in

جائزة “السلام الدولية للأطفال”.. ينالها فتىً سوري

© JERRY LAMPEN/KIDS RIGHTS

 حاز الطفل السوري محمد الجندي البالغ من العمر ستة عشر عاماً، على جائزة “السلام الدولية للأطفال” لعام 2017، تقديراً لجهوده في مجالاتٍ تتعلق بحقوق الأطفال من اللاجئين السوريين.

واستلم الجائزة -التي تعد معادلةً لجائزة نوبل للسلام- في مدينة لاهاي الهولندية، حيث قامت ملالا يوسفزاي الحائزة على نوبل للسلام لعام 2014، بتسليمه الجائزة، وذلك مساء الرابع من كانون الأول\ديسمبر 2017.

“استطاع محمد الجندي مع أفراد عائلته أن يبني مدرسةً في أحد مخيمات لبنان، اتسعت المدرسة تدريجياً لتضمّ نحو مئتي طفلٍ لاجئ، وقام محمد بنفسه بتدريس الأطفال الرياضيات واللغة الإنكليزية، والأهم علمهم هوايته الأحب إلى قلبه؛ التصوير”

جائزة السلام الدولية للأطفال سنوياً: تُمنَحُ سنوياً للطفل الذي يساهم بشكلٍ كبير في الدفاع عن حقوق الأطفال، وتحسين أوضاع الأطفال المعرضين للخطر. وهذه الجائزة هي مبادرة من مؤسسة حقوق الأطفال “KidsRights” ويتم تسليمها من قبل الفائزين بجائزة نوبل. ويحصل الفائز على منحة دراسية، ومنصة عالمية للدفاع عن حقوق الطفل، كما يتم استثمار 100 ألف يورو، في مشاريع مرتبطة بمجال عمل الفائز.

KidsRights ©

التقت أبواب بالفتى الفائز وكان الحوار التالي:

  • كيف تصف تجربة مغادرتك لسوريا إلى لبنان والسنوات التي أمضيتها هناك، وكيف خطرت لك فكرة بدء مشروع المدرسة في المخيم؟

حياتي في سوريا الآن، هي عبارة عن فجوة في سلسلة ذكرياتي، وبالرغم من أنني أذكر كل التفاصيل، إلا أنني لا أشعر بأنها حقيقة. ومن ناحيةٍ أخرى، لا أستطيع أن أصف تجربتي في لبنان بأنها قاسية، أو حتى جميلة، لأن حياتي هناك كانت صعبة فعلاً، عانينا الكثير لنتخطى الصعوبات المادية، ولكنها صنعتني، وأنا من أنا الآن بسبب هذه التجربة. قابلت أشخاصاً غيَّروا حياتي للأبد، تعرفت على أصدقاء، وقمت بمشاريع، ما كنت سأستطيع القيام بها من قبل، والأهم من ذلك أنني أشعر بالرضا عن نفسي، بسبب ما فعلته في لبنان.

بعد سنتين من الانقطاع عن المدرسة، أحسست بأهميتها الكبيرة، ليس لأنها مكانٌ لتعلم القراءة والكتابة، وإنما هي مكان لصنع الأصدقاء، وتطوير النفس، لذلك قررنا أنا وعائلتي أن نتيح ما فقدناه للأطفال في المخيم. ولكن ومنذ بداية عملنا، لاحظنا أن المدرسة غيرت حياتنا أيضاً، وجعلتنا أفضل وأسعد. بالطبع كان الداعم الأكبر لتجربتي، ومشاريعي، هي العائلة، وكان من المستحيل أن نفتتح المدرسة، من دون التعاون والثقة، التي منحتني إياها عائلتي.

  • إلى جانب المدرسة، كنت تمارس هواية التصوير، فهل مازالت شغفك؟ وماذا عنى لك تصوير الأطفال في المخيمات، أو تعليمهم للتصوير؟

التصوير بالنسبة لي شغفٌ مستمر، ولكنني لا أمارس التصوير في الوقت الحالي، أظن أن اختلاف المكان والمواضيع، قد يغير طريقة التصوير ونوعيته.

