in

العراق وسوريا تحت خطر الفوسفور الأبيض الأمريكي

قالت “هيومن رايتس ووتش” أمس إن استخدام الفوسفور الأبيض بالضربات المدفعية من قبَل التحالف بقيادة الولايات المتحدة (التحالف)، الذي يقاتل تنظيم “الدولة الإسلامية” (المعروف أيضا بـ “داعش”) في سوريا والعراق، يثير أسئلة خطيرة حول حماية المدنيين.

إذ – بحسب المنظمة – يجب عدم استخدام هذه الذخيرة المتعددة الاستعمالات كسلاح حارق لمهاجمة أشخاص أو معدات في مناطق مأهولة، حتى لو كان الهجوم أرضيًا. وقال ستيف غوس، مدير قسم الأسلحة في هيومن رايتس ووتش: “لا يهم كيفية استخدام الفوسفور الأبيض، فإنه يشكل خطر ضرر مرعب وطويل الأمد في المدن المأهولة مثل الرقة والموصل، أو أي منطقة أخرى مكتظة بالسكان. على قوات التحالف اتخاذ كل التدابير الممكنة لتقليل الضرر على المدنيين عند استخدام الفوسفور الأبيض في العراق وسوريا”.

يمكن استخدام الفوسفور الأبيض لعدة أهداف في ساحة المعركة: كستار دخاني، لإرسال إشارات ووضع علامات، وكسلاح حارق. تستخدم القوات الأمريكية الفوسفور الأبيض في الموصل، العراق، وفي الرقة معقل داعش في سوريا. لكن سبب استخدام قوات التحالف غير واضح، بينما لا يعلق التحالف على حوادث معينة.

لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد باستقلالية إذا أدى استخدام الذخائر إلى إصابات بين المدنيين. قال أحد سكان الرقة الذي يعيش في بيروت لـ “نيويورك تايمز” إن أحد مقاهي الإنترنت في الرقة استُهدِف مؤخرًا بالفوسفور الأبيض، ما أدى إلى مقتل 200 شخصًا.

في سوريا، يُظهِر فيديو نُشر على “فيسبوك” في 8 يوليو/تموز 2017 على أنه صوِّر في نفس اليوم في الرقة، استخدام قذائف مدفعية أرضية تحتوي على الفوسفور الأبيض المميزة عند انفجارها في الهواء. ويزعم فيديو آخر نشرته “وكالة أعماق الإخبارية“، منفذ إخباري مرتبط بداعش، أنه يُظهِر نفس الحادث مع نيران على الأرض أشعلها الفوسفور الأبيض، لكن لا يمكن تحديد صحته. ويشير فيديو نُشِر في 10 يونيو/حزيران إلى استخدام جديد للفوسفور الأبيض في 9 حزيران\يونيو.

في بدايات 2017، انتشرت مدفعية مشاة البحرية الأمريكي (المارينز) في سوريا دعمًا لعملية استعادة الرقة التي تشارك فيها “قوات سوريا الديمقراطية”. نشرت الـ “واشنطن بوست” صورًا لوحدة المارينز المجهزة بقذائف الفوسفور الأبيض، بالإضافة إلى صور مشابهة تُظهِر قذائف فوسفور أبيض بحوزة الجيش الأمريكي عند تخوم الموصل. أعلنت قوات سوريا الديمقراطية هجوم استعادة الرقة من داعش في 6 حزيران\يونيو. لا يمكن تحديد سبب استخدام الفوسفور الأبيض من الفيديوهات التي تُظهِر استخدامه بُعَيد الغروب.

يُظهر فيديو صُوِّر في الموصل، العراق في 3 يونيو/حزيران، أيضًا استخدام قذائف أرضية تحتوي على الفوسفور الأبيض. كما يبدو الدخان المتصاعد من النيران الأرضية واضحا في الفيديو، لكن ليس واضحًا إن كان سببه الفوسفور الأبيض أو شيئًا آخر. منذ منتصف شباط\فبراير، تنخرط القوات العراقية مدعومة من التحالف في هجوم لاستعادة غرب الموصل المكتظ بالسكان.

سبب استخدام الفوسفور الأبيض غير واضح، لكن قوات الأمن العراقية أعلنت في 4 حزيران\يونيو أنه استُخدِم لخلق حاجب دخاني. حسب تعليق للتحالف لوسائل الإعلام حصلت عليه هيومن رايتس ووتش: “لدى حماية المدنيين الفارّين من المستشفى الجمهوري، استخدم التحالف الدخان والذخائر الدقيقة لصدّ الأعداء وتأمين الغطاء للمدنيين الفارّين. استخدم التحالف بالاشتراك مع قوات الأمن العراقية الذخائر الملائمة لصد قناصة داعش والتعتيم عليهم ليتمكن المدنيون من الوصول إلى قوات صديقة”.

