعة هوجارت”، أصبحت فيما بعد مؤسسة ثقافية مزدهرة نشرت الأعمال الأولى لـ “ت.س.إليوت” وجلبت أعمال “سيغموند فرويد” إلى إنكلترا. وفي الدار ذاتها نشر الزوج مذكرات “فرجينيا وولف” بعد وفاتها.

في كتابها “غرفة تخصّ المرء وحده” عمّقت “وولف” رؤيتها النسوية قائلة: “معظم المنجز الأدبي كتبه رجال انطلاقاً من احتياجاتهم الشخصية ومن أجل استهلاكهم الشخصي”، وفي مكان آخر من الكتاب تقول: “الرجل لا يرى المرأة إلا في أحمر العاطفة لا في أبيض الحقيقة”. فهي ترى بأن “العقل العظيم هو عقل لا يحمل نوعاً، فإذا ما تم الانصهار النوعي يغدو العقل في ذروة خصوبته ويشحذ كافة طاقاته”، فـ “العقل تام الذكورية لا ينتج ربما شيئاً أكثر من العقل تام الأنوثة”.

في مسرحيتها “بين فصول العرض” 1940 تجعل “فرجينيا وولف” الممثلين يوجهون مراياهم باتجاه الجمهور، كأنها تحاول أن تجعلهم ينظرون إلى وجوههم، ويرون عبر انعكاساتها كم أصبحت إنكلترا بشعة!

قبل أن تقرر “فرجينيا وولف” الانتحار بشهور قليلة بعثت برسالة إلى صديقتها “أوكتافيا ويلبرفورس” قائلة ما من شأنه أن يفسّر قرار الانتحار: “يباغتني مع قصف الرعد فجأة شعور حاد بعدم الجدوى التام لحياتي، هذا الشيء يشبه الركض برأسك باتجاه الحائط في نهاية حارة مسدودة”.

اقرأ أيضاً:

شخصية العدد : حنة آرنت – Johanna Arendt

شخصية العدد: فرانز كافكا – Franz Kafka

شخصية العدد: الكاتب الألماني توماس مان – Thomas Mann

شخصية العدد: غونتر غراس – Günter Grass

الهاتف الذكي في طريقه ليصبح قابلاً للطي

الوفاق يبدأ من السماء: أول رحلة طيران تجارية إلى اسرائيل في التاريخ عبر المجال السعودي