in

مدن أوروبية أصبحت رموزاً للترحيب باللاجئين بفضل عُمداتها

رغم تعكّر المزاج العام تجاه اللاجئين في أوروبا، يؤكد عمدات مدن وبلدات أوروبية على ضرورة الالتزام بثقافة الترحيب باللاجئين ودعمهم لبناء مستقبلهم، لكن هؤلاء العمدات يتعرضون لضغوط تتجاوز إبعادهم عن مدنهم وتهديدات بقتلهم.

بعد تنامي تيار اليمين الشعبوي في أوروبا ووصول أحزاب يمينية شعبوية إلى السلطة في بعض الدول إثر أزمة اللجوء التي بدأت في عام 2015 ، تسعى حكومات أوروبية يمينية إلى “وضع حد” لسياسة استقبال اللاجئين في القارة العجوز. ماتيو سالفيني وزير الداخلية الإيطالية مثلا، مصرّ على إغلاق موانئ بلاده في وجه سفن إغاثة المهاجرين في البحر المتوسط.  ورغم سياسة سالفيني المثيرة للجدل تجاه استقبال اللاجئين ، إلا أن ذلك لم يمنع رؤساء البلديات في إيطاليا إبداء معارضتهم وتحدي قرارات الحكومة في روما. ليس ذلك فحسب، بل إن عمدات مدن أوروبية يؤكّدون على ضرورة استقبال اللاجئين وإدماجهم في المجتمع في إطار الواجب الإنساني والقيم الديمقراطية في أوروبا، مما يجعلهم يتعرّضون لضغوطات كبيرة. ومن هؤلاء العمدات:

عمدة مدينة غدانسك البولندية باول أداموفيتش

Pawel Adamowicz (picture-alliance/dpa/A. Warzawa)

عمدة مدينة غدانسك البولندية باول أداموفيتش- رجل فقد حياته بسبب مواقفه الثابتة ومن ضمنها دعم اللاجئين

مازالت بولندا تحت صدمة الطعنة المميتة التي تعرض لها باول أداموفيتش، عمدة مدينة غدانسك، الذي توفي يوم الاثنين (14 كانون الثاني/يناير 2019) بعد يوم من تعرضه للطعن على يد سجين سابق خلال حفل يعد واحداً من أكبر المناسبات الخيرية السنوية بالبلاد. ورغم أن بولندا ليست بلداً مرحباً باللاجئين، إلا أن أدموفيتش اتخذ موقفاً مختلفاً كعمدة مدينة غدانسك. ففي عام 2016 وبعد لقاء مع البابا فرانسيس، أطلق برنامجاً لإدماج اللاجئين في جميع المجالات، بما فيها التعليم والعمل والصحة. أصبح البرنامج يعرف باسم “نموذج غدانسك” لتتبعه بعض المدن البولندية الأخرى. وفي العام الماضي قال آدموفيتش لمفوضية اللاجئين إنه يتلقى رسائل كراهية، وشكا من عدم وجود تمويل كافٍ من الحكومة المركزية، إلا أنه أكد أن “قبول المزيد من اللاجئين هو سياستنا ومسؤوليتنا والمخاطرة التي نقوم بها”

ولا يتجاوز عدد سكان مدينة غدانسك 500 ألف شخص، إلا أن حوالي 25 ألف لاجئ ومهاجر يعيشون فيها، بينهم لاجئون من سوريا ورواندا، في وقت لا تمنح فيه بولندا حق اللجوء سوى لعدد ضئيل من الناس، بلغ 150 شخصاً في عام 2017، بحسب مكتب شؤون الأجانب في البلاد.

وبعد وفاة آداموفيتش، قالت ممثلة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في وسط أوروبا مونتسيرات فايكساس فايه إنه وبالرغم من تلقّيه رسائل إلكترونية فيها كراهية، وذلك بسبب موقفه المؤيد للاجئين، إلا أن ذلك “لم يضعف إيمانه بأن الاندماج- الذي يجلب معه مواهب ومهارات وألوان ولغات جديدة- يحقق ربحاً للجميع في مدينته”. وكان آدموفيتش قد كتب في تقديم نموذج إدماج اللاجئين: “نريد أن نمنح المهاجرين فرصة للحياة الكريمة هنا… نريد أن نكافح استبعادهم (من المجتمع)”.

