in ,

ألمانيا – إدارة الهجرة والأجانب.. كابوس الطلبة العرب

رضوان المهدوي.

 

فيما تفتح ألمانيا سنويًّا أبوابها أمام اللاجئين في إطار ما يعرف “بثقافة الترحيب”، يعيش الكثير من الطلبة العرب في ألمانيا صعوبات مع مصلحة الأجانب، من أجل تمديد فترة إقامتهم. فما هي تفاصيل هذه المتاعب؟

يواجه العديد من الطلبة العرب في الجامعات الألمانية متاعب جمة أثناء فترة الدراسة، تتعلق بالأساس بضرورة تعلم اللغة الألمانية بسرعة، وكذلك طبيعة الحياة داخل المجتمع الألماني المختلفة عن تلك التي هي في مجتمعاتهم الأصلية. إلا أنه يُلاحظ في الآونة الأخيرة أن مستوى هذه الصعوبات بالنسبة للطلبة العرب أخد شكلاً آخر، يتمثل بالتحديد في تمديد أوراق الإقامة لدى مصلحة الأجانب، ما يؤثر على نفسيتهم وكذلك على أدائهم الدراسي.

حلمي في خطر!

محمد أمين جلال (22 عامًا) طالب قادم من مدينة مكناس المغربية، بعد حصوله على شهادة البكالوريا، درس علوم الحاسوب التي حصل فيها على دبلوم، وأثناء مدة التكوين التي استمرت سنتين في المغرب، سمع الكثير عن  الدراسة في ألمانيا. يقول محمد أمين في حواره مع DW عربية “مراكز التكوين في المغرب تعطي صورة إيجابية عن الدراسة في ألمانيا، بالإضافة إلى أن الرسوم الدراسية منخفضة كثيرًا بالمقارنة مع دول أخرى ككندا، وهذا ما يجعل الدراسة في ألمانيا في المتناول.

الطالب المغربي محمد أمين جلال

وبدأت قصة محمد أمين في ألمانيا عام 2015،  حيث حط الرحال بمدينة ارلنغن في ولاية بافاريا جنوب البلاد، وبعدها بفترة وجيزة اجتاز امتحان اللغة التمهيدي الذي يسمح له بدراسة اللغة الألمانية لمدة تصل إلى أربعة أشهر، يجتاز بعدها الامتحان النهائي، لكن محمد أمين فشل في اجتياز الامتحان ثلاث مرات ما جعله يرى أن اللغة الألمانية صعبة بل “وتتطلب وقتا طويلا لإجادتها”، لكنه نجح في الأخير في الحصول على دبلوم اللغة.

إلا أن هذه الصعوبة ستقابلها أخرى أكبر منها وقد تهدد بشكل كبير من فرصة بقائه على التراب الألماني. وعن سبب ذلك يقول: “قبل شهر توجهت  إلى مصلحة الأجانب من أجل تمديد إقامتي، إلا أنني أُخبرت أنه  يتحتم علي أن أمدهم  بشهادة قبول من الجامعة قبل 31 من مايو/ أيار، وإلا فإنني مجبر على مغادرة ألمانيا بعد استنفاذ مدة بقائي القانونية”. مدة حددها القانون الألماني الخاص بالطلبة الأجانب في 18 شهرًا، يجب خلالها الحصول على شهادة في اللغة ثم شهادة قبول من الجامعة.

خبر مصلحة الأجانب نزل كالصاعقة على محمد أمين، إذ أن مستقبله بات مُهددًا. ويقول الطالب المغربي “منذ سماعي للخبر وأنا لا أستطيع النوم، أفكر في ما سيحدث لي، لأن المسألة مرتبطة بمستقبلي وحلمي، لقد بذلت جهدًا ووقتًا كبيرًا من أجل تعلم اللغة، فكيف سأعود إلى بلدي الآن؟”. ويضيف:” ذهبت إلى مصلحة الأجانب مرة ثانية وحاولت أن أشرح لهم أن شهادة القبول من الجامعة تتطلب وقتًا طويلاً، غير أن جواب مصلحة الأجانب كان نفسه. ثم توجهت إلى المحامي الذي شرحت له القضية، لكنني توقفت عن ذلك بعد ثاني زيارة له.

ويأمل الطالب المغربي أن تجد مشكلته الطريق إلى الحل خصوصًا وأن ضغط الوقت يزداد، وفرص بقائه تتضاءل. يقول محمد أمين “زرت الجامعة مؤخرًا وشرحت لهم حيثيات الموضوع، وقد أبدوا تفهمًا لوضعي. أتمنى أن أحصل على  شهادة القبول من الجامعة في الأيام القادمة، فمهما حصل لن أستسلم“.

