in

افتتاحية العدد 47: مظاهرات وانتخابات.. هل يتجدّد “الربيع العربي”؟

طارق عزيزة. كاتب سوري من أسرة “أبواب”

خلال الأسابيع القليلة الماضية شهد عدد من البلدان العربية عودة هتاف “الشعب يريد إسقاط النظام” ليدوّي في الشوارع والساحات.

في مصر (أواخر أيلول/سبتمبر الفائت)، وفي العراق حيث تتصاعد التحرّكات الشعبية رغم القمع الوحشي الذي أوقع مئات الضحايا بين قتيل وجريح، فضلاً عن لبنان، انطلقت فيها جميعاً تظاهرات شعبية حاشدة تذكّر بمشاهد تعود إلى نحو عشر سنوات خلت، حين انطلقت انتفاضات وثورات “الربيع العربي”.

وتونس، حيث المهد الذي منه انطلق ذلك الربيع، كانت في الفترة نفسها على موعد مع انتخابات رئاسية جرت في أجواء من التنافس الديموقراطي الحضاري، كان مما ميّزها إجراء مناظرات متلفزة بين المرشحين للرئاسة، هي الأولى من نوعها في العالم العربي. وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات أكثر من خمسة وخمسين بالمئة من عدد الناخبين الذين يحق لهم الاقتراع، لتنتهي بفوز المرشح قيس سعيد الذي اتّخذ من عبارة “الشعب يريد” شعاراً لحملته الانتخابية، وهو كان ولج الحياة السياسية بعد الثورة التونسية التي صكّت هذا الشعار.

مظاهرات شعبية ذات أهداف سياسية ومطلبية هنا وانتخابات ديموقراطية هناك، تؤكّد أنّ المآلات الكارثيّة التي أُريد للثورات العربية أن تنتهي إليها، على نحو ما هو الحال في سوريا واليمن وليبيا، لم تقدّم “العبرة” ولا “الدرس” الذي يريد الطغاة لشعوبهم أن تتّعظ منه. فإرادة الحريّة وتوق الشعوب إلى التغيير وصناعة مستقبل أفضل أثبتت أنّها أقوى من أن تنكسر، لا سيما وأنّ أسباب الثورة وموجباتها ما زالت قائمة، بل إنها تتزايد يوماً بعد يوم.

غير أنّه من الضرورة بمكان التريّث وعدم الإفراط في التفاؤل، لأنّ المضي في السيرورة الثورية التي فجّرها شبّان وشابات الحراك الشعبي السلمي في مختلف تلك البلدان، ومواصلته حتى تحقيق الغايات المرجوّة لن يكون بالأمر السّهل، ذلك أنّ إفشال “الربيع العربي” أتى في سياق عملية مقصودة واعية ومنظّمة، أراد من وقفوا وراءها استباق أيّة إمكانيّة لإزاحتهم عن السلطة في بلدانهم أو كفّ أيديهم عن مقدّراتها، وبالتالي لن يتوانوا عن دعم الأنظمة التي تريد الثورات الشعبية إسقاطها.

لكن على الرغم من كلّ التحديات التي تعترضها، وبصرف النظر عن احتمالات نجاح هذه الموجة الثورية أو فشلها، يبقى من المؤكّد أنّها ستُضاف إلى الفصول الملحميّة التي يكتبها التاريخ في سِفر الحريّة الخالد.

افتتاحيات أعداد سابقة:

افتتاحية العدد 46: “ها قد عاد..” عن صعود حزب البديل

افتتاحية العدد 45: هي هجرةٌ أُخرى..

افتتاحية العدد 44: احتفاء بالنجاح

مؤتمر دورتموند لـ “الأطباء السوريين في ألمانيا”.. تبادل للخبرات والتجارب

ملف العدد 47: الاحتجاجات العراقية مرة أخرى.. الحقوق يقابلها الدم!