in

إبراهيم الجبين، يروي ما خفي من تاريخ دمشق وأهلها في “عين الشرق”

غلاف الرواية

أبواب.

صدر حديثًا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر (بيروت/ عمان)، رواية “عين الشرق ـ هايبرثيميسيا21″، للكاتب السوري إبراهيم الجبين (المقيم في ألمانيا).

جاءت الرواية في 360 صفحة من القطع المتوسط، وهي تبدأ بعلاقة جمعت السارد مع رسام عجوز في مرسمه في التكية السليمانية في دمشق، مهووس بجمع الأشياء القديمة، كان قد عمل في الشعبة الثانية (المخابرات السورية) في الخمسينيات، وأطلق بيده رصاصة الرحمة، كما يقول، على الكثير من معارضي السلطات التي حكمت سوريا وبلاد الشام.

عن الأماكن والنخب الفكرية

تعبر شخوص رواية “عين الشرق ـ هايبرثيميسيا21″، الأزمنة المتراكمة على الأرض السورية. من أبطالها ابن تيمية سجين قلعة دمشق الأبدي، والرئيس المستبد العجوز معزولًا في غيبوبته، تركة الأمير عبد القادر الجزائري في دمشق والعالم، كاسر وعبدالله أوجلان وسلمى المكونة من خليط من روزموند بايك ومونيكا بيلوتشي، ستناي الشركسية فتاة الليل التي تعتد بجدها المدفون في أحد جوامع دمشق..

تقص الرواية قصص حبٍ وكراهية، شاعر تحول إلى بائع نحاس وشعراء آخرون ذبحهم “داعش”. مظفر النواب في أصعب أيامه في دمشق، قبل أن يتآكله الباركنسون، شاعر مولع بالتصوير الفوتوغرافي في طريقه من القامشلي إلى المنفى البعيد، حنا يعقوب القادم من ماردين في تركيا، مؤسس المدرسة السريانية الأولى في عامودا وحفيده الذي سيعرفه الجميع بعد سنوات، شاعر دمشقي بجناحين وشقيقه البعيد في بيروت وأصقاع الأرض، يوميات السجن وظلام لياليه وعلاقات المعتقلين بعضهم ببعض.

عين الشرق

يقول “الجبين” عن روايته الجديدة: “إن دمشق التي سمّاها الرومان (عين الشرق) تختزل المشرق كلّه. وفيها تدور كل القصص السرية، من اليومي البسيط، إلى المخططات الكبرى التي عادة ما تغيّر وجه المنطقة. وفي هذه الرواية، رصدتُ يوميات عشتُها في دمشق، ما بين الخيال والواقع، وربما بهما معًا، وقد لا أميز مرات، أيّ منهما هو الواقع، الخيال أم الواقع ذاته.

مبتدئًا من مدن سورية عديدة، أشخاص قدموا من ثقافات عديدة، محملين ببضائعهم الإنسانية والوحشية معًا، فاخترقوا عوالم الفكر والأدب والفنون، مغرقين المدينة في التهتك، مواصلين رجم المجتمع السوري العريض الذي اشتهر بتعدده وبساطته وتعقيده في الوقت ذاته، وهو ذاته المجتمع الذي سمّاه النظام السوري لاحقًا (البيئة الحاضنة للإرهاب)، مبررًا كل أشكال الإبادة التي طبقها على سكّانه في مدنه وأريافه”.

دمشق بين الواقع والحلم

يكاد العمل لا يخلو من مقاطع تعكس مناخ مدينة دمشق وشوارعها فنقرأ على لسان الراوي: “ما زلتُ أمشي في دمشق. الشوارع تتغير كل لحظة أمام عينيّ. تتبدل الأزمنة، تختفي مبانٍ وأخرى تعلو شاهقة، تظهر تلالٌ، وتتدفق أنهار، وتتكسر جسور، وتمتد أخرى. تشتعل حرائق، ويندفع شجر سريع النمو. أمشي الطريق من القنوات، منحدرًا نحو الحلبوني، أرصفة باعة الكتب، والجامعة القديمة، طاحون ماء هائل يرتفع في أرض منبسطة على ظهر التلة، رائحة البارود العثماني تفوح من ثكنة صارت جامعة في ما بعد، بستان مسوّر، تقف فيه الأشجار العالية، تميل مع الشمس، وتميل مع هواء بردى”.

