in ,

معرض “مدينتي حلب”.. أين يبدأ الحب؟

تصوير Fulvio Zanettini

تذكرت وأنا أتنقل في أرجاء حفل افتتاح  معرض “مدينتي حلب”  الذي أقيم مؤخرا  في مدينة كولن قصة لصحفي سويسري أثناء زيارته لمنطقة مدمرة في فيتنام إبان حربها الأخيرة. وقف أمام كل هذا الدمار وفي هذا الصمت كاد يصاب بالكآبة واليأس إلى أن خرج الأطفال الذين جعلوا من الدمار ملاعب ومهرجان لأغانيهم.

سألت المصورة نور كلزي التي تعرض صورها في معرض “مدينتي حلب” في كولن عن أكثر صورة أثرت فيها حين كانت تتجول في حلب المدمرة: قالت كثيرة هذه الصور، كررت سؤالي، فأجابت: صورة الأطفال الذين يلعبون بين البيوت المهدمة.. التاريخ يعيد نفسه ونحن نرى أن البشر يتفاعلون مع الحروب من سويسرا إلى سوريا بنفس الروحانية.

جانب من الحضور، تصوير Fulvio Zanettini

لا يشمل المعرض صور هذه المصورة فقط التي عاشت الأحداث أثناء التظاهرات والقصف وإنما أيضا صوراً للعديد من الفنانين.
قال منظما المعرض، جبار عبد الله وتوفيق سليمان، أن نقطة البداية كانت كتاب “مدينتي حلب” الذي ألفته مجموعة من الكتاب الألمان والعرب وصدر في عام 2011 باللغة العربية والألمانية والإنجليزية وساهم السيد سليمان في ترجمة أجزاء منه. ثم تطورت الفكرة وتم التعاون مع عدة مراكز ثقافية لإعداد الوثائق اللازمة كالصور إلى أن اكتمل المعرض بشكله الحالي بعد عام من التحضير كما قال جبار.

.

جبار عبدالله أحد المنظمين، تصوير Fulvio Zanettini

استمر المعرض من 2  وحتى 19 من شهر يوليو 2019 وإلى جانب الوثائق التي تروي قصة حلب وتاريخها العريق والدمار الذي لحق بها من قصف وبراميل النظام، تم عرض تفاصيل عن الحياة في حلب قبل الحرب البربرية : بائع فول يروي عن أيام الجمعة ووجبات الفول التي لا تنتهي، وآخر عن حمامات حلب الشهيرة ، بما في ذلك طاسة أهدتها له أمه وتحمم بها خمسين عاماً. هذه الطاسة معروضة إلى جانب الوثائق والصور. رافق المعرض أمسيات أدبية وندوات ثقافية شارك فيها كل من رباب حيدر، وداد نبي، عبده خليل، يامن حسين، محمد المطرود، ونهاد سيريس.

جانب من الحضور، تصوير Fulvio Zanettini

 كما تم عرض تفاصيل عن طبيعة الحياة في حلب قبل الحرب البربرية : بائع فول يروي عن أيام الجمعة ووجبات الفول التي لا تنتهي، وآخر تحدث عن حمامات حلب الشهيرة ، بما في ذلك طاسة حمام تحمم بها خمسون عاما واهدتها له أمه.هذه الطاسة معروضة إلى جانب الوثائق والصور.

لم تغب الموسيقى عن “مدينتي حلب” فشارك الفنان محمد ستيان عازف “الكوالة” وهي من عائلة الناي وتتميز بصوتها الأكثر عمقاً. وحدثني عن الطرب وعن السهرات الصوفية والموشحات والمقامات وحفلات صباح فخري وعن استاذه الباحث محمد قصاص واصفاً علاقته به “ ركب لي جناحات كنت أطيربها ”. كانت مساهمته ضرورية ففي هذه المدينة كانت الموسيقى والمواويل لا تغيب قبل الحرب.

الفنان محمد فتيان عازف “الكوالة”، تصوير Fulvio Zanettini

كان الذئب حاضراً في قراءات أديبين مشاركين هما رباب حيدر في نص ”أن تطبخ قلب الذئب”، ومحمد المطرود في توقيع كتابه “ آلام ذئب الجنوب”.. لا أظن أن الذئب حضر عن طريق الصدفة، فهذه الخواطر لا تأتي إلا في زمن الحرب.

بعض الأدباء ولدوا في مدينتهم حلب والبعض الآخر تحدث عن ذكرياته. محمد مثلا تذكر طريق الحافلات بين بلده القامشلي وحلب. هذا الطريق الذي طالما عاشه على الأرض التي لا يمكن تدميرها.

تصوير Fulvio Zanettini

معرض “مدينتي حلب” محطة سفر في الأراضي السورية الغالية. بالنسبة لجبار عبد الله من أهم أهداف العرض أن يكون ملتقى للسوريين لتصلهم رسالة لا بد من توصيلها : نحن هنا لسنا لاجئين فقط فحضارتنا أقدم من خمسة آلاف سنة وهي لا تقتصر على حلب وتدمر ونواعير حماة التي هدم النظام الأسدي أجزاء غالية من أحيائها في الثمانينات وعشرات المحطات الأخرى. المعرض لا يقول فقط “خبرني عن حلب”، عن قلعتها وبازارها الذي يعتبر من أهم آثار العالم الحية وعن القرار الذي صدر في عام 2015عن منظمة اليونسكو التابعة لهيئة الأمم المتحدة ومفاده أن حلب الآن على قائمة المدن الأثرية المعرضة للخطر.

نهى سلوم. صحفية سورية مقيمة في ألمانيا

اقرأ/ي أيضاً:

معرض مدينتي حلب – 5000 سنة حضارة Mein Aleppo – 5000 Jahre Stadtkultur

أطفال الزعتري في معرض “تواصل العيون” في مدينة كولن الألمانية

فنانون سوريون وعرب في معرض الفن العربي في كولونيا، من 7 إلى 22 تموز يوليو الجاري

هل هو إصلاح قانون الجنسية الألمانية أم “تصعيب” في الحصول عليها؟

بالفيديو: الروبوت الحشرة يتمكن من الطيران أخيراً!