in

لا تنسَ أن تغلق الباب خلفك!

عمر إبراهيم. فنان سوري مقيم في فرنسا
لا تنسَ أن تغلق الباب خلفك! جملةٌ لطالما تكررت لدى كل خروج من مكان أو أمر ما في حياتي لتصبح أشبه بكليشيه جاهزة لكل ما أقوم به.

لا تنسَ أن تغلق الباب خلفك!
تبدأ من بيتٍ جبلي في مدينة السويداء الجنوبية التي يتصف شتاؤها بالقسوة إلى درجة أن يصبح هاجس الكل هو أن يتحلقوا حول «الصوبيا- المدفئة» التي تتحول بدورها إلى أحد أساسيات البقاء على قيد الحياة في أحد الفصول الملعونة هناك.
إغلاق الباب خلفك لا يقتصر على مظهره الفيزيائي البحت الناجم عن افتقاد الدفء، ففي فترة المراهقة يصبح إغلاق الباب خلفنا بعد كل علاقة عابرة أو قصة حب مجنونة أمراً واجباً كي تتمكن من العبور نحو غرفة حب أخرى.
اقرأ/ي أيضاً: شرفة تطل على دمشق..

كذلك بعد النزوح المتكرر (آخرها إلى فرنسا)، يصبح إغلاق الباب على عناصر الذاكرة القاسية والحنين المرّ أمراً واجباً أيضاً من أجل احتمال آلام الوحدة والمنفى، كذلك البدء بتأسيس حياةٍ جديدة في محاولةٍ للاقتراب أكثر ما يمكن من وضعٍ طبيعي ألفته يوماً، أو محاولة «إعادة تدوير» ظروفٍ راهنة وجعلها تبدو طبيعة كي تستطيع العيش والتأقلم.
في الفن، يصبح إغلاق الباب من خلفك لدى انتهائك من كل عمل ضرورياً كي تستطيع مجابهة فضاء اللوحة الأبيض الخاوي وإعادة خلق نصٍ بصري جديد يحمل دلالته بعيداً عما تركته في غرفة اللوحة السابقة طمعاً بالتفرد والتجديد. 
في اللغة، إغلاق الباب خلفك يعني أن تتناسى الكثير من طرق التفكير و”الكودات” الاجتماعية في بلدك الأم، ومن ثمّ التلعثم لإيجاد الكلمات المناسبة في حديث عادي عبر “سكايب” مع الأهل والأصدقاء.
اقرأ/ي أيضاً: العسكريفوبيا.. كوابيس ناجي في دمشق

في محطة الميترو، فإن إغلاق الباب يعني فهم كيفية التعامل مع خارطة باريس المعقدة لميترو الأنفاق، والانتقال من مكتب إداري لآخر متناسياً عن سبق إصرار وترصد كل الخيبات التي قد تمر بها والرفض اليومي الذي قد يواجهك في سبيل التأسيس لقبولٍ ما يهدئ روحك في انتظار ملف الجنسية، مما يعني أن تضيف إلى نفسك فهماً جديد لذاتك وواقعك ومحاولة جادة لفهم أن غرفة المنفى الجديدة التي دخلتها في فرنسا لا تختلف كثيراً عن غرفة المنفى حيثما عشت في سوريا، إلا ماعاذ الله أنك ربما ستصبح أكثر إنسانية قريباً بحكم الضرورة أو الأمل بالتغيير.
في الحرية، عليك تقبل خيبتك في بلاد لم تسطع أن تحتضن سكانها يوماً، فمادت بهم بينما هم للآن يحاولون التمسك بكل ما أوتوا به من قوة بأمل البدء بحياة جديدة.
في الحب، هناك شعور آخر يعوضك عن أم مفقودة تحت ركام القصف، أو بيت أصبح صورة في وسائل الإعلام، أو أب معتقل لا تعلم عنه شيء، أو ابن لم تلتقيه منذ سنوات طويلة. 
في الحلم، أن تنسى الكابوس القديم وتؤسس لرغبة بالحياة، أن تحاول إعادة فهم ما حدث على أمل التغيير، مع الأخذ بالحسبان أن رفع سقف توقعاتك قد لايحمل سوى مزيد من الخيبات.

ألمانيا: فيديو مسرب يظهر اعتداء مسعف على لاجئ سوري أمام أعين الشرطة الألمانية

ألمانيا: فيديو مسرب يظهر اعتداء مسعف على لاجئ سوري أمام أعين الشرطة الألمانية

فضيحة الكمامات في ألمانيا

فضيحة الكمامات في ألمانيا: تواصل الاستقالات من حزب ميركل وسط اتهامات بالفساد