%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%a7%d8%a6%d9%8a-%d8%a5%d8%a8%d8%b1%d8%a7%d9%87%d9%8a%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%a8%d9%8a%d9%86
ابراهيم الجبين

ونقرأ من أجواء الرواية أيضًا:

“بعض ما يحدث مع أيّ شخص من سكان الشام، يشبه الكذب، وبعضه الآخر يشبه الأحلام، في كل دقيقة تمرّ عليه، تنمو من حوله أعشاب من القصص، ونباتات تتسلق بسرعة نحو الفراغ، تلفّه وتغطّيه، ليصبح هو تفصيلًا من تفاصيلها، وليس مركزها وراويها، وحين يرويها، لا يرويها، بل يخبر عنها ما أذنت له أن يراه منها، فتضيع الحدود بين ما يعرفه هو، وما حصل في الواقع.

لكن كلّ ما يخبركم عنه أهل الشام، حقيقي، واقف على أرض اليقين، كما لو كان في وثائق قاضٍ، أو مستندات محكمة، أو صفحات روائي مهووس بجمع القصاصات الصفراء القديمة، مثلما كان ناجي يفعل، لكن ناجي يفعل هذا مع قصاصات الصحف، فلم يكن يهتم بما يكتب عنه بين الوقت والآخر، بل كان هوسه ينصبّ على ورق أصفر من نوع آخر”.

جدير بالذكر أن غلاف الرواية الذي احتوى على رسم للفنان التشكيلي السوري يوسف عبدلكي، من تصميم الشاعر والفنان الفلسطيني زهير أبو شايب.

ويُشار إلى أن العمل الروائي الأول للجبين “يوميات يهودي من دمشق” (دمشق 2007) كان قد أثار الكثير من الجدل بسبب تناوله لموضوعين اعتبرا حين صدوره من المواضيع المحرمة؛ يهود دمشق، وعلاقة قادة تنظيم القاعدة مع الأجهزة الأمنية السورية. وكان أبو القعقاع السوري أحد أبطال “يوميات يهودي من دمشق” قد اغتيل في حلب، بعد ستة أشهر من صدور الرواية، بعد أن كان مقربًا من السلطة في دمشق، وعرف عنه دوره المبكر في تصدير المجاهدين عبر الحدود السورية، وتأسيس ما بات يعرف لاحقًا باسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”.

المولف في سطور

إبراهيم الجبين شاعر وروائي وإعلامي سوري، من مواليد دمشق 1971، ويقيم حاليًا في مدينة دورتموند/ ألمانيا، يعمل محررًا في صحيفة “العرب” اللندنية.

ويشغل مدير تحرير مجلة “دمشق” (المجلة الفكرية الثقافية السورية الصادرة في لندن) 2012. وهو ينشر مقالاته في الصحف العربية منذ أواسط الثمانينات.

وكان أن شارك في إعداد وتقديم برامج حوارية، منها البرنامج الحواري “الطريق إلى دمشق”، قناة اورينت 2012ـ كما شارك في إعداد عدة أفلام وثائقية منها “أبو القعقاع السوري”، قناة الجزيرة 2015. والفيلم الوثائقي “أسامة بن لادن في سوريا” من إخراج المخرج السوري نبيل المالح. مدته ساعتان وعشر دقائق ، 2001 .

صدر له من الروايات والكتب:

رواية “يوميات يهودي من دمشق” رواية ـ دار خطوات، دمشق 2007. وقد أدخلت ضمن مراجع البحث والمناهج في قسم (الشرق أوسطيات) في جامعة لايبزيغ في ألمانيا. وكتاب “الطريق إلى الجمهورية ” من سنة 1800 ـ 1952 (الجزء الأول) ـ في التأريخ السياسي للشرق الأوسط ، (توثيق وتحليل)، دار الأعلام ومركز القرار للدراسات في الامارات العربية المتحدة،ـ بيروت 2012. و”تنفّس هواءها عني”، كتاب شعري، دار الشرق للكتب والنشر، دمشق 2010. و”البراري”، (نصوص شعرية)، الطبعة العربية الثانية، دار التكوين، دمشق 2007. و”يعبر اليم”، (نصوص شعرية)، دار الطليعة، دمشق 2004. “لغة محمد”، (دراسة في تفكيك لغة وألفاظ النبي محمد وتوثيق الأسانيد)، الشركة العربية الأوروبية، كوبنهاغن 2003. وآخر مؤلفاته: “قيامة المشرق العربي” مجموعة مقالات في الخرائط والتحولات، 2016.

الرئيس السويسري يتشدد حول هجرة الأوروبيين قبل محادثاته مع ميركل

فيلم ألماني يتناول أفضل وأسوأ ما في الألمان بشأن أزمة اللاجئين