تغيرت الأمور بعد عملية الدهس في برلين

الطالب التونسي خالد كحولي

من جنوب ألمانيا إلى العاصمة برلين حيث يتابع الطالب التونسي، والناشط في هيئة مجتمع مدني بألمانيا، خالد كحولي “30 عامًا”، دراسته في السنة الأولى ماجستير تخصص علوم الإعلاميات. قدم خالد إلى ألمانيا قبل ثلاث سنوات بعد أن سمع الكثير عن نظامها التعليمي “الجيد جدًا” ما جعله يتطلع إلى “اكتشاف عالم جديد ولغة جديدة”.

يقول الطالب التونسي في حواره مع DW عربية عن أول لقاء له مع مصلحة الأجانب “جددت إقامتي لأول مرة في مدينة بون، لقد مرت الأمور بطريقة عادية ومن دون مشاكل”. لكن هذا الوضع تغير بعد عملية الدهس التي شهدتها برلين نهاية السنة الماضية. إذ واجه خالد صعوبات مع مصلحة أجانب برلين، المدينة التي انتقل إليها قادمًا من بون لمتابعة الدراسة. وعن هذه الصعوبات يقول خالد” كان لدي موعد مع مصلحة الأجانب، وصادف أنه أتى مباشرة بعد حادثة الدهس التي عرفتها برلين. لقد جُوبهت بحزم كبير ودققوا كثيرا في ملفي” و يضيف:” طلبوا مني تزويدهم بدخلي لثلاثة أشهر متتالية عوض دخل شهر الذي كان معمولاً به، ما دفعني إلى طلب التحدث مباشرة مع المسؤول الأول هناك“.

ويؤكد خالد أن” الأمور تغيرت بعد عملية الدهس في برلين” حيث كان معروفًا عن مصلحة الأجانب في برلين أنها “متساهلة” مع الطلبة الأجانب. ويضيف :”أصبح هناك تشدد مع الطلبة القادمين من البلدان المغاربية أي المغرب، الجزائر، تونس، بل وأصبحنا موضع شك. أعرف الكثير من الطلبة المغاربيين الذين لديهم الآن مشاكل عديدة لدى مصلحة الأجانب“.

ويرغب خالد في وضع تسهيلات أمام الطلبة العرب، مؤكدًا أن “الطالب يجب أن يحظى بوضع خاص. وباعتباره من النخبة فلابد للسلطات الألمانية أن تمنحه تسهيلات تجنبه الضغوط التي تؤثر على مستوى تحصيله العلمي، وتجنبه السقوط في متاهات البيروقراطية”.

عصرنة مصلحة الأجانب

سعيد رزق خبير في شؤون الاندماج

لكشف أسباب الصعوبات التي يواجها الطلبة العرب الذين يدرسون في ألمانيا مع مصلحة الأجانب تحدث سعيد رزق، الصحفي الألماني والخبير في شؤون الاندماج، في حواره مع DW عربية عن وجود عوامل قانونية، وأخرى شخصية مرتبطة بالأساس بالعاملين في مصلحة الأجانب، “فالوضع القانوني معقد نسبيًا، وهذا ما ينعكس على سلوك العاملين في مصلحة الأجانب في تعاملهم مع الطلبة الأجانب، فحتى الماضي القريب سادت ثقافة الانغلاق لدى مصلحة الأجانب بهدف إبقاء عدد المهاجرين منخفضًا قدر الإمكان”، لكن المتحدث يشير إلى أن السياسة الألمانية بشكل عام تحاول” بنشاط” الحفاظ على “أبرز الكفاءات” الأجنبية التي تدرس في البلاد، غير أن ذلك لن يتحقق إلا “بتغيير عقلية بعض العاملين في مصلحة الأجانب، الأمر الذي سيتطلب وقتًا“.

ويرى سعيد رزق أن هذا الوضع ينعكس بالتأكيد على التحصيل الدراسي لهؤلاء الطلبة الأجانب، “فغياب الضمان القانوني يُصعب في جميع الأحوال الظروف الدراسية وُيدخل الطالب في دوامة من القلق والخوف”. ولتجاوز هذا الوضع يقترح رزق ” تقليص الصعوبات القانونية وعصرنة مصلحة الأجانب” ما سيساهم في تجاوز العقبات البيروقراطية، ويُطور من ثقافة الترحيب حسب ما يشير الخبير.

المصدر: دويتشه فيليه.

مؤسسات ألمانية تطلق مبادرة لـ”الاندماج الثقافي” في ألمانيا

دعوة “للفضفضة” ولحكايا القلوب في الموسم العربي