in , ,

قانون الهجرة الجديد في ألمانيا: هل سيتمكن من سد نقص العمالة أم أنه تخبط آخر للحكومة؟

العمالة المتخصصة في ألمانيا: أكثر من نصف الشركات تعاني من نقص العمال المهرة
العمالة المتخصصة في ألمانيا: أكثر من نصف الشركات تعاني من نقص العمال المهرة

وضعت ألمانيا خطة “مبدئية” لقانون الهجرة الجديد لغرض سد النقص الكبير لديها في العمال المؤهلين، لكن ما الذي سيترتب على القانون المقترح؟ وبما يختلف عن قوانين الهجرة في باقي الدول؟

تأتي ألمانيا في المرتبة الأولى على الصعيد العالمي من حيث قوة جواز السفر الخاص بها، حيث يستطيع الشخص الذي يحمل جواز سفر ألماني أن يسافر إلى 176 دولةً، دون الحاجة إلى الحصول على تأشيرة سفر أو (فيزا).

وتختلف طريقة الحصول على الجنسية الألمانية باختلاف نوع الإقامة التي يحملها مقدم طلب الجنسية. وقد يتطلب الأمر الحصول أولاً على الإقامة الدائمة، ومن ثم الحصول على الجنسية. وبالنسبة للاجئين السوريين الذين وصل بعضهم مع بداية 2012، وربما قبل ذلك، أصبح موضوع التقديم للجنسية هاجساً، وهم بحاجة لمعلومات دقيقة، بعيداً عن الشائعات والمعلومات المغلوطة.

تستعد الحكومة الألمانية لسن قانونٍ جديد للهجرة، يهدف إلى جلب المزيد من العمال المؤهلين والمدربين إلى ألمانيا، لكن على ما يبدو، فإن هذا القانون القائم على نظام “النقاط” يقابل بالرفض، علماً أنه النظام المعمول به في دولٍ أخرى، ويعني احتساب “نقاط” معينة أثناء التقدم بطلب الفيزا، بحسب مهارات كل شخص، ما يعطي الأولوية لأشخاص على حساب آخرين بحسب نقاطهم، وفق معاير تحدد بالقانون.

وتعترف ورقة “النقاط الأساسية” الجديدة، بحسب خبراء، بأن انخفاض معدلات البطالة وارتفاع نسبة الكبار بالسن في ألمانيا، جعل الشركات تعاني من أجل الحصول على أشخاص مؤهلين للعمل في بعض الوظائف، كما أن خلق المزيد من فرص العمل لمواطني الاتحاد الأوروبي الآخرين، لم يستطع سد هذا النقص، لذلك على ألمانيا أن تلجأ إلى جذب “عمال متخصصين ومؤهلين من دول ثالثة”، أي دول خارج الاتحاد الأوروبي.

الورقة التي أعدتها وزارة الداخلية والتي وافقت على العديد من نقاطها وزارات العمل والاقتصاد، ستُقدم إلى حكومة المستشارة أنغيلا ميركل في (29 آب/ أغسطس) الجاري، بينما تشير الورقة التي ستقدم إلى أن وزارة الداخلية الألمانية وعلى رأسها الوزير هورست سيهوفر، زعيم الحزب المسيحي المحافظ “CSU”، مصرة على عدم دمج “الهجرة بنظام الضمان الاجتماعي في ألمانيا”.

“نظام النقاط” ليس “نظام نقاط” بالفعل!

لا تُعرّف الورقة المقدمة من الحكومة نظام الهجرة الجديد على أنه “نظام قائم على النقاط”، كما هو الحال في المملكة المتحدة وكندا وأستراليا وغيرها، فالقانون الجديد سيقبل المهاجرين بحسب مستوى تعليمهم أو المبالغ التي يملكونها، أو إتقانهم اللغة الألمانية وعروض العمل الحالية وعوامل أخرى، فإذا ما استوفوا حدًا معينًا للدخول، يتم قبولهم في البلد.

سبق أن اقترح الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD) نظام نقاط في عام 2016، كما فضلته أحزاب يسار الوسط الأخرى في ألمانيا، وتشير النقاط الواردة في الوثيقة الجديدة إلى أن الأشخاص سيتم اختيارهم وفق معايير ستجعل من القانون الجديد “نظام نقاط” فعال.

ولكن برأي الباحث في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، توماس ليبيج، فإن “الشيطان يكمن في التفاصيل”، ويقول “لديّ بعض الأسئلة حول كيفية تطبيق هذه المعايير، لست متأكدا كيف سيكون لديهم معايير مختلفة بدون حساب نقاط واضح، فإذا كنت ترغب في مقايضة المعايير المختلفة، فأنت بحاجة إلى “نظام نقاط”، بطريقة أو بأخرى، هذه هي الآلية التي تعمل عليها أنظمة النقاط”.

