in

النحت

اللوحة للفنان شادي أبو سعدة

ميسم مليشو.

 

-1-

أنا نحاتٌ فاشل، كلما حاولت أن أنحت الهواء حول خصرك، أو درجة حرارة الغرفة عندما تبكين، أفشل.

أفشل أيضًا عندما أحاول صنع تمثال لقتيلٍ يشبهني، أو لطفلٍ يحمل اسمي مات وهو يلعب بالطين.

الطائر الذي صنعتِه قال لي: انحت سماءً معدنية واترك الباقي للوقت.

أصابع الله تحاول كل يوم أن تخترع كائنًا لا يموت برصاصة.

النحاتون قتلة بالفطرة، يظنون أن الرؤوس المقطوعة لا تعرف أن جسدًا في مكانٍ ما سيموت واقفًا، وأن الوقت منحوتةٌ خرافية لرجلٍ فقد القدرة على النطق.

 

-2-

الكلام نحت.

الكلام جسدٌ يحاول أن يتشكل عندما أراك، دمٌ يتخثر عندما تبدأ الجمل بصنع نفسها كأنها طعنة ضلت الطريق، أو رحيقٌ لا يباغت النحل ولا يوجعه.

الكلام تمثالٌ صامت يوضع في حدائق يزورها الله خلسة. كل حرفٍ خديعة، كل تأوهٍ فجوةٌ بين هوائين، كل فراغٍ محاولةٌ لالتقاء ساكنين.

ربٌ ما سيكمل يومًا هذا المشهد الناقص، وملائكته ستنفخ الأرواح في كواكب تسكنها الريح. لكي نقول نحن سكان أنفسِنا:

يا ربِّ أكمل ما بدأت، يا رب أحرق الأرض ببطء، يا ربِّ أنقذ الجائعَ من لحمه،

أنقذ الرضيع من حليب أمه، وأدخلنا فسيح حروبك، أنعم علينا بما ينعم الذئب على فرائسه،

يا رب قد ضاقت بنا الغرف والأشكال فاصنع بيوتًا لا تراها شياطينك،

وشبابيك لا تطل على غضبك، وسقوفًا لا تشبه سماءك،

وأبوابًا لا يغلقها الخارجون إلى صلاتك.. ولا يقرعها العائدون من موتك.

 

-3-

الحبُّ نحتٌ أيضًا، الحبّ نملٌ يجمع القلب ويرتبه قطعةً قطعة ليأكله في شتاءٍ بارد، الحب قطعانٌ من الفراش تغطي وجهًا يبتسم،

الحب قنبلة موقوتة توضع بين أضلاعك لتنفجر في شارعٍ يعجّ بالموتى.

كلما أحببتَ تعود إلى البيت ناقصًا، تحصي أمُّـك أعضاءك، تغسلها ثم تكويها وتجعلك ترتدي نفسك مرةً أخرى،

الأم نحاتةٌ بارعة تعيد ترتيب جسدك المبعثر، ترتق ثقوبه لتنجوَ أنت كل مرةٍ من مجزرة.

البطولة تخسر حصانها الأسود، وفرنسا تتأهل في ختام ربع النهائي

المكان و خلق الفرادة في مجموعة (أطفئوا الزيتون ليلاً)