in

في الليلة الظلماء يُفتقدُ “العظم”

صادق جلال العظم

في الحادي عشر من كانون الأول-ديسبمر فقدت الثقافة العربية علمًا بارزًا من كبار المطورين في المنظومة الفكرية العربية: المفكر السوري الكبير صادق جلال العظم، الذي وافته المنية في منفاه في برلين، عن عمر اثنين وثمانين عامًا، بعد صراع طويل مع المرض.

درس الراحل الكبير صادق جلال العظم الفلسفة في الجامعة الأميريكية ببيروت، ودرّسها فيها، ودرّس في جامعات سوريا والأردن والولايات المتحدة الأميريكية وألمانيا. كما وضع مؤلفات عديدة في الفلسفة والمجتمع والفكر العربي المعاصر.

عمل العظم على مواجهة الاستبدادين الديني والسياسي، بالفكر والنقاش والبحث العلمي، وسعى دائمًا للسير بالعقل العربي الجمعي قدمًا ليوائم الحياة المعاصرة، مقدمًا طروحات نقديّةً جريئةً، ساهمت في وضع أسس حقيقيّة للفكر النقدي التاريخي والاجتماعي، ممهدًا لفهم أعمق لبنية المجتمع العربي، والأسس الناظمة لسلوكه.

وكان الراحل الكبير من أهم الأعلام الثقافية التي أبدتْ موقفًا أخلاقيًا ينسجم وتاريخها التنويري من الربيع العربي عمومًا، والثورة السورية خصوصًا، فكان العظم من أول الداعمين لها، بل إنه كان في كل طروحاته مبشّرًا بها، وداعيًا إليها، فقد جرّد بمؤلفاته، وبأبحاثه التي امتدت طوال أكثر من خمسة عقود من العمل الدؤوب، جرّد كل أنماط الصنمية التي حكمت المجتمعات العربية دهورًا، وما إن هبّت رياح التغيير حتى كان من أوئل المناصرين لها.

ترك جلال العظم مؤلفات بالغة الأهمية أثرت المكتبة العربية منها: نقد الفكر الديني، الاستشراق والاستشراق معكوسًا، دفاعًا عن المادية والتاريخ، في الحب والحب العذري.. إضافة لعشرات المقابلات والندوات والأبحاث، التي قدمت قيمًا فكريّة وأخلاقيّة عليا، ومهدت الطريق لفلسفة عربيّة تنويرية، سنحتاجها في كل خطوة يخطوها المجتمع العربي إلى الأمام.

سيفتقد الفكر العربي القامة العظيمة الراحلة، وسيكون لغيابه بالغ الأثر في الفلسفة العربية، لاسيما في مرحلة التحولات الكبرى التي كان العظم من أوائل روادها والداعين إليها، وكم سيكون غياب عقله اللامع ذا أثر معتم عليها.

هيئة التحرير في صحيفة أبواب.

رسائل من سوريا: كم تدفع لتحصل على جثة ابنك؟

حلب المدمرة… الوجه الحقيقي للعالم