عمدة بلدة رياتشي في إيطاليا

أصبح دومينيكو لوتشيانو، عمدة بلدة رياتشي الواقعة جنوبي إيطاليا، رمزاً للتسامح والتضامن الأوروبي مع اللاجئين، حيث فتح باب بلدته الصغيرة للاجئين بعد أن كانت تعاني من تدهور الأوضاع الاقتصادية فيها، ما أدى إلى إعادة إحياء البلدة، لتصبح نموذجاً للتعايش بين السكان المحليين والمهاجرين الذين نجحوا في تنشيط الدورة الاقتصادية لرياتشي.

لكن ومع تولي اليمين الشعبوي زمام السلطة في إيطاليا، أصبح لوتشيانو محل انتقاد وزير الداخلية اليميني المناهض للاجئين ماتيو سالفيني، وتم اتهامه بتسهيل الهجرة غير القانونية، ليقضي القضاء الإيطالي في البداية بوضعه تحت الإقامة الجبرية، ثم يتبع ذلك حكم آخر يقضي بإبعاده عن بلدته. وحتى وهو مبعد عن بلدته، يستمر لوتشيانو بنشاطاته، حيث أطلق مبادرة جديدة لإعادة إحياء مشاريع الاندماج في رياتشي، رغم الضغوطات الحكومية المستمرة.

وقال لوتشيانو أثناء إطلاق المبادرة معللاً سياسته المرحبة بالمهاجرين: ” لقد تم إنقاذ المجتمع كله، فقد كان المهاجرون يبحثون عن مكان أفضل يعيشون فيه، وحياة مختلفة بعيدة عن العنف والحرب، وعندها بدأت رياتشي في إعادة البناء ومنح الحياة لمشروع المجتمع”، وأضاف: “على الرغم من كل شيء، آمل أن أتمكن من العودة مجدداً إلى رياتشي يوماً ما”.

أندرياس هولشتاين، عمدة مدينة ألتينا الألمانية

تعرض عمدة مدينة التينا الألمانية أندرياس هولشتاين في نهاية عام 2017 لهجوم بالسكين بسبب سياسته المرحبة باللاجئين، ورغم ذلك، أكد أن الهجوم الذي تعرض له لن يثنيه أبداً عن مواصلة مساعدة الآخرين والاستمرار في ثقافة الترحيب التي ينتهجها تجاه اللاجئين في مدينته الواقعة في ولاية شمال الراين-ويستفاليا الألمانية.

وذكر هولشتاين في مقابلة إذاعية  أن ما دفعه لاستقبال هؤلاء اللاجئين هو إيمانه بضرورة وجود سياسة تراعي حقوق الإنسان وتضمن حقوق اللاجئين كما هو وارد في الدستور الألماني. وأضح أنه بالرغم من وجود بعض الانتقادات لسياستهم في الترحيب باللاجئين، إلا أنه أشار أن الدعم الكبير من السكان في المدينة ساهم في تطبيق هذه السياسة بشكل كبير.

وقد تم تتويج جهود هولشتاين في دعم اندماج اللاجئين بجائزتين، وهما جائزة نانسن التي تمنحها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، والجائزة الوطنية للاندماج في ألمانيا لعام 2017 والتي يتم منحها من قبل المستشارية الألمانية.

المصدر:مهاجر نيوز – محيي الدين حسين

 

اقرأ/ي أيضاً:

حفل “نحن أكثر” في كيمنتس: 65 ألف شخص ضد الكراهية والعنصرية

بالفيديو: رسالة ضد العنصرية وكراهية الأجانب، وجهتها اوركسترا “في دي إر”

ألمانيا، خطاب الكراهية.. ونحن

كاريكاتير العدد 37 بريشة الفنانة سارة قائد بعنوان: مقاومة

عائلة سورية تتورط بجريمة شرف في ألمانيا تنتهي بسلخ فروة رأس العشيق وطعنه حتى قارب الموت