إلا أن الأطفال في المخيمات، عاشوا تجربةً سيئة مع الصحفيين، جعلت التصوير بالنسبة إليهم مجرد طريقة لاستغلال قسوة حياتهم في المخيم. لذلك كان هدفي من تعليم الأطفال التصوير، هو مساعدتهم على إيصال قصصهم للخارج، من وجهة نظرهم الشخصية. وبالطبع الكثير من الأطفال، لا يستطيعون التعبير عن أنفسهم بالكلام، في حين يساعدهم التصوير، على التعبير عن أفكارهم، من خلال الصور.

تصوير محمد الجندي في أحد مخيمات لبنان
  • كيف تم ترشيحك للجائزة؟ وما هو الحدث الذي جعلك تحت الأضواء؟ وهل توقعت الفوز؟

تم ترشيحي للجائزة من قبل رابطة السوريين للمواطنة، الرابطة كانت على اطلاع على المشاريع التي قمت بها، ودعمت أيضاً الكثير منها. ولا أظن أنه يوجد حدث معين جعلني تحت الأضواء، فالسبب هو كثرة المشاريع التي قمت بها بهدف تعليم الأطفال، ومنها المدرسة (غرسة)، ودروس اللغة الإنكليزية في مدينة عاليه، ودروس إنكليزية متنقلة، ومشاريع تعليم التصوير للأطفال، وعدة مشاريع أخرى.

ولم أكن الوحيد، فقد تم ترشيح العديد من الأطفال السوريين للمرحلة ما قبل النهائية، ولم يكن من المتوقع أن أفوز بها، أو أظن أنني لم أفكر بالأمر كثيراً، لأنني لا أستطيع ان أعلّق أملي بشيءٍ غير مضمون.

  • أن تحمل جائزة السلام الدولية، يعني مسؤوليات كثيرة قد تغير حياتك، ما هي هذه التغيرات كما تراها الآن؟ وماذا تتوقع للمستقبل؟

التغيرات هي الاهتمام الكبير من الإعلام، وأيضاً الفرص المتاحة لي للتكلم مع أشخاص من جنسيات ومراكز مختلفة، وبالطبع مسؤولية تطوير مشاريعي. أنا لا أفكر بالمستقبل كثيراً، لأن المستقبل غير واضح ومتغير، ولكنني الآن، متأكد من أنني أملك فرصاً أكثر لتطوير المشاريع، وطبعاً لمساعدة الأطفال على إيصال أصواتهم.

  • ستكون تحت الأضواء، لقاءات وشهرة واهتمام من الكثيرين، وأجواء قد تغير من شخصيتك، كيف تستعد لهذه المواجهة؟

هدفي واضح ولن يتغير، وهو أن أجعل الناس يدركون سوءَ ما يحدث الآن في العالم، وليس فقط في سوريا، وأننا إن لم نتحرك لتغييره، سنكون مذنبين أيضاً. وأيضاً علينا أن ندرك أن عملنا مع الناس في مناطق الأزمات والنزاعات، يمنحنا الرضا عن أنفسنا، فنتطور، ونكتشف في النهاية أن هؤلاء الناس هم من يساعدوننا أيضاً.

بالنسبة للإعلام، كنت في البداية أنفر منه وأتجنبه، لكن من الصعب إيصال الرسالة التي أؤمن بها لأكبر قدرٍ ممكن دون دعمٍ إعلامي، يؤمن ثقة الناس، والأهم من ذلك ثقة الأطفال، وإيمانهم بأنفسهم.

  • أنت قصة نجاح لأطفال كثيرين، ما الذي ساعدك، ونقل تجربتك إلى النور؟ وهل تشعر أنك أصبحت مثلاً أعلى للكثير من الأطفال؟

لا أريد من أي شخص أن يعتبرني مثله الأعلى، لأن ما فعلته كان بسيطاً، ويمكن لأي شخص أن يقوم به، ولكن المطلوب هو إدراك أننا جميعاً مسؤولون، بشكلٍ ما عما يحدث مع الأطفال والناس في مناطق النزاع.