ألمانيا تفتقر إلى البنائين والممرضات المهرة

يعتبر قانون الهجرة الألماني الحالي أسهل قوانين الهجرة في العالم خاصةً لمن لديهم مستوى تعليم عالي، فمن السهل “الانتقال من كندا إلى ألمانيا على سبيل المثال” يقول ليبيج، ويتابع “بحسب القانون الحالي، يكفي أن تكون لديك مؤهلات علمية جيدة، وعرض عمل فقط، فإنت لست بحاجة لتحدث الألمانية حتى”.

كما أن القانون الألماني يمنح تأشيرة لمن لديهم مؤهلات علمية كبيرة، حتى من دون الحصول على عرض عمل، إذ يمنحهم ما يسمى “تأشيرة بحث عن عمل”، ويمكنهم دخول البلاد بدون وظيفة فعلية، ولكن ما تفتقر إليه ألمانيا هو التسهيلات لمن يطلق عليهم “ذوي المؤهلات المتوسطة المستوى”، كالممرضات، ومقدمي الرعاية، ومساعدي روضة الأطفال، والحرفيين مثل الكهربائيين أو النجارين، أي كل وظيفة تتطلب مؤهلًا مهنيًا لا علميًا، وهذه الوظائف تشكل ما يقارب “60 بالمئة من حاجة سوق العمل الألمانية”، بحسب ليبيج.

عدم القدرة على جلب مثل هذه الخبرات من بلدان مختلفة، أو عدم الاعتراف بوجود خبرة لدى الأشخاص القادمين من بعض الدول، شكل “عقبة” في الحصول على أشخاص مؤهلين في بعض القطاعات، لذا فإن الورقة الجديدة المقدمة من الحكومة تعتبر طريقة لسد هذه الثغرة و”مفتاح النجاح لخلق تكامل في سوق العمل بألمانيا”.

لكن ما يبقى غير واضح في الورقة، هو ما هي الشروط الأخرى المطلوبة: ما هو مستوى اللغة الألمانية الذي يجب أن يكون لدى المهاجر المحتمل؟ هل يجب أن يكون هناك عرض عمل من قبل شركة ألمانية، وما هي الوظائف التي سيتم اعتبارها بالضبط كمهارات متوسطة؟

تأشيرات على غرار إسكندنافيا                                                    

يبدو أن الحكومة الألمانية تفكر في الوقت الحاضر في إنشاء “تأشيرة بحث عن عمل” للوظائف ذات المهارات المتوسطة، وهذا النوع من التأشيرات أثبت فعاليته في الدنمارك، لكن هذه الخطوة لم يتم تجربتها في ألمانيا من قبل، وهذا سيعتمد على ما إذا كان أصحاب العمل الألمان مستعدون للمخاطرة وتوظيف الأشخاص الذين لديهم “تأشيرة بحث عن عمل”.

ووفقًا لليبيج “سيكون هذا سؤالًا كبيراً”، مشيرًا إلى أن “العديد من الشركات الألمانية مترددة في توظيف أشخاص من الخارج، لقد سألنا أصحاب العمل الألمان، (هل أنت مهتم بتوظيف أشخاص من الخارج؟) فكانت الإجابة: لا سبيل إلى ذلك”.

وأضاف الباحث في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) “في الوقت الحالي، يبدو أنهم يقدمون قانوناً من شقين: هناك أشخاص يأتون، يبحثون عن وظيفة، ثم نعترف بهم إذا وجدوا وظيفة”.

شددت فرنسا مؤخراً قانون الهجرة الخاص بها لتسهيل اجتذاب الأشخاص ذوي مستوى التعليم العالي أو المهارات الاستثنائية، ويهدف جزء من القانون الجديد إلى تخفيف البيروقراطية، ففي حالة فرنسا، ينطبق هذا القانون بشكل خاص على المديرين التنفيذيين للشركات متعددة الجنسيات الذين يكسبون أكثر من 5000 يورو شهريًا، والعلماء، والأشخاص في صناعة الترفيه، والعاملين الموسميين، والمهن المنظمة، بينما تتبع السويد سياسة أكثر ليبرالية، حيث “يمكنك أن تأتي أساساً لأي وظيفة”، ومن هذا تعتبر فرنسا مغلقة تماماً، والسويد منفتحة، وتقع ألمانيا في مكانٍ ما بينهما!

المصدر: مهاجر نيوز – بِن نايت/ راما الجرمقاني

افتتاحية العدد 33 من أبواب: تبادل ثقافي أم حرب مضمرة؟!

ميركل ووزراؤها في أزمة مواصلات جوية.. والحل طائرة مستعملة