في الرقة والموصل، تستخدم قوات التحالف قذائف مدفعية 155 مليمتر طراز “إم-825” (M825) الأمريكية الصنع تحتوي على 116 إسفينًا مشبعة بالفوسفور الأبيض، الذي يشتعل ويستمر بالاحتراق عند تعرضه للهواء. هذا الطراز الوحيد من قذائف الفوسفور الأبيض بحوزة الولايات المتحدة من عيار 155 مليمتر الذي ينفجر في الهواء. ليس من المعلوم أن قوات داعش أو الحكومة السورية تملك أو استخدمت هذه الذخائر أمريكية الصنع.

يعلن التحالف أن سياسته تقضي بعدم نقاش استخدام ذخائر معينة، لكنه يعترف باستخدام الفوسفور الأبيض في عملياته في العراق وسوريا. الكولونيل الأمريكي ريان ديلون، الناطق باسم التحالف في العراق وسوريا، قال لوسائل إعلام دولية في 9 حزيران \يونيو إنه “وفقًا لقوانين النزاع المسلح، يُستخدَم الفوسفور الأبيض للحجب والتعتيم ووضع علامات بطريقة تراعي تمامًا الآثار العرضية المحتملة على المدنيين والمنشآت المدنية”.

في حادثة الموصل، انفجرت القذيفة بالقرب من الأرض، في ما يبدو أنه محاولة لتقليل الآثار. في الرقة، يبدو أن الفيديوهات تُظهر الذخائر تنفجر أعلى في الهواء، ناشرةً الفوسفور الأبيض على مساحة أوسع بكثير.

يشتعل الفوسفور الأبيض عندما يتعرض للأوكسجين في الجو ويستمر بالاشتعال حتى استهلاكه أو انقطاع الأوكسجين عنه. قد يولّد تفاعله الكيميائي حرارة عالية جدًا (815 درجة مئوية أو 1500 درجة فهرنهايت)، وضوءًا ودخانًا. بالتالي يمكن استخدام الفوسفور الأبيض لوضع علامات أو التأشير أو التعتيم، لكن يمكن استخدامه أيضًا كسلاح لإشعال النيران التي تحرق الأشخاص والأشياء.

عند الاحتكاك قد يحرق الفوسفور الأبيض الأشخاص، كيميائيًّا أو حراريًا، حتى العظام لأنه عالي الذوبان في الدهون وبالتالي في الجسد البشري. قد تفاقم شظايا الفوسفور الأبيض الجروح حتى بعد العلاج وتستطيع أن تدخل مجرى الدم وتسبب فشل عدة أعضاء. الجروح المغطاة بالضمادات قد تشتعل مجددا عند كشفها وتعرضها للأوكسجين مجددا. حتى الحروق الصغيرة نسبيا قاتلة بالعادة.

الهجمات الجوية التي تستخدم أسلحة مُحرِقة في مناطق مدنية ممنوعة بموجب البروتوكول الثالث من الاتفاقية حول الأسلحة التقليدية. في حين يحتوي البروتوكول قيودا ضعيفة على الأسلحة المحرقة الأرضية، فإن جميع الأسلحة المحرقة تسبب إصابات فظيعة. ينطبق البروتوكول الثالث على الأسلحة “المصممة أساسا” لإشعال النيران أو التسبب بحروق، بالتالي تعتقد بعض الدول أنه يستثني بعض الذخائر المتعددة الاستخدامات ذات الآثار المحرقة، تحديدا التي تحتوي على الفوسفور الأبيض.

لبنان هو الدولة الـ114 التي تصادق على البروتوكول الثالث من الاتفاقية في 5 نيسان\ أبريل 2017. العراق، روسيا، والولايات المتحدة أطراف في البروتوكول بينما سوريا لم تصادق عليه.

أفادت تقارير أن ذخائر الفوسفور الأبيض استُخدمت في 7 نزاعات على الأقل بين 2000 و2016 – أفغانستان، أوكرانيا، الصومال، العراق، غزة، لبنان واليمن. في 2016، استخدم التحالف بقيادة السعودية في اليمن ذخائر الفوسفور الأبيض المدفعية.

ليس معلومًا أن قوات الحكومة السورية استخدمت الفوسفور الأبيض ولكن هيومن رايتس ووتش وثٌّقت استخدام أسلحة تُرمى من الجو سوفياتية أو روسية الصنع في البلاد منذ 2012، وخلال عملياتها مع القوات الروسية منذ أواخر 2015. دعت هيومن رايتس ووتش مرارًا التحالف السوري-الروسي إلى إيقاف استخدامه الأسلحة المحرقة في سوريا.

قال غوس: “الضرر الرهيب الناتج عن استخدام سابق للفوسفور الأبيض أثار غضبًا عامًا، والاستخدام الأخير للفوسفور الأبيض يؤكد الحاجة الملحة للدول إلى تعزيز القانون الدولي بشأن استخدام الأسلحة الحارقة”.

المصدر موقع هيومن رايتس وتش.

ارتفاع عدد قتلى البرج اللندني المنكوب

وزير الخارجية التركي يعلن عن تضامن بلاده مع قطر