سبب نجاح مشاريعي هو رغبة الأطفال في الدراسة، وتطوير أنفسهم، وأيضاً خياري في العمل مع هؤلاء الأطفال، إضافةً إلى عدم الاعتماد على الجمعيات والحكومات ليقوموا بواجبهم في تغيير الواقع الذي نعيش فيه.

  • أنت كشاب سوري، تمكنت من النجاة من مخاطر الحرب، وتمكنت من النجاح بعيداً عن بلادك، كيف يمكن أن تكون مفيداً للبلد الآن، وفي المستقبل؟

النجاح لا يتعلق بمكان محدد، ولا أعتقد أن كل ما نفعله في الحياة، يجب بالضرورة أن يكون مهماً، ولكن من الضرورة أن نقوم به، لأننا الوحيدون القادرون على فعله. لذلك في المستقبل، سنكون كلنا مفيدين لسوريا، وكل الناس لهم دور مهم.

للأسف، ليس بوسعي أن أساعد بلادي الآن كما أتمنى، وهذا واقعٌ يجب أن أتعامل معه كل يوم، لأن ما يحدث في سوريا أكبر منا جميعاً، ولكن ما أستطيع ان أفعله، هو أن أوضح للناس من نحن، وما نستطيع تحقيقه، وأيضاً أن أقول لمن يتكلم باسم السلام، من جمعيات وحكومات، أننا نتجه باتجاه الفوضى، وليس السلام.

أثناء بناء المدرسة في مخيم اللاجئين تصوير محمد الجندي
  • أمامك فرص وخيارات كثيرة الآن، بعد الفوز بالجائزة، وربما لم يتسنَ لك الوقت بعد للتفكير، فيما يجب عليك فعله، ولكن ما أول شيء يخطر ببالك أن تدرسه، أو أي مشروع يمكن أن تستثمر فيه الفرصة التي بين يديك؟

من الممكن ان أدرس علم النفس والفلسفة. أما فيما يتعلق بالمشاريع، فأهمها بناء مدرسة جديدة، أو معهد لدعم الأطفال السوريين، الذين يدرسون في المدارس اللبنانية، لاسيما اللغة الإنكليزية. ومن المشاريع التي أفكر بها أيضاً، مشروع دمج ثقافات بين السويديين واللاجئين من جميع البلدان، وبالطبع إيصال التعليم لكل الأطفال.

  • هل كانت مغادرتك للبنان قاسية؟ وهل تشعر أنك قادر مرة أخرى على البدء في بلاد مختلفة تماماً، وبدء صداقات جديدة؟

بالطبع مغادرتي لبنان كانت قاسية، لأنني كبرت وشكلت نفسي في لبنان، ولكن فرصتي الوحيدة لأطور نفسي، وأكمل دراستي هي في الخارج، لذلك علي أن أعتاد على الحياة هنا، وبالطبع سأتمكن من تشكيل صداقات جديدة، كما فعلت في لبنان، بعد أن افترقت عن أصدقائي في سوريا.

  • (بس لو إنو) جملة عامية يكررها السوريون، يعني ماهي أمنيتك البديلة؟

كل شيء يحدث لسبب، وإذا لم نعمل لتغيير الوضع في العالم وفي سوريا، فسنكون مسؤولين عما يحدث. نحن كبشر نعيش جميعاً في عالم واحد، وواجبنا أن نغير ما يحدث، لهذا أنا لا أملك أمنية بديلة، فما يحدث لا يمكن تغييره إلا بالعمل.

حوار سعاد عباس

 

اقرأ أيضاً

نوجين مصطفى: على كرسيها المتحرك عبرت الحدود إلى مستقبل واسعٍ

بالفيديو: طفل سوري يمثل أطفال كندا في اليوم العالمي للطفولة

سورمانيا راديو عربي-ألماني وأصوات ممزوجة بالحنين

شريف أومري.. من الغناء في المظاهرات إلى موسيقى الراب

لاجئون يقودون جولات سياحية للسيّاح في برلين

بالفيديو: الطفلة التي لا تنام